تحديات التنفيذ التي تواجهها محكمة الجنائية الدولية
إعداد ملاك محمدي قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 10-06-2024
المحكمة الجنائية الدولية (ICC) هي محكمة دولية مستقلة تم إنشاؤها بموجب نظام روما الأساسي في عام 1998، وبدأت عملها في 2002.
تضم هذه المحكمة 123 دولة ولها الحق في مقاضاة الجرائم المرتكبة على أراضي دولة طرف في المعاهدة سواء كانت المدعى عليها طرفا في نظام روما الأساسي أم لا.
هل تمادت الجنائية الدولية ووضعت مستقبلها على المحك؟
من خلال تقديم الطلبات للمذاكرات الاعتقال بتاريخ 20 ماي 2024 من قبل المدعي العام كريم خان الذي قام بخطوه جريئة واستباقيه ليكبل القضاة ويضغط عليهم من اجل اصدار الامر بشكل عاجل وبشأن القضية الفلسطينية فقد اشار من خلال هذا القرار الى وجود ادلة كافية على توريط نتنياهو وغالانت في جرائم تشمل التجويع كوسيله حرب يزعم خان ان هذه الجرائم ارتكبت كجزء من سياسة دولة منظمة ومعتمدة.
و ربما شعر المدعي العام انه لا خيار امامه سواء القيام بذلك فالمحكمة اذا ارادت ان تحتفظ بشرعيتها عليها ان تفعل شيئا ازاء جرائم الحرب أيا كان من يرتكبها.
في مقابل ذلك أعلن البيت الأبيض انه لا يؤيد اي قرار اتهام لإسرائيل من قبل المحكمة الجنائية بحجه انها ليست صاحبة اختصاص.
وفي الوقت نفسه تواجه المحكمة الجنائية تحديات كبيرة في تنفيذ مذكرة الإعتقال نظرا لكونها لا تملك وسيله ضبط واحضار او قوة شرطة خاصة يعود هذا النقص لكونها تصنف محكمة تحقيقية وليست تنفيذية تعتمد على الدول الأعضاء لتنفيذ أوامرها.
ضمن مبدأ التعاون من خلال تحديد مكان المتهمين ومساعد على القبض، وفقا للبند الأول من مادة 89 نظام روما “على الدول الأطراف أن تمتثل لطلبات إلقاء القبض والتقديم” وإلا في المقابل يمكن للمحكمة فرض عقوبات على الدول التي لا تتعاون مع المحكمة ولكن لا يجوز لدول الأعضاء الإعتداء على المتهمين في حالة المساعدة على القبض والتسليم ولكن تبقى فرصة التنفيذ ضعيفة لكون إسرائيل ليست ضمن الدول الأعضاء إضافة الى أن المنظمات الدولية التي من المفروض أن تساعد المحكمة على العثور على أدلة وتأييد الحق كالإنتربول واليوروبول خاضعة لأمم المتحدة.
في المقابل أخذت إسرائيل في تجهيز جيش من المحامين للدفاع والرد على قرار المذاكرة بحق قادتها وجاء الرد من أمريكا مساندا لإسرائيل حيث وقع تهديد المدعي العام الجنائية الدولية خان عن طريق رسالة صادرة من قبل 12 عضو في مجلس الشيوخ الأمريكي (التابعة للكونغرس الأمريكي) وجاء في الرسالة أنه بمجرد إصدار مذاكرة اعتقال فإن هذه المذاكرة سينظر إليها أنها تهديد ليست فقط لسيادة إسرائيل وإنما للولايات المتحدة الأمريكية وورد في الرسالة الموجهة للمدعي العام تهديدا من قبل النواب بالقول” اذا استهدفت إسرائيل فسنستهدفك” وختم الرسالة بالقول “لقد تم تحذيرك”
مطالب بالتوقف عن ترهيب المحكمة
من جهتها طالبت المحكمة بعدم محاولة التأثير على قراراتها بطرق غير قانونيه التي تهدف الى تقويض استقلاليتها والتأثير على نزهتها وحيادها وعدم إعاقة عمل مسؤوليتها او التأثيرات عليهم فقد طالب مكتب المدعي العام للمحكمة بالتوقف عن الترهيب العاملين قائلا ان مثل هذه التهديدات قد تشكل جريمة بحق المحكمة المختصة بجرائم الحرب.
ولكن لماذا هذه التهديدات صدرت من أمريكا؟
ان هذه التهديدات من قبل النواب جمهوريين في مجلس الشيوخ الامريكي يرتبط بعدة أسباب رئيسية
الدعم السياسي القوي لإسرائيل:
الولايات المتحدة، لديها علاقات قوية مع إسرائيل ويعتبرونها حليفًا استراتيجيًا في الشرق الأوسط. أي تهديد لإستقرار إسرائيل أو قادتها يُعتبر تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
العديد من السياسيين الأميركيين يدعمون إسرائيل بشكل قوي ويسعون لحمايتها من أي تحقيقات أو محاكمات دولية قد تؤثر على صورتها أو تضعف من موقفها الدولي.
الحماية من التحيز المزعوم:
التهديد بالعقوبات يعتبر وسيلة للضغط على المحكمة لمنعها من اتخاذ إجراءات تُعتبر متحيزة أو غير عادلة ضد إسرائيل حيث يرى البعض أن المحكمة قد تكون متحيزة ضد إسرائيل، وأنها تستهدفها بشكل غير عادل في تحقيقاتها.
الاعتبارات السياسية الداخلية:
التهديد بالعقوبات يعكس أيضًا السياسة الداخلية ومحاولة تحقيق مكاسب سياسية من خلال دعم إسرائيل علنًا.
إسرائيل حليف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مما يمكن أن يزيد من شعبيتهم بين القاعدة الانتخابية.
دعم إسرائيل يعتبر قضية رئيسية في السياسة الأميركية
السيادة الوطنية والتدخل الخارجي:
تهديد المحكمة بالعقوبات هو رسالة بأن الولايات المتحدة لن تقبل أي محاولات للتدخل في شؤون حلفائها أو محاسبة قادتهم من قبل جهات خارجية.
الأبعاد القانونية والدبلوماسية:
التهديد بالعقوبات يعكس محاولة الولايات المتحدة استخدام نفوذها للحد من أي تداعيات قانونية أو دبلوماسية قد تؤثر سلبًا على علاقتها مع إسرائيل.
وتلعب المصالح الوطنية دورًا حاسمًا في مستقبل المحكمة وقدرتها على تحقيق أهدافها، بما في ذلك تطبيق مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
كما إن تعاون الدول الأعضاء واستعدادها لدعم قرارات المحكمة وتنفيذها يعدان عوامل أساسية لضمان فعالية المحكم واستقلاليتها. بدون هذا التعاون، تواجه المحكمة تحديات كبيرة في محاسبة مرتكبي الجرائم الدولية وضمان العدالة الدولية.