العمى السياسي وتسويق الأكاذيب
تونس-25-10-2021
من المؤسف حقا أن ينبرى بعض مسؤولي الأحزاب السياسية والنقابات ومن يحلو لهم وصف أنفسهم بـ”المحللين” ، أن يخوضوا في قضايا لا يفقهون منها سوى عناوين أو ما حُشرت به أدمغتهم من معلومات ليست صادرة عن بحث أو تقصي للحقائق..والأغرب من ذلك أنهم يُسقطون سطحية معلوماتهم على المتلقي عند حديثهم عن الحالة التونسية الراهنة.
لقد أبانت تصريحاتهم عن جهل جعلهم محل تندر-وهم الذين يدعون المعرفة في كل أمر-من قبل عديد الذين يحترمون الأمانة العلمية والكثير من رواد مواقع التواصل الإجتماعي.. هؤلاء سواء من لا يزال منهم متشبثا بتلابيب”الإسلام السياسي” أو آخرون ادعوا الخروج منها أو عليها،إلى جانب “عباقرة” السياسة، قد انتابهم الهلع من مواقف الرئيس سعيّد، وتفننوا في التشويه والتشكيك في كل مفهوم أو مسار يتعارض مع تسلطهم ومصالحهم.. لايفرقون على سبيل المثال بين مفاهيم” اللجان الثورية” و”الجان الشعبية” و”سلطة الشعب” في”رفس” للمفاهيم ومحاولة إلصاق أي نفس إصلاحي بالتجربة الليبية،في حين أن كل دساتير العالم -بما في ذلك”أفضل دستور صنعته العبقرية “الإخوانية”- تنص على أن السلطة مصدرها الشعب، كما أن طرح “السلطة الشعبية” و”التسيير الذاتي” و”الديمقراطية التشاركية” هي بالأساس مفاهيم إنسانية سبق أن تبنتها بشكل أو بآخر بلدان عديدة..
ولسنا هنا في مقام الدفاع عن التجربة الليبية،إلا أن الإدعاء بأن ما تعانيه ليبيا منذ عشر سنوات هو نتيجة تلك التجربة، فهذا يكشف بالفعل ضحالة آلية التفكير لدى هؤلاء، متناسين أن سبب التدمير وما نتج عنه من كوارث في ليبيا هو عدوان أطلسي(رقصت له وباركته جماعة الإخوان) استمر سبعة أشهر متتالية بصواريخ كروز و350 طائرة بأحدث ما أنتجته العقلية الغربية الإرهابية من سلاح حديث تسبب في خلق هذا الواقع المأساوي وهو ما اعترف به رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني والرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما وغيرهما.
الذين يتباكون على “ديمقراطية التمكن والنهب” الذين لفظهم الشعب في أكثر من مناسبة وبخاصة في 25 جويلية، حين يقول بعضهم:” لن تقبل تونس المتحضرة بإرساء نظام شبيه بنظام اللجان الثورية كغطاء للاستبداد والاستفراد”، يفضح نفسه مرتين، فاللجان الثورية ليست نظاما، وإنما ماهيتها توعوية، في حين أن السلطة تمارس داخل المؤتمرات الشعبية، أما عن الإستبداد والإستفراد فقد تناسي”تغول النهضة” والحاكم بأمرها الذي كاد يقول”أنا ربكم الأعلى”، مستخفا بمؤسسات الدولة في علاقاته الداخلية والخارجية.. يعين من يشاء متى شاء،ويوظف المال السياسي والمناصب لشراء الذمم والأصوات، ولا يتورع عن التحالف مع من سبق أن اتهمهم بالفساد والعمالة!.. والقائمة طويلة..
ومع ذلك يواصل البعض استمراء ليّ ذراع الحقيقة، وهنا تعتبر حركة “النهضة” أن الإجراءات الإستثنائية التي اتخذها رئيس الدولة”أضرّت بمكاسب تونس وبسمعتها التي حققتها بعد الثورة”.
بالفعل “مكاسب”تونس خلال “العشرية الإخوانية الوردية” يعرفها جيدا الشعب التونسي:اغتيالات سياسية وتمكنا وتسلطا وتهميشا وغلاءً فاحشا وإغراقا في المديونية وبطالة متفشية وفسادا ومحسوبية… أما عن سمعة تونس فحدث ولا حرج..فقد أصبح العالم يشير إلى تونس بالبنان كأول مصدّر للإرهاب إلى جبهات القتال من سوريا والعراق وليبيا وصولا إلى منطقة الساحل،ومن مناصري”جهاد النكاح”، فضلا عن إفساد العلاقات مع عديد الدول الشقيقة والصديقة،إلى جانب التصنيفات السلبية للغااية من قبل المؤسسات المالية العالمية…
من المعيب حقا الإستخفاف بعقول الناس
لإيهامهم بما لايصدقه المروجون أنفسهم!