أخبار العالمالشرق الأوسط

السويداء تُحبط هجومًا مسلحًا وتُدخل قوات الأمن العام إلى قلب المحافظة وسط تحركات لتثبيت السيطرة وتفكيك الفصائل المحلية

أحبطت فصائل محلية في محافظة السويداء، جنوب سوريا، هجومًا استهدف ريفها الغربي، في تحرك أعقبه إعلان رسمي عن دخول قوات الأمن العام إلى المحافظة وانتشارها على أطرافها، في خطوة تعكس بداية مرحلة جديدة من محاولات السلطة المركزية لبسط نفوذها الأمني والإداري داخل منطقة لطالما كانت خارجة جزئيًا عن سيطرة دمشق.

وبحسب ما أورده “تلفزيون سوريا”، فإن الفصائل الدرزية المسلحة المحلية تمكنت من صد محاولة تسلل أو هجوم لم تتضح تفاصيله، ليتبع ذلك إعلان رسمي بدخول وحدات الأمن العام وانتشارها داخل حدود المحافظة، في ما وُصف بأنه “إجراء لضمان الأمن والاستقرار”. ورغم التعتيم الإعلامي على طبيعة الهجوم والجهات التي تقف وراءه، فإن مصادر محلية رجّحت أن تكون مجموعات تهريب أو خلايا تابعة لتنظيم “داعش” قد حاولت التسلل، في ظل حالة الانفلات الأمني التي تضرب الجنوب السوري عمومًا.

ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه السويداء توازنًا هشًا بين فصائل محلية مسلحة، أبرزها “حركة رجال الكرامة” و”قوات مكافحة الإرهاب”، اللتين لطالما لعبتا دورًا أمنيًا وإداريًا بديلاً في ظل غياب فعلي لمؤسسات الدولة، وبين محاولات متكررة من النظام السوري لإعادة فرض سيطرته على المحافظة. وتُعرف السويداء، ذات الأغلبية الدرزية، بموقفها المتميز من الصراع السوري منذ عام 2011، إذ تبنت موقف الحياد في السنوات الأولى، قبل أن تنخرط لاحقًا في مواجهات مع جماعات متطرفة وشبكات تهريب كانت تنشط على تخوم المحافظة.

وتشير تحركات الأمن العام الأخيرة إلى نية واضحة من دمشق في إعادة تشكيل الواقع الأمني هناك، خاصة بعد سلسلة احتجاجات شعبية واسعة شهدتها السويداء خلال عامي 2022 و2023، بسبب تدهور الوضع المعيشي واعتراضًا على سلوكيات بعض أجهزة الدولة، وهو ما خلق فراغًا كانت الفصائل المحلية تملؤه بوصفها الضامن الوحيد لحفظ النظام الداخلي.

لكن دخول القوات النظامية اليوم يحمل أبعادًا أوسع، فهو لا يأتي فقط لضبط الحدود أو حماية السكان، بل قد يُقرأ كخطوة تمهيدية نحو تفكيك الفصائل المحلية أو إدماجها في المنظومة الرسمية، سواء بالقوة أو عبر تفاهمات جديدة تضعف استقلالها السابق.

ويبدو أن دمشق تستفيد من تغيرات إقليمية وتوافقات دولية، أبرزها تحسن العلاقات السورية مع بعض الدول العربية، لتحريك ملف الجنوب مجددًا، بدءًا من درعا ووصولًا إلى السويداء، في إطار استراتيجية أوسع لاستعادة “السيادة الكاملة” على التراب السوري. ويبقى السؤال عن قدرة النظام على تنفيذ هذا المسار دون إثارة مقاومة محلية جديدة، خاصة في بيئة ترفض الهيمنة الكاملة وتطالب بإصلاح سياسي عميق لا يتوفر حتى الآن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق