حرب أكتوبر: تجلي إرادة أمّة وإشراقة تاريخ
السادس من أكتوبر/ الموافق للعاشر من رمضان عام 1973، لم يكن يوما ككل الأيام في دنيا العرب.
كانت وقائعُ الأحداثِ قبلَه، تشير إلى أن الفترةَ التي فصلت بين 5 يونيو 67 ، ويومِ 6 أكتوبر 73 ،تنبئ بحدوث العبور العظيم،خاصة بعد حرب الإستنزاف المجيدة التي قادها جمال عبد الناصر وإعادةِ بناء القوات المسلحة المصرية بكوادر على درجة عالية من الإختصاص والخبرة.
اتخذ الرئيسُ الراحل أنور السادات قرارَ الحرب، بالتنسيق مع الراحل حافظ الأسد، وخططت القيادتان لمهاجمة قوات الإحتلال على جبهتين في وقت واحد.
بدأت نسماتُ النصر ،عندما أشارت عقاربُ الساعةِ إلى الثانيةِ بعد ظهرِ يوم السادس من أكتوبر، حيث بدأ أكثر من ألفيْ مدفع ثقيل قصفَ مواقعِ العدو في نفس اللحظة التي عبَرت فيها سماءَ القناة مائتان وثماني طائراتٍ لتوجيه الضربةِ الجوية الأولى التي أصابت مراكزَ القيادةِ والسيطرةِ الإسرائيلية بالشلل التام.. وفي نفس الوقت كان أكثرُ من ثمانية آلاف مقاتلٍ قد بدأوا النزولَ إلى مياهِ القناة واعتلاءَ القواربِ المطاطية والتحركَ تحت لهيب النيران نحو الشاطىء الشرقي لقناة السويس..
حقق الجيشان المصري والسوري تقدما كبيرا من وراء المباغتةِ العسكرية حيث توغلت القوات المصرية 20 كيلومترا شرق القناة،في حين تمكنت القوات السورية مدعومةً بالقوات العراقية من الدخول إلى عمق هضبة الجولان.
كان هناك قادةٌ آخرون، وقفوا منذ اللحظات الأولى للحرب، الموقفَ الصحيحَ من التاريخ،في مقدمتهم معمر القذافي ، بشهادة رئيسِ أركانِ الجيش المصري في حرب أكتوبر، الفريق سعد الدين الشاذلي.
القذافي،الذي يجهل الجاهلون نخوتَه، ويجحد الحاقدون مواقفَه، كان له من نصر أكتوبر نصيبٌ كبير،وإسهامٌ فعالٌ في تأمين العبور نحو ضفة الإنتصار.. لقد دفع إلى الجبهة المصرية بثلاثمائة دبابة، ومئاتِ المدافع، ومائتين وأربعين صاروخا من طراز إستريلا،وسريةِ صواريخ كروتال، وتسعٍ وسبعين قاذفةً للصواريخ مع 5 ألاف صاروخ،إلى جانب سبعين طائرةً من نوع ميغ 21 ، وأربعٍ وخمسين طائرة ميراج.
وقامت ليبيا بشراء القوارب المطاطية التي عبر بها الجنود المصريون قناةَ السويس، كما شاركت بقواتٍ عسكريةٍ على الميدان بقيلدةِ القائد العام الحالي للجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر.
لقد حطمت الإرادةُ العربيةُ أسطورة “جيش إسرائيل الذي لا يقهر”.. وأفاق العالم، على قوة أبطال الجيوش العربية، وصلابةِ الموقفِ السياسي الذي جسده الملك السعودي الراحل فيصل والزعيم معمّر القذافي والفريق أحمد حسن البكر والرئيس الجزائري هواري بومدين، باستخدام سلاح البترول الذي سار متوازيا مع انتصار أكتوبر، وأدرك الجميع أن العرب، حينما يتّحدون يستطيعون مواجهةَ أيِّ قوةٍ ظالمة.