أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

الكارثة الإنسانية في غزة : الأوبئة سلاح العدو ضد المدنيين 

شكلت الحرب القائمة على غزة منذ أشهر كارثة إنسانية إذ شهد العالم العديد من التجاوزات و أصبح القانون الدولي مجرد حبر على ورق، فقد شهدنا في غزة إنتهاكات يعجز العقل الطبيعي عن تخيلها و يشمئز الإنسان لمجرد مشاهدتها لبشاعتها.و تختلف إشكال الإبادة الجماعية التي يقوم بها المحتل فمنها القتل، التعذيب و منها أشكال أخرى تتمثل في الأوبئة و الأمراض الخطيرة التي تسبب معاناة للضحية و قد تؤدي في بعض الحالات إلى الموت و يعد ذلك كارثة و جريمة ضد الإنسانية.

أسباب الأزمة الصحية في غزة:

تعطل نظام الصرف الصحي:

يعد تعطيل نظام الصرف الصحي واحدا من أهم مسببات الإصابة بفطريات والتهابات مختلفة. فهو عامل رئيسي في تراكم التلوث، وقد ظهر ذلك إثر تدمير البنية التحتية و توقف عمل المضخات جراء نفاذ الوقود المشغل لها حتى أصبحت بذلك بيئة مثالية للعدوى ومختلف الأمراض المتنقلة من خلال التربة، المياه،…

ضعف دفاعات الجسم:

يعد ضعف الجهاز المناعي عند الإنسان عاملا جوهريا في تأثر الجسم بالتهديدات الخارجية واستسلامه للأمراض والفيروسات، و يظهر ذلك في غزة خاصة نتيجة الجوع و العطش و افتقار الجسم للفيتامينات الأساسية و خاصة عند الأطفال دون سن الخامسة إذ تضاعفت 25 مرة عما كانت عليه قبل العدوان.  

تدمير المستشفيات و إحتياطي الأدوية:

تم خلال العدوان على غزة استهداف العديد من المستشفيات والمستودعات والمستهلكات الطبية لإغاثة المرضى والمصابين.  فشمال قطاع غزة لم يعد به مستشفيات قادرة على العمل، في ظل نقص الوقود والأطقم والإمدادات. و هو ما يعمق الأزمة و يصعب تلقي العلاج واللقاح عند الحاجة. 

الإزدحام:

يؤدي الإزدحام لسرعة انتشار الأمراض المعدية خاصة الأطفال لقلة مناعتهم، و قلة توفر وسائل النظافة الازمة للحد من العدوى. 

انتشار الجثث الغير مدفونة:

يشهد قطاع غزة ظاهرة تحلل جثامين ضحايا القصف في الشوارع نتيجة عدم تمكن الأهالي من دفنها بسبب شدة القصف الإسرائيلي وتعذر وصول سيارات الإسعاف والدفاع المدني إليها. إضافة إلى ترك جثث أخرى في الطرقات ونهش الكلاب أجزاء منها. أو منع جيش الاحتلال الأهالي دفن الضحايا  مثال ذلك جثث الأطفال التي تحللت في قسم العناية بمستشفى النصر للأطفال. وكثيرا ما تتسرب إفرازات من الجثث، مما قد يؤدي إلى تلويث الأنهار أو مصادر المياه الأخرى كما يمكن أن تنتقل الغازات والجسيمات المتحللة عبر الهواء، بالإضافة إلى مساهمة الحشرات والقوارض في نقل الفيروسات فالحشرات والفئران قادرة على أن تنشر العدوى. إلى جانب تغذي الحيوات مثل القطط والكلاب على الجثث في حالة الجوع .

غياب مواد التنظيف:

يشكو أهالي غزة ندرة مواد التنظيف نظرا لعدم السماح بإدخال مواد التنظيف، و في حال توفرهم فتظهر مشكلة غلاء الأسعار إلى مستوى يصعب على معظم الأهالي تحمله مع جودتها السيئة. إضافة إلى عدم غسل الأكل قبل تناوله لشح الموارد المائية

العوامل الجوية :

يعد الطقس عاملا أساسيا في حدة الكارثة فالطقس الحار يزيد من التعرق وتراكم الأوساخ التي تسبّب الطفح الجلدي والحساسية، إضافة إلى التعفن بسبب ارتفاع درجات الحرارة. بينما تنقل الأمطار الأوساخ التي تسبب تسممات. 

مظاهر الكارثة الإنسانية في غزة:

يقدر نحو 150 ألف فلسطيني يعانون من التهابات جلدية تتراوح بين الجرب، وجدري الماء، والقمل، والقوباء، وأمراض جلدية منهكة أخرى، تتجلى في بقع بيضاء وحمراء منتشرة على كامل الجسد وفقًا لإحصائيات صادرة عن وزارة الصحة في غزة و نذكر من بين الأمراض العديدة التي تم رصدها عند بعض الضحايا:

الأكزيما:

من أعراضها الشعور بجفاف شديد في الجلد، حكة، انتشار العديد من البقع الحمراء وظهور قشور بين أصابع الكفين.

القوباء:

من أكثر أمراض الجلد المنتشرة و هي نوع من الالتهابات البكتيرية و تظهر عادة على شكل تقرحات حمراء على الوجه، خاصة حول الأنف والفم، وعلى اليدين والقدمين.

فيروس شلل الأطفال:

تفشى هذا الوباء مؤخرا في قطاع غزة وقد تم اكتشافه في مياه الصرف الصحي.إذ لم يتم جمع عينات بشرية و ما زال غير واضح إن كان هناك أي شخص مصاب بالفيروس بالفعل.وهو مرض مميت يصيب عادة الأطفال تحت سن الخامسة، و هو سريع الإنتشار.

و قد ذكر أبو جزر لـ “العربي الجديد”:

“لو استمر الحال على ما هو عليه، سيكون هناك خطر على مستقبل الأطفال على وجه التحديد، وقد تنشأ لديهم مشاكل في النوم أو أمراض داخلية خطيرة”, وهناك تخوف من أن تسبب الفشل الكلوي”.

الأزمة النفسية:

إلى جانب المعاناة الجسدية يعاني الفلسطينيين كذلك من أزمة نفسية جراء الصدمات المتتالية الناتجة عن فقدان ذويهم، الرعب اليومي من القصف، الإعتداء الوحشي والا أخلاقي ضدهم منذ الطفولة، الحرمان من الأساسيات التي يضمنها القانون و يمتع بها أي شخص طبيعي، مشاهدة أشلاء الموتى التي يعجز العقل عن تخيلها.  

مخلفات الأزمة الصحية في غزة:

تعد هذه الأزمة كارثة إنسانية خلفت الكثير من الضحايا و ما تزال تحصد أرواح الكثير من الأبرياء، فالأوبئة تعد سلاحا فتاكا توسلته دولة الإحتلال لإيقاع أكثر عددا من الضحايا في عملية الإبادة الجماعية. إلا أن تأثير هذه الكارثة ينتشر باستمرار و بنسق متسارع فتبرز المخاوف من توسع هذه الأزمة لتشمل البلدان المحيطة و تصعب السيطرة عليها، فقد صرحت وزارة الصحة الفلسطينية أن “هذا الوضع يشكل تهديدا صحيا لسكان قطاع غزة والدول المجاورة وانتكاسة لبرنامج استئصال شلل الأطفال عالميا”.   

تظهر الأزمة الصحية في غزة كعامل مسبب للألم الجسدي للمدنيين  و معمق للألم النفسي، تستغله دولة الإحتلال لإيقاع أكثر عدد من الضحايا و تحقيق غاياتها بأكثر الطرق وحشية. ورغم ذلك يصمد الضحايا أمام التعذيب معتمدين ما يمكن من الحلول لتخفيف الألم ومواصلة العيش مع شكواهم للمنظمات الدولية والتحذير من تأثير هذه الكارثة المحتمل.   

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق