أخبار العالمالشرق الأوسط

تجدّد التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة ومئات القتلى..

استأنفت إسرائيل عملياتها العسكرية المكثفة على قطاع غزة، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى والجرحى، معظمهم من الأطفال والنساء، وسط أزمة إنسانية خانقة ونداءات دولية متزايدة لوقف الهجمات واستئناف الهدنة. جاء هذا التصعيد بعد فشل المفاوضات بين إسرائيل وحركة “حماس” في القاهرة، ما أدى إلى إعلان تل أبيب إنهاء وقف إطلاق النار والمضي قدمًا في عملياتها العسكرية.

مجزرة جديدة في غزة: مئات القتلى والمفقودين تحت الأنقاض

أعلنت وزارة الصحة في غزة، الثلاثاء، أن الغارات الإسرائيلية المكثفة التي شنتها قوات الاحتلال خلال ساعات الفجر أسفرت عن مقتل أكثر من 330 فلسطينيًا، بينهم نسبة كبيرة من الأطفال والنساء، في واحدة من أكثر الليالي دموية منذ بدء الحرب. وأكد المدير العام للمستشفيات في القطاع، محمد زقوت، أن الأرقام مرشحة للارتفاع بسبب وجود عشرات المفقودين تحت أنقاض المنازل والمباني المستهدفة. كما وثّقت الوزارة أكثر من 440 جريحًا، بينهم حالات حرجة، وسط انهيار شبه تام للقطاع الصحي في غزة.

وبحسب الدفاع المدني الفلسطيني، فإن الغارات الجوية الإسرائيلية تركزت على مناطق متفرقة، أبرزها دير البلح وخان يونس ومدينة غزة ورفح، حيث تم استهداف منازل مأهولة بالسكان، بالإضافة إلى مدارس وخيام الإيواء والمساجد، ما دفع المؤسسات الإنسانية لوصف ما يجري بأنه “إبادة جماعية”. وأكدت مصادر فلسطينية أن من بين القتلى وكيل وزارة الداخلية في حكومة غزة، اللواء محمود أبو وطفة، الذي كان مسؤولًا عن الشرطة والأجهزة الأمنية.

إسرائيل تعلن رسمياً انتهاء الهدنة وواشنطن على علم بالتصعيد

أصدر الجيش الإسرائيلي بيانًا أكد فيه تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة في أنحاء قطاع غزة “بناءً على توجيهات المستوى السياسي”، مشيرًا إلى استهداف “أهداف تابعة لحركة حماس”. فيما أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بيانًا أكد فيه أن الجيش “تلقى تعليمات باتخاذ إجراءات حازمة ضد حماس”، مبررًا ذلك بـ”رفض الحركة إطلاق سراح الرهائن وعدم استجابتها للمقترحات المقدمة من المبعوث الرئاسي الأمريكي والوسطاء”.

وأكد المتحدث باسم البيت الأبيض أن إسرائيل أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قبل شن الغارات، دون أن يصدر أي تعليق رسمي من واشنطن يدين التصعيد العسكري أو يطالب بالتهدئة.

انهيار الأوضاع الإنسانية وسط أزمة وقود خانقة

ترافق القصف الإسرائيلي مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية في غزة، حيث أكد المكتب الإعلامي الحكومي أن القطاع أصبح “منطقة منكوبة” نتيجة نقص الوقود الذي أدى إلى شلّ قطاع النقل والمواصلات، ما أعاق عمليات الإنقاذ ووصول الجرحى إلى المستشفيات. وأشار المكتب إلى أن انهيار المنظومة الصحية نتيجة استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الطبية والوقود يهدد بتوقف المستشفيات بالكامل، ما يزيد من أعداد الضحايا غير القادرين على تلقي العلاج.

ردود فعل دولية غاضبة وتحذيرات من كارثة إنسانية

أثار التصعيد الإسرائيلي موجة استنكار واسعة في الأوساط الدولية، حيث دعت العديد من الدول إلى وقف فوري للعدوان. ووصف وزير خارجية النرويج، إسبن بارث، ما يجري في غزة بأنه “كابوس”، مطالبًا بوقف إطلاق النار فورًا واستئناف المفاوضات. وأعرب وزير الخارجية البلجيكي، برنارد كوينتين، عن قلقه من تصاعد العنف، محذرًا من أن الخسائر البشرية تهدد بعرقلة أي جهود لتحقيق السلام.

بدورها، طالبت وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونغ، بضرورة احترام وقف إطلاق النار، مشددة على أن “المدنيين الفلسطينيين لا يمكن أن يدفعوا ثمن هزيمة حماس”. كما أصدرت الصين بيانًا عبر ناطقة وزارة خارجيتها، ماو نينغ، أكدت فيه قلقها البالغ إزاء التصعيد، داعية إلى “اتخاذ خطوات لمنع كارثة إنسانية وشيكة”.

من جانبه، أكد وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني، بات ماكفادن، أن بلاده “تؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكن يجب ضمان وصول المساعدات إلى السكان”. وأضاف أن لندن “كانت تأمل في استمرار الهدنة وستواصل الضغط لإعادة العمل بها”.

الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية تدين المجازر وتدعو لوقف الحرب

على صعيد المنظمات الإنسانية، شددت منظمة اليونيسف على أن “استئناف العدوان الإسرائيلي أدى إلى تدمير المرافق الصحية وزاد من معاناة أطفال غزة”، مؤكدة أن “حقوق الأطفال الفلسطينيين لا تُحترم على الإطلاق”.

فيما طالب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، مهند هادي، بوقف إطلاق النار فورًا، واصفًا الوضع في غزة بأنه “غير إنساني وغير مقبول”. وأضاف: “شهد القطاع موجات من الغارات الجوية العنيفة منذ الصباح، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لحماية المدنيين”.

توقعات بتصعيد أوسع وسط تعثر المسار السياسي

يأتي هذا التصعيد بعد انهيار المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و”حماس” في القاهرة، حيث عاد الوفد الإسرائيلي دون التوصل إلى اتفاق جديد بشأن استمرار الهدنة أو الإفراج عن الأسرى. واتهمت “حماس” تل أبيب بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، قائلة إن نتنياهو “يأخذ قرارًا بمواصلة الحرب رغم المطالب الدولية بالتهدئة”.

وبحسب مصادر ميدانية، فإن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة تأتي في إطار تكتيك عسكري لإجبار “حماس” على تقديم تنازلات في ملف الأسرى، إلا أن الحركة أكدت أنها لن تخضع للضغط العسكري وستواصل التفاوض بشروطها.

سيناريوهات المرحلة القادمة

تشير التطورات إلى أن الصراع قد يشهد تصعيدًا أكبر في الأيام المقبلة، في ظل غياب أي مؤشرات لوقف العمليات العسكرية أو استئناف الهدنة. وتتزايد المخاوف من أن استمرار القصف الإسرائيلي سيؤدي إلى مزيد من الكوارث الإنسانية، خصوصًا مع تدهور الوضع الصحي ونقص المواد الأساسية.

في ظل هذا المشهد المتصاعد، تظل الأنظار متجهة نحو المواقف الدولية، خاصة من الولايات المتحدة، التي تمتلك نفوذًا كبيرًا على الحكومة الإسرائيلية. فهل ستضغط واشنطن لوقف العمليات العسكرية، أم ستواصل دعمها المطلق لتل أبيب؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق