بلومبرغ: سنوات من السياسات الخاطئة تركت أردوغان وحيدا معزولا
أنقرة- تركيا-02-03-2020
قالت وكالة الأنباء الأمريكية (بلومبرغ) في تحليل لها عن الوضع في
بعد مقتل عدد كبير من الجنود الأتراك في سوريا مؤخراً، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بات في وضع صعب داخلياً وخارجيا، معتبرة أن هذا الموقف هو نتيجة سنوات من السياسات الخاطئة التي تركته وحيدا معزولا وسط انهيار إقتصادي غير مسبوق،حسب تعبيرها.
واعتبر التقرير أن فتح معابر تركيا لمرور اللاجئين السوريين إلى أوروبا ليس ورقة رابحة وسوف يفشل سريعا.
ووفق التقرير فإن أردوغان كان معزولا بينما كان يفكّر بالرد التركي المحتمل على مقتل جنوده في سوريا، في هجوم هو الأكثر دموية على جيشها منذ عقود.
وبحسب بلومبرغ، كانت الظروف كلها تصب عكس مصلحة تركيا.. الطائرات الحربية الروسية وأنظمة الصواريخ الروسية التي يستعين بها النظام السوري تجعل من الصعب للغاية توفير غطاء جوي لـ10 آلاف جندي تركي أرسلهم أردوغان عبر الحدود لوقف انهيار آخر معقل للفصائل في سوريا في إدلب ومنع ملايين اللاجئين المحتملين من التوجه إلى حدود تركيا.
وقد تحدث أردوغان مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل يوم الجمعة الماضي، وكان من المتوقع أن يتحدث إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “لكن المكالمات لم تكن لتغيّر من واقع من يسيطر على سماء سوريا”، على حسب تعبير الوكالة.
وأضافت أن “خيارات أردوغان للإنتقام” من قوات النظام السوري “كانت محدودة في غياب الدعم الجوي. وأوضحت أن الغارة التي قتلت جنودا أتراكا “كانت تهدف إلى ردع تركيا عن التوغل في عمق إدلب.
وتوقع مسؤول رفيع المستوى على دراية مباشرة بسياسة تركيا في سوريا أن “يكون أردوغان قد استثمر الكثير في هجومه بسوريا بحيث لا يمكن أن يتراجع الآن، وسيسعى إلى الإنتقام العسكري المستمر”.
وأضافت الوكالة في تقريرها أن “عزلة أردوغان هي إلى حد كبير من صنع يده.. لسنوات، كان (أردوغان) يبتعد بسياسته الخارجية عن حلفاء تركيا التقليديين في الغرب. وقد تسارع هذا التغيير في الإتجاه بعد أن قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعمه في ليلة الإنقلاب العسكري الفاشل ضد أردوغان في عام 2016 في حين بدت العواصم الغربية غير مبالية. وأقام الزعيمان علاقة شخصية قوية حتى في الوقت الذي اختلفت فيه أجندتهما في الشرق الأوسط”.
وذكّرت الوكالة بأن أنقرة اختارت العام الماضي شراء نظام دفاع صاروخي روسي متقدم، مفضلة الخيار الروسي على البديل الأميركي الصنع الذي كان سيأتي مع قيود على مكان وزمان استخدامه. وأدى هذا الأمر إلى توتر العلاقة بين أنقرة وواشنطن، وطردت وزارة الدفاع الأميركية تركيا من برنامج صناعة الطائرات المقاتلة “اف 35”.
أما في ما خص علاقة تركيا بالإتحاد الأوروبي، فتتعمق المشاكل بسبب عقود من الخلافات حول مسائل أساسية مثل جزيرة قبرص حيث توجد جمهورية تركية منفصلة منذ اجتياح تركيا شمال الجزيرة في 1974.
واتهم أردوغان الدول الأوروبية بعدم القيام بما فيه الكفاية لتغطية نفقات رعاية 3.6 مليون لاجئ استقروا في تركيا بسبب الصراع، وهدد مرارا وتكراراً بإرسالهم شمالاً إلى حدود الإتحاد الأوروبي.
وفي أعقاب هجوم يوم الخميس، حذر المسؤولون الأتراك أوروبا مرة أخرى من أن تركيا “ممتلئة” باللاجئين وسيتعين عليهم استقبال جزء منهم إذا ما استمر القتال في إدلب.
وفي هذا السياق، قالت أناستازيا ليفاشوفا، مديرة “صندوق بلاكفريرز لإدارة الأصول”، إن أي مغامرة عسكرية تركية في سوريا، في ظل غياب الدعم من حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة، قد تزيد من تداعيات السوق في تركيا.
وكانت هزائم أردوغان العام الماضي في الإنتخابات البلدية بالمدن الرئيسية قد أظهرت أن قاعدته الإنتخابية، مهما كان ولاؤها له، متململة من الإقتصاد المتعثر. وهذا مؤشر مهم للزعيم التركي الذي يمكنه الترشح لإعادة انتخابه في عام 2023
إلي ذلك، قال هوسين باجي، أستاذ العلاقات الدولية في “جامعة الشرق الأوسط التقنية” في أنقرة: “إن التورط بشكل أعمق في الحرب الأهلية في سوريا لن يؤجج التوترات مع روسيا ذات القوة الإقليمية فحسب، بل قد يؤثر أيضاً على الإقتصاد الضعيف”، مشيراً إلى أن هذا قد يؤثر في نهاية المطاف على صناديق الإقتراع في تركيا.