بول بيلار: الغزو البري لن يقضي على حماس
25-10-2023
أشار تحليل أميركي إلى أن الغزو البري والقتال لن يقضي على حركة حماس، بعدما تعهدت إسرائيل بالقضاء عليها إثر الهجمات المباغتة التي شنَّتها الحركة في 7 أكتوبر الجاري، مما يثير التساؤلات عن مصير قطاع غزة وسط ذلك التعهد.
ويقول المحلل الاستخباراتي الأميركي السابق بول بيلار، في تحليل نشرته مجلة “ناشيونال إنتريست” الأميركية إن الغضب والتعطش للانتقام لا يُفضيان إلى صنع سياسات سليمة، وإن ذلك كان وبشكل غير مفاجئ ومفهوم.
المشاعر السائدة في إسرائيل منذ الهجمات التي ارتكبتها حركة حماس، والعواطف، هي الآن الدوافع الرئيسية للسياسة الإسرائيلية، وسوف تكون السياسات الناتجة عن ذلك أكثر تنفيساً عن الغضب منها عقلانية.
ووفقاً لمبدأ قديم، فإن تعريف الجنون هو فعل الشيء نفسه مراراً مع توقع نتيجة مختلفة. ويرى بيلار أن هذا القول وثيق الصلة بتاريخ إسرائيل العنيف مع قطاع غزة. وقد شكَّلت إسرائيل حصارها الخانق للأراضي من خلال تدميرها بشكل دوري بغزوات برية وهجمات جوية، وعلى الأخص في 2009 – 2008 و2014.
وتكبَّدت إسرائيل تكاليف باهظة وتكاليف أكبر للسكان الفلسطينيين في غزة. ولم يوفر ذلك السلامة والأمن لأحد، ولا حتى لإسرائيل، كما تُظهر تصرفات حماس هذا الشهر.
ولم تكن تلك العمليات العسكرية الإسرائيلية السابقة رداً على أي شيء مماثل سواء في التأثير الجسدي أو النفسي لهجوم حماس في 7 أكتوبر.
وهكذا، قد يقول البعض إنه مع الغضب والدافع الإضافيين، ستكون هذه المرة مختلفة، فبدلاً من مجرد جزٍّ آخَر للعشب، فإن غزواً برياً جديداً لغزة سيكون بمثابة تمزيقٍ للعشب.
ولكن لا يوجد سبب يجعلنا نتوقع أن تكون النتيجة الأساسية مختلفة. وكلما كان أي غزو إسرائيلي جديد أكثر تدميراً، زاد الغضب والاستياء، وزاد تأجيج العنف ضد إسرائيل في المستقبل، ناهيك بالغياب الواضح لأي خطة لإحلال النظام والحكم الرشيد بشكل مقبول في قطاع غزة، حتى لو كان من الممكن تدمير حماس.
كما أنه لا يصل إلى ما يجب أن يكون محل اعتبار رئيسي لأي شخص لديه حس إنساني، وهو أن الغزو البري سيضاعف معاناة الفلسطينيين الأبرياء، التي تقاس بالفعل، من بين أمور أخرى، بآلاف الوفيات الناجمة عن الغارات الجوية الإسرائيلية، وهو عدد ضحايا أعلى بكثير مما ألحقته حماس بإسرائيل.
ويقول بيلار إن الحديث عن “تدمير حماس”، مع أو من دون غزو بري إسرائيلي لقطاع غزة، يُغفل الأسئلة الأكثر أهمية حول ما هو مطلوب لتحقيق أمن أفضل للإسرائيليين ولغيرهم في ذلك الجزء من الشرق الأوسط.
ويرى الكثير من الحديث حول تدمير حماس، تلك الحركة نوعاً من الشر الأزليّ، مع تعطش للدماء وكراهية إسرائيل التي ظهرت من خلال جيل عفوي، ومن ثم فإن القضاء عليها من شأنه أن يحل مشكلة أمنية كبيرة.
ويرى بيلار أنه لدى حماس خياراً أخلاقياً وتجب إدانتها على ما فعلته في 7 أكتوبر، بغضّ النظر عمّا حدث قبل ذلك الحدث. لكنَّ حماس اليوم هي جزء من صراع أكبر بكثير دام عقوداً وجلب الكثير من المعاناة لكلا الجانبين.
وأشار التحليل إلى أنه من غير المؤكد إلى حد كبير ما إذا كان حتى الغزو البري غير المقيد، مع القتال الوحشي في أزقّة وأنفاق غزة، يمكن أن يدمّر حماس كمنظمة. ومن المؤكد أن هذا لن يدمرها كمفهوم للمقاومة العنيفة للاحتلال، والفصل العنصري في الضفة الغربية وحصار قطاع غزة، وحرمان الفلسطينيين من تقرير المصير.
وما دامت هذه الظروف مستمرة، وإذا جرى تدمير منظمة حماس، فإنه يمكن استبدالها جماعة أخرى بنفس العنف بها، وربما أسوأ من ذلك. والواقع أنه حتى حماس قَبِلت ذات يوم الوسائل السلمية للسعي إلى السلطة، مثل الانتخابات الحرة. وقد لا يكون خلفاؤها المفترضون كذلك.
وأخيراً يرى بيلار أن لدى إسرائيل أيضاً ما سماه “الخيار الأخلاقي”، ومهما كانت المعاناة التي تُلحقها بالأبرياء في قطاع غزة، سواء من الجو أو على الأرض، وسواء بالذخائر أو بالحصار، يجب الحكم عليها وفقاً لذلك، بغضّ النظر عمّا حدث من قبل.