تحولات الجولاني: استشراف للمرحلة المقبلة بناء على أهداف المشاريع التي ينتمي إليها
قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 19-12-2024
يمثّل أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، حالةً لافتة في المشهد السوري، حيث قاد تنظيمه في رحلة تحوّلٍ معقدة، انطلاقاً من أيديولوجيةٍ “جهادية” عالميةٍ، وصولاً إلى خطابٍ وطنيٍّ، براغماتيٍّ، يسعى للاندماج في العملية السياسية.
يهدف هذا التحليل المعمّق إلى تفكيك هذه التحولات، من خلال استعراضٍ دقيقٍ لخطابه، إجراءاته، ومواقفه السياسية، مع التركيز على التحديات والعقبات التي تواجهه، والسيناريوهات المحتملة لمستقبل “الهيئة” ودورها في سورية.
بناءً على تحليل النصوص والمحتوى، يمكن استخراج المواضيع الرئيسية والفرعية التالية التي تُظهر تحول الجولاني وهيئة تحرير الشام:
التحول الأيديولوجي: من الجهادية العالمية إلى الوطنية/المحلية
- فك الارتباط بتنظيم القاعدة.
- التركيز على محاربة النظام السوري.
- تبني خطاب “الثورة السورية”.
- التخلي عن مفهوم “الخلافة” والتركيز على “الدولة السورية”.
- التخفيف من حدة التكفير.
- التعاون مع فصائل أخرى من المعارضة السورية.
- محاربة تنظيم داعش.
- تبني مصطلح “الكيان السني” كإطار وطني.
- محاولة التوفيق بين الجهادية والوطنية (“جهادية المنهج، وطنية الجغرافيا”).
- التحول السياسي: من جماعة مسلحة إلى كيان سياسي يسعى للمشاركة في العملية السياسية.
- إنشاء “حكومة الإنقاذ السورية” كواجهة مدنية.
- المشاركة في مفاوضات مع جهات خارجية (تركيا، روسيا).
- إبداء الانفتاح على الحلول السياسية والتسويات.
- بناء مؤسسات الدولة وإدارة المناطق التي تسيطر عليها “الهيئة”.
- محاولة حل “هيئة تحرير الشام” وإقامة كيانات سياسية جديدة.
- التحول في الصورة: من صورة الجهادي المتطرف إلى صورة القائد السياسي المعتدل.
- تغيير المظهر والتخلي عن الزي الجهادي التقليدي.
- استخدام الاسم الحقيقي (أحمد الشرع) بدلاً من الاسم الحركي.
- إطلاق حملات علاقات عامة لتحسين صورتها.
- إظهار الاعتدال في التعامل مع السكان المحليين والأقليات.
- إرسال رسائل طمأنة للأقليات الدينية والعرقية.
- محاولة الخروج من قوائم الإرهاب.
- الظهور الإعلامي المتكرر.
- الاهتمام بالجانب الاقتصادي والخدمي.
- تدجين جامعة إدلب من خلال كوادرها ومناهجها.
- الترويج لأنشطة “الهيئة” و”حكومة الإنقاذ” كإنجازات.
هذه المواضيع تُظهر جوانب متعددة من تحول الجولاني وهيئة تحرير الشام، وتساعد على فهم استراتيجيتهما وتوجهاتهما بشكل أفضل. سنحاول مناقشتها وتحليلها ضمن ثلاث محاور.
المحور الأول: التحول الأيديولوجي – من الجهاد العالمي إلى المحلية
شهدت هيئة تحرير الشام، بقيادة الجولاني، تحولاً أيديولوجياً جذرياً، ابتداءً من تبنيها فكر “القاعدة” والجهاد العالمي، وصولاً إلى التركيز على القضية السورية، ومحاولة إقامة كيانٍ سنيٍّ ذي طابعٍ وطنيٍّ.
فك الارتباط بتنظيم القاعدة:
مثّل إعلان الجولاني فك ارتباط “جبهة النصرة” بتنظيم “القاعدة” عام 2016، نقطة تحوّلٍ حاسمةٍ في مسار التنظيم، حيث سعى من خلالها إلى التخلص من “العبء” الذي يمثّله ارتباطه بتنظيمٍ مصنّفٍ إرهابياً دولياً، وفتح المجال أمام تعاونٍ محتملٍ مع قوىً إقليميةٍ ودوليةٍ. ومع ذلك، شكّك كثيرون بصدقية هذا الانفصال، واعتبروه مناورةً تكتيكيةً، للحفاظ على وجود “الهيئة” ونفوذها في إدلب.
التركيز على محاربة النظام السوري:
مع انحسار نفوذ تنظيم “داعش” في سورية، حوّلت “هيئة تحرير الشام” تركيزها نحو محاربة النظام السوري، وتبنّت خطاب “الثورة السورية”، في محاولةٍ لربط نفسها بالمعارضة السورية، وكسب تأييدٍ شعبيٍّ.
التخلي عن مفهوم “الخلافة” والتركيز على “الدولة السورية“:
تخلّى الجولاني تدريجياً عن خطاب “الخلافة الإسلامية”، وبدأ يتحدث عن “الدولة السورية”، وضرورة بناء مؤسساتِ دولةٍ، تضمن حقوق جميع السوريين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية.
تخفيف حدة التكفير والانفتاح على الأقليات:
خفّفت “هيئة تحرير الشام” من حدة خطابها التكفيريّ، وبدأت تُظهر انفتاحاً على الأقليات الدينية والعرقية في سورية، من خلال اللقاءات مع وجهاء هذه الأقليات، وإرسال رسائل طمأنةٍ، تؤكد على ضرورة التعايش والتسامح. إلا أن هذه الخطوات لم تُقابل بثقةٍ كاملةٍ من قِبَل الأقليات، التي لا تزال تخشى من ماضي “الهيئة” المتطرف.
محاربة تنظيم داعش:
ساهمت معارك “هيئة تحرير الشام” ضد تنظيم “داعش” في تعزيز صورتها كقوّةٍ تُحارب التطرف، وساعدتها على كسبِ بعضِ التأييدِ من قوىً إقليميةٍ ودوليةٍ.
رسائل التهدئة والطمأنة:
وجّه الجولاني رسائلَ تهدئةٍ وطمأنةٍ للسكان المحليين، والأقليات، في محاولةٍ لنفيِ مخاوفهم من “هيئة تحرير الشام”، وإظهارِ التنظيم كقوّةٍ تحمي الجميع.
المحور الثاني: التحول السياسي – من جماعة مسلحة إلى كيان سياسي
سعت “هيئة تحرير الشام”، بقيادة الجولاني، إلى تحويل نفسها من جماعةٍ مسلّحةٍ إلى كيانٍ سياسيٍّ، يسعى للمشاركة في العملية السياسية، من خلال بناء مؤسساتِ حُكمٍ، والانخراط في مفاوضاتٍ مع جهاتٍ خارجيةٍ.
إنشاء “حكومة الإنقاذ السورية” :
شكّلت “حكومة الإنقاذ” واجهة˝ مدنية˝ لـ “هيئة تحرير الشام”، تُدير شؤون المناطق التي تُسيطر عليها “الهيئة”، وتُقدّم الخدمات للسكان. ومع ذلك، يرى كثيرون أن “حكومة الإنقاذ” ليست سوى أداةٍ بيد “الهيئة”، وتفتقر إلى الاستقلالية والشرعية الحقيقية.
المشاركة في مفاوضات مع جهات خارجية:
انخرط الجولاني في مفاوضاتٍ مع جهاتٍ خارجيةٍ، مثل تركيا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، لمناقشة الوضع في سورية، ومستقبل إدلب، ما يُشير إلى رغبته في لعبِ دورٍ سياسيٍّ، وتحقيقِ اعترافٍ دوليٍّ.
التحسينات في إدلب: شهدت إدلب، تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام”، تحسيناتٍ في البنية التحتية، والخدمات العامة، مثل التعليم، والصحة، والاقتصاد. ويمثّل معبر باب الهوى، الحدوديّ مع تركيا، مصدرا رئيسيا للدخل لـ “الهيئة”، ومَكّنها من تمويلِ أنشطتها، وتعزيزِ نفوذها.
المحور الثالث: التحول في الصورة – من الجهادي إلى السياسي
بذل الجولاني جهودا كبيرة لتغيير صورته، من صورةِ الجهاديّ المتطرف، إلى صورةِ القائد السياسيّ المعتدل، من خلال تغيير مظهره، وخطابه الإعلاميّ، وعلاقاته العامة.
تغيير المظهر:
تخلى الجولاني عن الزيّ الجهاديّ التقليديّ، واعتمد الزيّ العسكريّ، أو المدنيّ، وظهر بلحيةٍ قصيرةٍ، وشعرٍ مُصفّفٍ، في محاولةٍ لتقديمِ صورةٍ أكثر عصرية واعتدالا.
استخدام الاسم الحقيقي:
بدأ الجولاني في استخدام اسمه الحقيقي، أحمد الشرع، بدلا من اسمه الحركي، في إطارِ سعيهِ للظهور كشخصيةٍ سياسيةٍ، ونفيِ ارتباطه بالماضي الجهاديّ.
الظهور الإعلامي:
كثّف الجولاني من ظهوره الإعلاميّ، وأجرى مقابلاتٍ مع وسائلَ إعلامٍ عربيةٍ وغربيةٍ، للدفاع عن تنظيمه، وتسويقِ رؤيتهِ السياسية، ومحاولةِ كسبِ تأييدٍ دوليٍّ.
الاهتمام بالجانب الاقتصادي والخدمي:
أظهر الجولاني اهتماما˝ بالجانب الاقتصاديّ والخدميّ، من خلال زيارتهِ للمشاريعَ التنمويةَ، وافتتاحِ المصانعَ، والترويجِ لـ “حكومة الإنقاذ” ككيانٍ يُعنى بتحسينِ معيشةِ السكان.
تُمثّل تحولات أبو محمد الجولاني وهيئة تحرير الشام مسارا مُعقّدا، يصعب التنبؤُ بمآلاته. فمن جهة، يُشيرُ الجولاني إلى رغبته في التخلي عن الماضي الجهاديّ، والانخراطِ في العملية السياسية. ومن جهةٍ أُخرى، ما زالت “الهيئة” تُواجهُ اتهاماتٍ بارتكابِ انتهاكاتٍ حقوقيةٍ، وتُثيرُ الشكوكَ حول نواياها الحقيقية. يبقى مستقبل “هيئة تحرير الشام”، ودورها في سورية، مرهونا بتطوراتِ الصراع السوري بعد اسقاط النظام ، ومدى قدرةِ الجولاني على إقناعِ المجتمعِ الدوليّ، والسوريين، بتحوّلهِ الحقيقيّ.
أهم الشواهد على تحول أبو محمد الجولاني أحمد الشرع:
فك الارتباط بتنظيم القاعدة:
في يوليو 2016، أعلن الجولاني فك ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى جبهة فتح الشام. كان هذا القرار تحولا˝ هاما˝، إذ أنهى رسميا˝ علاقة الجماعة بالتنظيم الأم، وفتح الباب أمام إمكانية تعاونها مع فصائل أخرى. يُثار الجدل حول مدى صدق فك الارتباط هذا، إلا أنه شكّل انعطافة في مسار الجماعة.
تغيير الاسم والهوية البصرية:
رافق فك الارتباط بتنظيم القاعدة تغيير اسم الجماعة من جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام، ومن ثم إلى هيئة تحرير الشام. كما تغيرت الهوية البصرية للجماعة، حيث تم استبدال راية تنظيم القاعدة براية أخرى. يعكس هذا التغيير رغبة الجولاني في التخلص من صورة الجماعة المتطرفة، وتقديم صورة أكثر “وطنية.”
الظهور الإعلامي وتغيير المظهر:
بعد سنوات من التواري عن الأضواء، بدأ الجولاني بالظهور إعلاميا˝، وأجرى مقابلة مطولة مع شبكة CNN الأمريكية كما ظهر في صور بملابس غربية، في محاولة لتقديم صورة أكثر اعتدالا وقبولا لدى الغرب.
الخطاب السياسي البراغماتي:
تخلى الجولاني عن الخطاب الجهادي المتطرف، واتجه نحو خطاب براغماتي يركز على القضايا المحلية السورية، وطمأنة الأقليات وفي مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، أعرب عن انفتاحه على تسوية سياسية في سوريا. هذا التحول في الخطاب يعكس رغبة الجولاني في الظهور كشخصية سياسية معتدلة، قادرة على الحوار والتفاوض.
أهم الشواهد على تحول هيئة تحرير الشام:
التركيز على الحكم والإدارة:
بعد السيطرة على إدلب، ركزت هيئة تحرير الشام على إدارة المنطقة وتقديم الخدمات للسكان، من خلال تشكيل حكومة “الإنقاذ” يشير هذا التحول إلى رغبة الهيئة في تقديم نفسها كبديل إداري قادر على إدارة المناطق وتوفير الاستقرار.
محاربة تنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات المتطرفة الأخرى:
خاضت هيئة تحرير الشام معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات المتطرفة الأخرى في سوريا، في محاولة لإظهار قطيعتها مع الفكر الجهادي المتطرف.
الانفتاح على الأقليات الدينية والعرقية:
أظهرت هيئة تحرير الشام، في بعض المناسبات، انفتاحا˝ على الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، في محاولة لكسب تأييدهم وتقديم صورة أكثر تسامحا.˝
التحول عند الجولاني ومواقفه من القوى الاقليمية والدولية
الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا
لعب التحوّل في خطاب وسلوك الجولاني وهيئة تحرير الشام دورا محوريا في تغيير موقفهم من الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا. يُمكن تحليل هذا التغيير من خلال عدّة مُستويات:
من العداء إلى البراغماتية:
- المرحلة الجهادية: اتّسم موقف “جبهة النصرة” بالعداءِ الصريحِ للولايات المتحدة، روسيا، وبريطانيا، باعتبارهم “أعداء للإسلام”، وداعمينَ للنظام السوري.
- بعد التحوّل: مع تبنّي “هيئة تحرير الشام” لخطابٍ محلي، أصبح موقفها من هذه الدول أكثر براغماتية.˝ فالجولاني يسعى إلى كسبِ تأييدهم، أو على الأقلّ، تحييدِ عداوتهم، خدمة˝ لمصالحِ “الهيئة.”
من الجهاد العالمي إلى التركيز المحلي:
- المرحلة الجهادية: كانت “جبهة النصرة “جزءا˝ من الحركةِ الجهاديةِ العالميةِ، التي تستهدفُ الولايات المتحدة والغرب.
- بعد التحوّل: مع تركيز “هيئة تحرير الشام” على القضية السورية، تخلّى الجولاني عن الجهادِ العالميّ، وأكّدَ أنّ “الهيئة” لا تُمثّلُ تهديدا˝ للغرب. ساهم هذا التحوّل في تخفيفِ حدّةِ العداءِ بين “الهيئة” والولايات المتحدة وبريطانيا.
من المواجهة إلى الحوار:
- المرحلة الجهادية: كان خطاب “جبهة النصرة” قائما˝ على المواجهةِ المسلّحةِ، ورفضِ الحوارِ مع القوى الدولية.
- بعد التحوّل: أصبح الجولاني أكثر انفتاحا˝ على الحوارِ، وأجرى مقابلاتٍ مع وسائلَ إعلامٍ غربيةٍ، وطالبَ بشطبِ “الهيئة” من قوائم الإرهاب.
التغييرات في المواقف تجاه كل دولة:
-
الولايات المتحدة:
تحوّل موقف الجولاني من العداءِ، إلى مُطالبةِ واشنطنَ بشطبِ “الهيئة” من قوائم الإرهاب، وإقامةِ علاقاتٍ جيّدةٍ معها. يُفسّرُ البعضُ هذا التحوّلَ،قبل سقوط النظام باعتبارهِ مُحاولة لكسبِ دعمِ الولاياتِ المتحدةِ، في مُواجهةِ النظام السوريّ، وروسيا، وإيران.
-
روسيا:
رغم استمرارِ “هيئة تحرير الشام” في مُحاربةِ النظامِ السوريّ، المدعومِ من روسيا، إلا أنّ موقفَ الجولاني من موسكو، أصبحَ أقلَّ عداوة.˝ يُحاولُ الجولاني تجنُّبَ أيّ تصعيدٍ مع روسيا، والحفاظِ على اتفاقِ وقفِ إطلاقِ النّارِ في إدلب.
-
بريطانيا:
يُشبهُ موقفُ الجولاني من بريطانيا، موقفهُ من الولاياتِ المتحدة، حيثُ يسعى إلى تحسينِ علاقاتهِ مع لندن، والخروجِ من قوائمِ الإرهابِ البريطانية.
التحديات والقيود:
رغم التحوّلِ في موقفِ الجولاني، فإنّهُ ما زال يُواجهُ تحدياتٍ كبيرة:
- ماضي “الهيئة:” يُشكّلُ ماضي “الهيئة” كفرعٍ لتنظيم “القاعدة”، عائقا أمامَ تقبُّلها من قِبَلِ الدولِ الغربية.
- الانتهاكاتُ الحقوقية: تُقوّضُ هذه الانتهاكاتُ مصداقيةَ خطابِ الجولاني الإصلاحيّ.
- التبعيةُ لتركيا: يُثيرُ ارتباطُ “الهيئة” بتركيا، الشكوكَ حولَ استقلاليتها.
أدّى التحوّلُ في خطابِ وسلوكِ الجولاني وهيئة تحرير الشام، إلى تغييرٍ واضحٍ في موقفهم من الولاياتِ المتحدةِ، وروسيا، وبريطانيا. فالجولاني، الذي كان يُؤمنُ بالجهادِ العالميّ، أصبحَ اليومَ أكثرَ براغماتية˝، ويُحاولُ كسبَ تأييدَ هذهِ الدول، أو على الأقلّ، تحييدِ عداوتهم. يبقى مُستقبلُ علاقاتِ “الهيئة” مع هذهِ الدول، مرهونا˝ بتطوراتِ الوضعِ في سورية، والمنطقة، ومدى قدرةِ الجولاني على إقناعهم بتحوّلهِ الحقيقيّ.
علاقة تركيا بالجولاني ودورها في تحوله
لعلاقة الجولاني وهيئة تحرير الشام بتركيا تأثير معقد على تحول الجماعة. فقد ساهمت تركيا في دفع الجولاني نحو الاعتدال، لكن في الوقت نفسه، استفادت من قوة الهيئة على الأرض لتحقيق أهدافها السياسية. يبقى مستقبل هذه العلاقة مرهونا˝ بتطورات الوضع في سوريا ختى بعد سقوط النظام ، ومدى استعداد الجولاني للاستمرار في مسار التحول :
البراغماتية السياسية:
- الضغط من أجل الاعتدال: مارست تركيا ضغوطا على هيئة تحرير الشام لتبني مواقف أكثر اعتدالا˝، والتخلي عن ارتباطها بتنظيم القاعدة، كشرط للحصول على دعم سياسي وعسكري. هذا الضغط ساهم في دفع الجولاني نحو تغيير خطابه وسياساته، وإن كان بدافع براغماتي.
- الوساطة في المفاوضات: لعبت تركيا دور الوسيط في المفاوضات بين هيئة تحرير الشام والقوى الأخرى، سواء الفصائل المسلحة أو الجهات الدولية. هذا الدور أتاح للجولاني مساحة للتحرك سياس ˝يا، وخلق له نافذة للتواصل مع العالم الخارجي.
- احتواء التطرف: سعت تركيا إلى احتواء هيئة تحرير الشام ومنع تحولها إلى تهديد لأمنها القومي. هذا الاحتواء تضمن دعما˝ محدودا˝ مقابل التزام الهيئة بضوابط معينة، مما ساهم في تغيير سلوك الجماعة إلى حد ما.
الدعم اللوجستي والعسكري التركي :
- تدريب وتسليح: قدمت تركيا دعما˝ لوجستيا˝ وعسكريا˝ لهيئة تحرير الشام، خاصة˝ في مواجهة قوات النظام السوري. هذا الدعم عزز من قوة الهيئة وساهم في ترسيخ نفوذها في إدلب.
- حماية من الهجمات: وفرت تركيا نوعا من الحماية لهيئة تحرير الشام من الهجمات الجوية لقوات النظام وحلفائه، من خلال إنشاء نقاط مراقبة في إدلب. هذا الأمر أتاح للجماعة مساحة للتحرك وإعادة تنظيم صفوفها.
التنافس والتأثير المتبادل:
- التنافس على النفوذ: رغم التعاون بينهما، هناك تنافس ضمني بين تركيا وهيئة تحرير الشام على النفوذ في إدلب. هذا التنافس دفع الجولاني إلى محاولة إثبات استقلاليته وقدرته على إدارة المنطقة بمفرده.
- التأثير المتبادل: أثرت تركيا على تحولات هيئة تحرير الشام، لكن في الوقت نفسه، أثرت الهيئة على السياسة التركية في سوريا. فقد أجبرت قوة الهيئة وتأثيرها على الأرض تركيا على التعامل معها كلاعب رئيسي في المشهد السوري.
قيود التأثير التركي:
- التصنيف كمنظمة إرهابية: لم يؤد التقارب بين تركيا وهيئة تحرير الشام إلى رفع التصنيف “الإرهابي” عن الجماعة. هذا التصنيف يضع قيودا على الدعم الذي يمكن أن تقدمه تركيا للهيئة، ويحد من قدرة الجولاني على التحرك سياسي.
- المعارضة الداخلية التركية: هناك معارضة داخل تركيا للتعامل مع هيئة تحرير الشام، مما يضع ضغوطا˝ على الحكومة التركية للتقليل من دعمها للجماعة.
هل أثر تحول الجولاني على موقفه من ايران وحزب الله والشيعة
في الوقت الراهن، لا يوجد ما يشير إلى تحول الجولاني أو هيئة تحرير الشام باتجاه إيران، حزب الله، أو الشيعة. بل على العكس، تشير كافة المعطيات إلى استمرار العداء والصراع بينهما. أي تغيير في هذه العلاقة في المستقبل سيكون مفاجئا˝، وسيتطلب تغييرات كبيرة في المشهد السياسي والأمني في سوريا والمنطقة.
أسباب عدم وجود تحول باتجاه إيران وحزب الله والشيعة:
- الخلفية الأيديولوجية: تنطلق هيئة تحرير الشام من خلفية سلفية جهادية، تعتبر الشيعة بشكل عام خصوما أيديولوجيين. هذا التعارض الفكري يشكل عقبة كبيرة أمام أي تقارب محتمل.
- التاريخ القتالي: خاضت هيئة تحرير الشام، وسابقتها جبهة النصرة، معارك ضد حزب الله في سوريا. هذه التجربة القتالية خلفت عداء عميقا بين الطرفين.
- التحالف مع خصوم إيران: تحالفت هيئة تحرير الشام مع فصائل مسلحة معارضة مدعومة من تركيا ودول أخرى تعتبر إيران خصما لها. هذا التحالف يجعل من الصعب على الجولاني التقرب من إيران.
- الخطاب السياسي: رغم تحول خطاب الجولاني نحو البراغماتية، إلا أنه لم يُظهر أي ميل نحو التقارب مع إيران أو حزب الله. بل على العكس، لا يزال ينتقد التدخل الإيراني في سوريا.
- موقف حزب الله وإيران: لم يُظهر حزب الله أو إيران أي ميل نحو التقارب مع الجولاني أو هيئة تحرير الشام. بل يعتبرونهما جماعات إرهابية تشكل تهديدا˝ لمصالحهما.
الجولاني وتكفير الشيعة
لا توجد معلومات مؤكدة حول ما إذا كان الجولاني يكفّر الشيعة حاليا. من الصعب الغوص في معتقدات أي شخص بشكل قاطع، وخاصة˝ شخصية مثل الجولاني التي تتسم بالغموض والتغيرات في المواقف. لكن يمكنني تقديم تحليل بناء على المعلومات المتاحة:
- الخلفية الأيديولوجية: جاء الجولاني من خلفية سلفية جهادية، وهذا التيار لديه تاريخ من تكفير الشيعة. لكن من المهم ملاحظة أن هناك تباينات داخل التيار السلفي نفسه بشأن مسألة تكفير الشيعة.
- التحول في الخطاب: في السنوات الأخيرة، حاول الجولاني تقديم صورة أكثر اعتدالا، وخفف من حدة خطابه الطائفي. هذا لا يعني بالضرورة تخليه عن معتقداته السابقة، ولكنه قد يشير إلى رغبة في توسيع قاعدة الدعم الشعبي وتحسين صورته أمام المجتمع الدولي.
- التركيز على “العدو القريب:” ركز الجولاني في خطابه على قتال النظام السوري، وقدم نفسه كمدافع عن السنة في سوريا. هذا التركيز قد يكون غطا ˝ء لتجنب الخوض في مسائل أيديولوجية شائكة مثل تكفير الشيعة، خاصة˝ في ضوء سياسته البراغماتية.
- عدم وجود تصريحات واضحة: لم يصدر عن الجولاني في السنوات الأخيرة تصريحات واضحة وصريحة بشأن تكفير الشيعة. هذا الغموض يجعل من الصعب الحكم بشكل قاطع على موقفه الحالي.
من الصعب الجزم بما إذا كان الجولاني يكفّر الشيعة حاليا. غياب التصريحات الواضحة، وتحوله نحو البراغماتية السياسية، يجعل من الصعب معرفة معتقداته الحقيقية. يبقى هذا الأمر محل تحليل وتأويل، ويتطلب متابعة دقيقة لخطاب الجولاني وتصرفات هيئة تحرير الشام في المستقبل.
هل إثر موقف ايران وحزب الله المساند لغزة في احداث أي تحول لدى الجولاني
موقف الشيعة الداعم لغزة وحماس في الحرب الأخيرة، والأضرار التي لحقت بحزب الله جراء ذلك، قد يكون له تأثير طفيف على موقف الجولاني وهيئة تحرير الشام تجاه الشيعة، ولكنه من غير المرجح أن يؤدي إلى تحول إيجابي جذري:
العوامل التي قد تُحدث تأثيرا طفيفا:
- التضامن الإسلامي: قد يرى بعض أعضاء هيئة تحرير الشام في دعم الشيعة لحماس تعبيرا عن تضامن إسلامي عابر للطوائف، مما قد يخفف قليلا من حدة العداء الأيديولوجي.
- مواجهة عدو مشترك: قد يُنظر إلى إسرائيل كعدو مشترك لكل من هيئة تحرير الشام والفصائل الشيعية، مما قد يخلق أرضية مشتركة للحوار والتعاون، وإن كان محدودا.
العوامل التي تُقلل من احتمال حدوث تحول إيجابي جذري:
- العداء الأيديولوجي العميق: لا يزال العداء الأيديولوجي بين السلفية الجهادية والتشيع يشكل عقبة كبيرة أمام أي تقارب حقيقي. دعم حماس في حرب واحدة لا يكفي لإزالة هذا العداء المتجذر.
- تاريخ القتال في سوريا: التجربة القتالية الطويلة بين هيئة تحرير الشام والفصائل الشيعية في سوريا خلفت عداء عميقا وجروحا صعبة الشفاء.
- موقف الجولاني المتشدد: لم يُظهر الجولاني أي تغيير في موقفه المتشدد تجاه الشيعة، حتى بعد الحرب الأخيرة على غزة.
- موقف إيران وحزب الله: ما زال حزب الله وإيران يصنفان هيئة تحرير الشام كجماعة إرهابية، ولم يظهروا أي ميل للتعامل معها.
- الارتباطات الإقليمية: ترتبط هيئة تحرير الشام بعلاقات مع قوى إقليمية تعتبر إيران خصما لها، مما يصعب عليها التقرب من محور المقاومة.
من غير المرجح أن يؤدي دعم الشيعة لفلسطين في الحرب الأخيرة إلى تحول جذري في موقف الجولاني تجاه الشيعة. قد نشهد بعض التغييرات الطفيفة في الخطاب أو بعض التنسيقات الميدانية المحدودة ضد إسرائيل، لكن أي تقارب حقيقي يبقى مستبعدا في الوقت الراهن، ما لم تحدث تغييرات جوهرية في المشهد السياسي والأيديولوجي للمنطقة.
هل يمكن أن يلعب التأثير التركي دوراً في تحول الجولاني تجاه ايران وحزب الله والشيعة، نظريا، يمكن لتركيا أن تلعب دورا في التأثير على موقف الجولاني وهيئة تحرير الشام تجاه إيران، حزب الله، والشيعة، لكن هذا الدور سيكون محدودا ومعقدا، ويواجه تحديات كبيرة.
العوامل التي تُمكّن تركيا من لعب دور:
- النفوذ على هيئة تحرير الشام: تتمتع تركيا بنفوذ على هيئة تحرير الشام، نظرا لدعمها اللوجستي والعسكري للجماعة ، ودورها كوسيط في بعض المفاوضات. هذا النفوذ يمكن أن يُستخدم للتأثير على مواقف الجولاني.
- العلاقات مع إيران: على الرغم من التنافس بينهما في بعض الملفات الإقليمية، تحافظ تركيا على قنوات اتصال مع إيران. هذا يفتح الباب أمام إمكانية التفاوض والتنسيق بشأن الموقف من هيئة تحرير الشام.
- الرغبة في الاستقرار: ترغب تركيا في تحقيق الاستقرار في سوريا، وهذا قد يدفعها إلى السعي لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، بما فيهم هيئة تحرير الشام وإيران.
التحديات التي تواجه تركيا:
- موقف إيران وحزب الله: يعتبر حزب الله وإيران هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية، ولم يظهروا أي استعداد للتعامل معها أو التفاوض معها.
- محدودية النفوذ التركي: رغم نفوذ تركيا على هيئة تحرير الشام، إلا أن هذا النفوذ ليس مُطلقا. قد لا تستطيع تركيا إجبار الجولاني على تغيير موقفه بشكل كامل.
سيناريوهات محتملة:
- دور تركي محدود: قد تلعب تركيا دورا محدودا في التأثير على خطاب الجولاني لتخفيف حدة هجومه على إيران وحزب الله، دون أن يؤدي ذلك إلى تقارب حقيقي.
- فشل الوساطة التركية: قد تفشل تركيا في التأثير على موقف الجولاني بشكل جذري، بسبب التحديات المذكورة أعلاه.
- عدم تدخل تركي: قد تقرر تركيا عدم التدخل في هذه المسألة، نظرا لتعقيدها وحساسيتها.
إمكانية لعب تركيا دورا في التأثير على موقف الجولاني من إيران وحزب الله والشيعة موجودة نظريا˝، لكنها تواجه تحديات كبيرة. يبقى هذا الأمر رهن بتطورات الوضع في سوريا، ومدى استعداد الأطراف المعنية للتعاون والتفاوض.
متطلبات تحول الجولاني تجاه ايران وحزب الله
يحتاج أي تحول إيجابي في موقف الجولاني تجاه إيران، حزب الله، والشيعة إلى تغييرات جوهرية في عدة مستويات، وهو أمر مستبعد في الوقت الراهن، لكنه ليس مستحيلا نظريا في المدى البعيد. إليكم أهم المتطلبات:
متطلبات على مستوى هيئة تحرير الشام والجولاني:
- مراجعة أيديولوجية عميقة: يتطلب الأمر مراجعة للأيديولوجية السلفية الجهادية التي تتبناها الهيئة، والتي تعتبر الشيعة بشكل عام خصوما˝ أيديولوجيين. هذه المراجعة يجب أن تشمل إعادة النظر في مفاهيم “الولاء والبراء”، و”التكفير”، و”الجهاد.”
- تغيير الخطاب بشكل جذري: يجب أن يتخلى الجولاني والهيئة عن الخطاب الطائفي والمحرض ضد الشيعة، وأن يتبنوا خطابا˝ توافقيا˝ يدعو إلى التعايش والوحدة الوطنية.
- بناء الثقة مع الشيعة: يجب على الجولاني والهيئة بناء الثقة مع الشيعة في سوريا، من خلال إجراءات ملموسة على الأرض، مثل الإفراج عن المعتقلين الشيعة، وحماية المقدسات الشيعية، والمشاركة في جهود الإغاثة وإعادة الإعمار في المناطق الشيعية.
- القطع مع التيارات المتطرفة: يجب على الجولاني والهيئة القطع مع أي تيارات متطرفة داخل الجماعة لا تزال تتبنى خطابا˝ عدائيا˝ تجاه الشيعة.
متطلبات على المستوى الإقليمي والدولي:
- دعم جهود المصالحة: يجب على القوى الإقليمية والدولية دعم جهود المصالحة الوطنية في سوريا، وتشجيع الحوار بين مختلف الأطراف.
- خلق بيئة مواتية للتعايش: يجب على المجتمع الدولي العمل على خلق بيئة مواتية للتعايش السلمي بين مختلف الطوائف في سوريا، من خلال دعم المشاريع التي تعزز التسامح والحوار بين الأديان.
تحقيق تحول إيجابي في موقف الجولاني تجاه إيران، حزب الله، والشيعة يتطلب تغييرات كبيرة على مستويات متعددة. وهو أمر معقد ويواجه تحديات كبيرة، لكنه ليس مستحيلا إذا توفرت الإرادة السياسية والظروف المواتية.
تأثير تحول الجولاني على موقفه من إسرائيل
موقف الجولاني من إسرائيل معقد وغير واضح تماما، يتسم بالحذر والغموض، ولم يصرح بموقفٍ صريحٍ وواضحٍ تجاه إسرائيل. يُمكن تفسير ذلك من خلال عدّة عوامل:
- التركيز السابق على أولوية محاربة النظام السوري: ركّز الجولاني بشكلٍ أساسيٍّ على إسقاط نظام الأسد، ويعتبره العدوَّ الأول. لذلك، يُحاول تجنّب أيّ مواقفَ قد تُشتّتَ الانتباهَ عن هذا الهدف، أو تُثيرَ عداواتٍ جديدة.
- البراغماتية السياسية: يتّسم خطاب الجولاني بالبراغماتية، حيث يُحاول كسبَ تأييدَ قوى إقليميةٍ ودوليةٍ، وتجنّبَ أيّ مواقفَ قد تُعرقلُ مساعيهِ هذه.
- الغموض الاستراتيجي: قد يكون غموض موقف الجولاني من إسرائيل مُتعمدا˝، بهدفِ الحفاظِ على مساحةٍ للمناورةِ السياسيةِ في المستقبل.
بعض المؤشرات على موقف الجولاني:
- غيابُ العداءِ الصريحِ: لم يُوجّه الجولاني أيّ هجماتٍ لفظيةٍ أو عسكريةٍ ضدّ إسرائيل، على عكسِ بعضِ الجماعاتِ الجهاديةِ الُأخرى.
- التركيزُ على القضيةِ الفلسطينيةِ: أعرب الجولاني عن دعمهِ للقضيةِ الفلسطينيةِ، وندّدَ بالاحتلال الإسرائيليّ، لكن من دونِ أن يُحدّدَ موقفا واضحا من حلِّ الصراع.
- التعاونُ مع تركيا: تُعتبر تركيا حليفة˝ لـ “هيئة تحرير الشام”، وتُقيمُ علاقاتٍ دبلوماسية مع إسرائيل. قد يكون هذا التعاونُ عاملا مُؤثّرا في موقف الجولاني.
التحليلات والتقييمات:
تُشيرُ بعضُ التحليلاتِ إلى أنّ موقف الجولاني من إسرائيل يتّسمُ بالحذرِ والبراغماتيةِ، حيث يُحاولُ تجنُّبَ أيّ تصعيدٍ مع إسرائيل، والتركيزِ على القضيةِ السوريةِ. وفي الوقتِ نفسه، لا يُستبعدُ أن يكونَ لديهِ تحفظاتٌ على إسرائيل، بسببِ احتلالها للأراضيّ العربيةِ، والسوريّة.
يُشيرُ آخرون إلى أنّ غموضَ موقفِ الجولاني يُتيحُ لهُ مساحة للمناورةِ، وإمكانيةَ تغييرِ موقفهِ في المُستقبل، وفقا لتطوراتِ الوضعِ في سورية، والمنطقة.
في النهاية، يبقى موقفُ الجولاني من إسرائيل غيرَ واضحٍ تماما، ويحتاجُ إلى مزيدٍ من التوضيحِ، من خلالِ تصريحاتٍ أو مواقفَ صريحةٍ.
ملاحظات عامة:
- تُركّز معظم النصوص على تحولات الجولاني وهيئة تحرير الشام، من الجهادية العالمية إلى التركيز على القضية السورية. وبالتالي، لا تُقدّم معلوماتٍ كافية حول موقف الجولاني من إسرائيل بشكلٍ مُحدّد.
- بعض النصوص تُشير إلى غموض موقف الجولاني من إسرائيل، وتُفسّرهُ بالبراغماتية السياسية، أو إعطاء الأولوية لمحاربة النظام السوريّ.
- لا يوجد في النصوص أيّ تصريحٍ صريحٍ للجولاني حول إسرائيل، سوى إشاراتٍ عامةٍ إلى دعم القضية الفلسطينية.
استنتاجات:
من المرجح أن يكون التحول الذي أصاب الجولاني وهيئة تحرير الشام قد أثّر ويتأثر بموقفه من إسرائيل، وإن لم يكن ذلك واضحا˝ تماما˝ بسبب غموض موقفه المعلن. يُمكن تحليل هذا التأثير من خلال عدّة زوايا:
من الجهادية العالمية إلى الوطنية:
- في المرحلة الجهادية: كانت “جبهة النصرة” تُركّز على “العدو البعيد” الولايات المتحدة والغرب، وكانت إسرائيل تُعتبر عدوّا˝ ثانويا.˝ في هذه المرحلة، لم يكن هناك أيّ تعاونٍ مُحتملٍ مع قوى إقليميةٍ تُقيم علاقاتٍ مع إسرائيل.
- بعد التحوّل: مع التركيز على القضية السورية، أصبح الجولاني أكثر براغماتية˝، وسعى لكسبِ دعم قوى إقليميةٍ، مثل تركيا، التي تُقيم علاقاتٍ دبلوماسيةٍ مع إسرائيل. هذا التعاونُ يُحتّمُ على الجولاني توخّي الحذر في موقفه من إسرائيل، تجنُّبا˝ لخسارةِ الدعم التركيّ.
من المواجهة إلى السياسة :
- في المرحلة الجهادية: كان خطابُ “جبهة النصرة” قائما˝ على المواجهةِ المسلّحةِ، ولم يكن هناك أيّ مجالٍ للتفاوضِ، أو التسوياتِ السياسيةِ.
- بعد التحوّل: مع سعي “هيئة تحرير الشام” للاندماج في العملية السياسية، أصبح الجولاني مُنفتحا˝ على الحلولِ السياسية، والتفاوض. يُمكنُ أن يُفسَّر غموضُ موقفه من إسرائيل في هذا السياق، باعتبارهِ مُحاولة˝ لعدمِ إغلاقِ أيّ بابٍ أمامَ التسوياتِ السياسيةِ المُستقبلية.
من العزلة إلى البحث عن الشرعية:
- في المرحلة الجهادية: كانت “جبهة النصرة” مُصنّفة˝ كمنظمةٍ إرهابيةٍ، ومعزولة دوليا.
- بعد التحوّل: سعى الجولاني إلى تغيير صورة “الهيئة”، والخروجِ من قوائم الإرهاب، وكسبِ الشرعيةِ الدولية. يُمكنُ أن يُفسَّر غموضُ موقفهِ من إسرائيل، في هذا السياق، باعتبارهِ مُحاولة˝ لعدمِ إثارةِ أيّ حساسيةٍ لدى القوى الدولية، التي تُؤيّدُ إسرائيل.
التأثر بالبيئة المحيطة:
- الشمال السوري: يُقيمُ في إدلب عددٌ قليلٌ من الدروز، والذين يرتبط مصيرهم إلى حدٍّ كبيرٍ، بمواقف “هيئة تحرير الشام” من إسرائيل؛ لأن الأخيرة تُمثّل تهديدا˝ محتملا˝ للأقليات، في حال حدوث أيّ مواجهة. ولهذا التقى الجولاني ببعض وجهاء الدروز في الشمال السوري خلال السنوات القليلة الماضية، لطمأنتهم، ولتحسين صورته.
يُشيرُ تحليلُ هذه العوامل، إلى أنّ تحوّلَ الجولاني وهيئة تحرير الشام، قد أثّر على موقفهِ من إسرائيل، ودفعهُ إلى تبنّي غموضٍ استراتيجيٍّ، يُتيحُ لهُ مساحةللمناورةِ السياسيةِ. فالجولاني، الذي كان يُركّزُ سابقا على الجهادِ العالميّ، أصبح اليومَ أكثرَ براغماتية، ويُحاولُ كسبَ تأييدَ قوى إقليميةٍ ودوليةٍ، بعضها تُقيمُ علاقاتٍ مع إسرائيل.
لذلك، يُحاولُ الجولاني تجنُّبَ أيّ مواقفَ قد تُعرقِلُ مساعيهِ السياسية، أو تُثيرُ عداواتٍ جديدة. يبقى مُستقبلُ موقفِ الجولاني من إسرائيل، مرهونا بتطوراتِ الوضعِ في سورية، والمنطقة، ومدى نجاحهِ في تحقيقِ أهدافهِ السياسية.
تأثير موقف وبراغماتية الجولاني على علاقته مع حماس وفصائل المقاومة في المنطقة
إن غموض موقف الجولاني من إسرائيل، وتبنيه سياسة براغماتية، يؤثران بالتأكيد على علاقته بحركة حماس وفصائل المقاومة في المنطقة، وإن لم يكن ذلك واضحا˝ للعيان دائما. يمكن تحليل هذا التأثير من خلال عدة جوانب:
التباين في المواقف من إسرائيل:
- حماس وفصائل المقاومة: تتبنى حماس وفصائل المقاومة موقفا صريحا وواضحا في معاداة إسرائيل، وترفض أي شكل من أشكال التطبيع أو التفاوض معها، وتعتبرها عدوا رئيسيا.
- الجولاني وهيئة تحرير الشام: يتجنب الجولاني التصريح بموقفٍ واضحٍ من إسرائيل، ويُركّز على محاربة النظام السوري. هذا التباين في المواقف يُمكن أن يُسبّبَ توترا في العلاقة بين “الهيئة” وحماس وفصائل المقاومة.
التعاون مع تركيا:
- تركيا: تُعتبر تركيا داعما رئيسيا˝ لـ “هيئة تحرير الشام”، وفي الوقت نفسه، تُقيم علاقاتٍ دبلوماسيةٍ مع إسرائيل.
- حماس وفصائل المقاومة: تُقيمُ حماس علاقاتٍ جيّدة˝ مع تركيا، لكنّها تُعارضُ علاقاتِ أنقرةَ مع إسرائيل. هذا الوضعُ يُمكنُ أن يضعَ حماس في موقفٍ مُحرجٍ، ويُؤثّرُ على علاقتها بـ “الهيئة.”
التنافس على النفوذ:
حماس والجولاني: يسعى كلٌّ من حماس والجولاني إلى تعزيزِ نفوذهِ في المنطقة، وكسبِ تأييدِ الشارعِ العربيّ والإسلاميّ. يُمكنُ أن يُؤدّي ذلك إلى تنافسٍ بينهما، وخاصة˝ في حالِ تصريحِ الجولاني بموقفٍ مُختلفٍ عن موقف حماس من إسرائيل.
التباين في الأيديولوجيا:
حماس: تتبنى حماس أيديولوجية إسلامية سياسية، تجمعُ بين العملِ السياسيّ، والجهاد.
-هيئة تحرير الشام: رغم تحوّلها، لا تزال “الهيئة” تحملُ سماتٍ جهادية، وتتبنى تفسيرا مُختلفا للإسلام السياسيّ. هذا التباينُ الأيديولوجيّ يُمكنُ أن يُؤثّرَ على علاقةِ “الهيئة” بحماس.
التأثير على صورة “الهيئة:”
الجولاني: يسعى الجولاني إلى تحسين صورة هيئة تحرير الشام دوليا˝، وكسب شرعية دولية من خلال التخلي عن الإيديولوجيا الجهادية المتطرفة، والتقليل من أهمية الدين في خطاباته وتحركاته، والتركيز على الجانب الوطني والسياسي والإنساني، وتقديم نفسه كطرف سوريّ وطنيّ، وهذا ما قد يفسر غموض موقفه تجاه إسرائيل.
حماس: قد يؤثر غموض موقف الجولاني من إسرائيل على صورة “الهيئة” في نظر حماس وفصائل المقاومة، وقد يُفقِدُها بعضَ التأييد.
مؤشرات من الواقع:
حرب غزة :2021 خلال حرب غزة عام 2021، أعرب الجولاني عن دعمهِ للقضية الفلسطينية، وندّدَ بالاحتلال الإسرائيلي، لكن من دونِ أن يُحدّدَ موقفا˝ واضحا من حلِّ الصراع، أو أن يُهاجمَ إسرائيل بشكلٍ مُباشر. وقد يكون هذا الحذرُ مُؤشّرا˝ على تأثيرِ براغماتيّتهِ السياسية، وعلاقتهِ بتركيا.
حرب غزة :2024 لم يُصدر الجولاني أيّ تصريحٍ خلال حرب غزة الأخيرة، حول حماس و”الجهاد الإسلامي” في فلسطين، اللتين أعلنتا مسؤوليتهما عن ” عملية طوفان الأقصى ” وما تلاها من معارك طاحنة مع العدو والمجازر التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي فيقطاع غزة . وقد يُؤكد ذلك ويدعم أيضا˝ دعوى الغموض في موقف الجولاني من إسرائيل.
تحليل نقدي:
- الغموضُ الاستراتيجي : يُمكنُ اعتبارُ غموضِ موقفِ الجولاني من إسرائيل، استراتيجية˝ ، تُتيحُ لهُ مساحة˝ للمناورة، وتجنُّبَ استعداءِ أيّ طرفٍ. ففي حالِ صرّحَ الجولاني بموقفٍ مُعادٍ لإسرائيل، قد يُفقِدُ دعمَ بعضِ القوى الإقليمية، مثل تركيا، التي تُقيمُ علاقاتٍ مع إسرائيل. وإذا تبنّى موقفا مُؤيّدا لإسرائيل، فقد يُفقِدُ مصداقيتَهُ في الشارعِ السوريّ، الذي يُؤيّدُ القضيةَ الفلسطينيةَ.
- غيابُ التهديدِ المباشرِ: لم تُشكّل إسرائيل، حتى الآن، تهديدا مُباشرا لـ “هيئة تحرير الشام”، أو لمناطقِ سيطرتها. لذلك، لا يرى الجولاني ضرورة˝ للتصريحِ بموقفٍ مُحدّدٍ من إسرائيل، في الوقتِ الحاليّ.
- مُستقبلُ العلاقاتِ: في حالِ تغيّرَ الوضعُ في سورية، وتحقيقِ “هيئة تحرير الشام” لمزيدٍ من النفوذ، قد يُضطرُّ الجولاني إلى توضيحِ موقفهِ من إسرائيل، بشكلٍ أكثرَ وضوحا.
خلاصة:
- يُؤثّر غموض موقف الجولاني من إسرائيل، وتبنيه سياسة براغماتية، على علاقته بحركة حماس وفصائل المقاومة في المنطقة، حيثُ يُخلقُ تباينا˝ في المواقف، وتوترا مُحتملا. يُحاول الجولاني تحقيقَ توازنٍ دقيقٍ، بين كسبِ الدعمِ الإقليميّ والدوليّ، والحفاظِ على مصداقيتهِ في الشارعِ السوريّ. يبقى مُستقبلُ هذه العلاقاتِ، مرهونا بتطوراتِ الوضعِ في سورية، والمنطقة، ومدى وضوحِ موقفِ الجولاني من إسرائيل.
- يُشيرُ تحليلُ النصوصِ، إلى أنّ موقفَ الجولاني من إسرائيل، يتّسمُ بالغموضِ، والحذرِ، والبراغماتيةِ. ويُركّزُ الجولاني، في الوقتِ الحاليّ، على القضيةِ السوريةِ، ويُحاولُ تجنُّبَ أيّ مواقفَ قد تُشتّتَ الانتباهَ عن هذا الهدف. ومع ذلك، لا يُستبعدُ أنْ يكونَ لديهِ تحفظاتٌ على إسرائيل، بسببِ سياستها تجاه الفلسطينيين، والعربِ بشكلٍ عام. يبقى مُستقبلُ موقفِ الجولاني من إسرائيل، مرهونا بتطوراتِ الوضعِ في سورية، والمنطقة.
تقييم عام : هل تحول الجولاني جاد ؟
يجب النظر إلى هذه التحولات بشكل حذر، مع مراعاة التطورات المستمرة في سوريا والصراع الدائر فيها. فقد تكون هذه التحولات خطوة نحو مستقبل أكثر اعتدالا للجماعة، أو قد تكون مجرد مناورة سياسية للحفاظ على السلطة والتأثير. يبقى الوقت كفيلا بكشف الحقيقة ودوافع هذه التحولات.
من الصعب الجزم بنسبة مئوية محددة لجديّة تحول الجولاني وهيئة تحرير الشام، فالأمر محلّ نقاش واسع، و الأدلة متضاربة. هناك من يرى فيها براغماتية سياسية بحتة استجابة لضغوط الميدان والمجتمع الدولي، وهناك من يعتقد بحدوث تحول فكري حقيقي، وإن كان تدريجيا وملتبسا.
أولًا : مؤشرات تشير إلى جديّة التحول بنسب متفاوتة:
- فك الارتباط بتنظيم القاعدة: هذا قرار ليس سهلا على جماعة جهادية، وله تداعيات كبيرة، وإن كان البعض يعتبره شكليا.
- محاربة داعش والتنظيمات المتشددة: هذا يشير إلى رغبة في التمايز عن التطرف، وكسب رضى المجتمع الدولي.
- التركيز على الحكم المدني وتقديم الخدمات: هذا يشير إلى رغبة في الاستقرار والبناء، والتحول من جماعة مسلحة إلى كيان سياسي.
- الانفتاح النسبي على الأقليات: هذا يشير إلى محاولة توسيع قاعدة الدعم الشعبي، وتقديم صورة أكثر تسامحا.
- تغيير الخطاب والمظهر: رغم إمكانية اعتبارها تغييرات سطحية، إلا أنها تعكس رغبة في تغيير الصورة النمطية للجماعة.
ثانيا: مؤشرات على تأثير التحول على أيديولوجيته:
- فك الارتباط بتنظيم القاعدة: هذا يُعتبر تحولا رئيسيا، فهو يشير إلى رغبة في الاستقلال والتحرر من الأجندة الجهادية العالمية.
- التركيز على الحكم المحلي: يشير هذا إلى أولوية بناء كيان سياسي مستقر، حتى ولو كان ضمن حدود جغرافية محدودة، بدلا من السعي لتحقيق أهداف أيديولوجية عابرة للحدود
- الانفتاح على الحوار والتسويات السياسية: هذا يتناقض مع الأيديولوجية الجهادية المتشددة التي ترفض التفاوض مع “الكفار.”
- تغيير الخطاب والمظهر: رغم إمكانية تفسيرها كبراغماتية سياسية، إلا أن هذه التغييرات قد تعكس تحولا˝ في النظرة إلى العالم الخارجي والعلاقة معه.
ثالثا: مؤشرات تشير إلى أن التحول ليس جادا بشكل كامل:
- استمرار التصنيف كمنظمة إرهابية: هذا يعكس شكوك المجتمع الدولي في صدق التحول.
- اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان: هذه الانتهاكات تتعارض مع صورة الجماعة “المعتدلة” التي يحاول الجولاني تقديمها.
- غموض المشروع السياسي: لم يقدم الجولاني رؤية سياسية واضحة لمستقبل سوريا، مما يثير التساؤلات حول أهدافه النهائية.
- البراغماتية المفرطة: قد تكون براغماتية الجولاني مبالغ فيها، مما يشير إلى أنه يتخذ قراراته بناء على المصلحة الآنية، وليس بناء على مبادئ ثابتة.
رابعا: مؤشرات على استمرار تأثير الأيديولوجية السابقة:
- الغموض حول المشروع السياسي: لم يُحدد الجولاني بوضوح شكل الدولة التي يسعى إليها، وما إذا كانت ستكون دولة مدنية أم دولة إسلامية.
- السيطرة المطلقة على إدلب: أسلوب حكم هيئة تحرير الشام في إدلب لا يزال يتسم بالتشدد وعدم التسامح مع المعارضة.
- اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان: هذا يشير إلى استمرار تأثير الأيديولوجية المتشددة على ممارسات الجماعة.
- السرية وغياب الشفافية: لا يزال الجولاني يتمتع بسلطة مطلقة داخل هيئة تحرير الشام، وهناك غموض حول عملية اتخاذ القرارات داخل الجماعة.
هناك عدة عوامل تعيق التحول الجذري في خلفية الجولاني الأيديولوجية، ويمكن تصنيفها على النحو التالي:
عوامل داخلية تتعلق بالجولاني وهيئة تحرير الشام:
- التشدد الأيديولوجي للقيادات: قد لا يكون جميع قيادات هيئة تحرير الشام مؤيدين لتحول الجولاني نحو الاعتدال. وجود تيارات متشددة داخل الجماعة يمكن أن يشكل عقبة أمام أي تغيير جذري في الأيديولوجية.
- المخاوف من فقدان الهوية: قد يخشى الجولاني من أن التخلي عن الأيديولوجية السلفية الجهادية سيؤدي إلى فقدان هوية هيئة تحرير الشام وقاعدتها الشعبية.
- المبررات الأيديولوجية للوجود: تعتمد هيئة تحرير الشام على مجموعة من المبررات الأيديولوجية لتسويغ وجودها ودورها، مثل “الجهاد ضد النظام” و”الدفاع عن أهل الشام.” التخلي عن هذه المبررات قد يُضعف من شرعية الجماعة في نظر أنصارها.
- صعوبة التخلي عن الماضي: من الصعب على الجولاني التخلي بشكل كامل عن ماضيه الجهادي، خاصة˝ أنه قضى سنوات طويلة في صفوف تنظيم القاعدة.
عوامل خارجية تتعلق بالبيئة المحيطة:
- موقف القوى الإقليمية والدولية: استمرار تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية من قبل العديد من الدول يُعيق تحولها نحو الاعتدال، ويُشجعها على التمسك بهويتها الجهادية.
- موقف الجماعات المسلحة الأخرى: وجود جماعات مسلحة متشددة أخرى في سوريا يُصعّب على الجولاني التخلي عن الأيديولوجية الجهادية جزئيا˝ أو بالكامل ، خشية فقدان الدعم والتأثير.
عوامل أخرى:
- صعوبة قياس التحول الأيديولوجي: من الصعب قياس التحول الأيديولوجي بشكل دقيق، فالأفكار والمعتقدات تتغير ببطء، وقد لا تنعكس دائما˝ في الخطاب أو الممارسات.
- البراغماتية السياسية: قد يكون تحول الجولاني في مواقفه ناتج عن براغماتية سياسية بحتة، دون أن يعكس تغييرا˝ حقيقيا˝ في خلفيته الأيديولوجية.
استشراف مستقبل تحول الجولاني :
مستقبل هذا التحول مرتبط بعدة عوامل، أبرزها:
- تطورات الوضع في سوريا بعد سقوط النظام : إن استمرارالصراع أو عدم تحقيق تسوية سياسية سيؤثر على مسار الجولاني والهيئة.
- موقف القوى الإقليمية والدولية: مدى استعداد هذه القوى للتعامل مع الجولاني والهيئة سيحدد مساحة حركتهما.
- الرأي العام السوري: كسب ثقة الشعب السوري ضروري لنجاح أي مشروع سياسي للجولاني والهيئة.
سيناريوهات محتملة:
- استمرار التحول نحو الاعتدال: إذا نجح الجولاني في كسب ثقة المجتمع الدولي والشعب السوري، قد يتحول إلى لاعب سياسي رئيسي في سوريا.
- التراجع عن التحول: إذا فشل الجولاني في تحقيق أهدافه السياسية، أو إذا تغيرت الظروف على الأرض، قد يتراجع عن تحوله ويتبنى موقفا أكثر تشددا.
- بقاء الوضع الراهن: قد يستمر الجولاني في التلاعب بين التشدد والاعتدال، مستفيدا من براغماتيته للحفاظ على نفوذه.
في النهاية، يبقى مستقبل تحول الجولاني وهيئة تحرير الشام غير واضح، ومرهون بتطورات الأحداث في سوريا والمنطقة. الأمر يتطلب متابعة دقيقة وتحليلا متواصلا لفهم مسار هذه الجماعة وتأثيرها على مستقبل سوريا.
من الصعب تحديد مدى تأثير التحول في مواقف الجولاني على خلفيته الأيديولوجية بشكل دقيق. هناك غموض متعمد يُحيط بشخصية الجولاني، والتحولات التي قام بها تُقرأ من عدة زوايا، مما يجعل من الصعب فهم دوافعه الحقيقية.
يبدو أن الجولاني يسير على “حبل مشدود” بين البراغماتية السياسية والأيديولوجية السلفية الجهادية. قد يكون التحول في مواقفه جزئيا˝ ناتج عن مراجعة فكرية، لكنه مدفوع أيضا˝ بمقتضيات الواقع السياسي والعسكري في سوريا. يبقى من الصعب الجزم بمدى التغيير الحقيقي في خلفيته الأيديولوجية، ويتطلب الأمر مزيدا˝ من الوقت لمراقبة أفعاله وقراراته في المستقبل.
في الخلاصة، يواجه تحول الجولاني في خلفيته الأيديولوجية تحديات كبيرة من عوامل داخلية وخارجية. يبقى من الصعب التنبؤ بمسار هذا التحول في المستقبل، وهو أمر مرهون بتطورات الوضع في سوريا والمنطقة.