التونسيون عافوا وجود الغنوشي على هذه الأرض وتحت سمائها
تونس-25-02-2022
كتب لطفي العربي السنوسي،بجريدة”الصحافة” مقالا تحت عنوان” الشيخ وخطاب الفتنة والتحريض!” جاء فيه:
تحدثنا في مناسبات سابقة عن “العقل السياسي” التونسي وأكدنا على أنه “عقل بلا محتوى” غير مؤهل لانتاج أفكار أو رؤى أو تصورات وبدائل حكم… هو “عقل” غنائمي انتهازي يرى “السلطة” غنيمة، وهو عقل بلا “مشروع حكم” يتبنّى مقولات وشعارات حزبية ضيقة وله راية وزعيم أبدي يأكل الجيل بعد الجيل ولا يتنازل أبدا عن “مقامه” حتى وإن توغّل به العمر…
انظروا حال الشيخ راشد الغنوشي وهو يتفلّى العمر والمجد الضائع وقد انتصب في نادي “مواطنون ضد الانقلاب” موزعا النكات السمجة – وكانت بثقل العواهن – ومن حوله كائنات تفتعل الضحك بصوت عالٍ وكان بينهم كمهرّج مطرود من سيرك رثّ ومن حوله “المناضل التقدمي” أحمد نجيب الشابي الذي وصل متأخرا إلى كل المواعيد التي قدّمها له التاريخ وأضاعها بانتهازيته وبتهافته الخائب وراء سلطة لم ينلها أبدا ولم يعد له متسّع لينالها… لقد كان المشهد بائسا ومنحطا ينهي تردّدنا أو لنقل تحفظّنا في مساندة الرئيس قيس سعيد مساندة مطلقة بل هو مشهد يقدّم لنا ورقة الإقناع الأخيرة وحجة الحجج على أن قيس سعيد لم يكن مخطئا بل كان على صواب تام عندما داهم هذه الإنتهازيات وهدم السقف على رؤوسها، ولم يكن مخطئا عندما أنهى الوجود الإخواني وشرّد جمعهم وكل من جاورهم أو ساندهم…
لقد كانوا “كالسقط” من حول الغنوشي في تحالف متجدّد مع “الإخوان” ومع شيخهم تحديدا، وكم كان وضع نجيب الشابي بائسا ورديئا في جلسته تلك وهو دليل “عقل سياسي” بلا محتوى كما أشرنا يعكس زيف هويته التقدمية والتي لم تمنعه من مدّ يديه لهويات رجعية إخوانية إجرامية عالقة بها جرائم نهب ولصوصية واغتيالات سياسية وعلى رقبتها كل الخيبات التي شهدتها تونس في السنوات العشر الأخيرة… هذه حال “المناضل التقدمي” نجيب الشابي اليوم، ولا ندري ما الذي سيجنيه من مجاورته لشيخ الإخوان المطرود من حياة التونسيين بحسب آخر سبر للآراء… ولم يكن – لوحده – في الواقع بهذه الجلسة من حول الغنوشي بحيث كان على يمينه كل من الحبيب بوعجيلة وجوهر بن مبارك الوافدان حديثا على العمل السياسي الإنتهازي وقد أكلا من كل الموائد ولم يغنما شيئا ولن يغنما غير الخيبات…
حديث الغنوشي في هذه الجلسة حديث فتنة وتحريض وحقد وقد سعى إلى ضرب قيس سعيد في كل المقاتل الممكنة – علّ واحدة منها تصيبه في مقتل – وقد جاء المضرب الأول مضرب فتنة بالإشارة الخبيثة الى ما كانت أشاعته الحركة الإخوانية من حول الرئيس من نزوع شيعي وانتمائه إلى التحالف اليعقوبي الشيعي وهو تحالف بقيادة إيران وله عداوة مع المالكية الزيتونية ومع الإسلام ويسعى إلى إنهاء وجود الحركات الإسلامية في المنطقة ومن بينها الحركة الإخوانية التونسية التي وقفت – كما في ادعاءات حركة النهضة – كحجر صلب ضدّ الإمتداد الشيعي اليعقوبي في تونس والذي ينتمي إليه قيس سعيد كما في إشارة الغنوشي الذي يسعى بدهاء لإثارة فتنة مذهبية يدرك جيدا أن لها “جمرات مطفية” إن تم النفخ عليها بإمكانها إحداث إرباك مجتمعي خطير قد يتحوّل إلى مقدمات لفتنة مذهبية وهو “الوهم” الذي يعتقد الغنوشي في إمكانية حدوثه…
ولم يتوقف الشيخ عند هذا الحدّ في خطاب يعتبر الأخطر والأكثر تحديا للرئيس قيس سعيد ويعتبره الغنوشي “وباء” حلّ بالبلاد التونسية وشبّه أنصاره “بالحواريين” وتهكّم على “عربيته” وقال بأنها عربية ركيكة وبأن أول مهمة استلمها هي وظيفة “رئيس دولة” ونفس الشيء بالنسبة لنجلاء بودن فأول وظيفة لها هي رئاسة الحكومة…
وهنا لا بدّ من تذكير راشد الغنوشي بأنه لم يسبق له أيضا أن اشتغل وأول وظيفة حقيقية له كانت رئيس مجلس النواب (دون ذكر الأشهر القليلة في التدريس) كما أن أول وظيفة لرئيس الحكومة الإخواني حمادي الجبالي كانت “رئيس حكومة”…بل إنّ الحركة استحوذت على الحكم ولم تكن لها دراية سابقة بدواليبه وشؤونه.
الغنوشي دعا التونسيين – ضمنيا – إلى التخلّص من قيس سعيد بقوله :”أنا متأكد بأن التونسيين سيتخلصون من هذا البلاء وتقديري أن من يظنّ أن هذا الرجل قد مسح عشر سنوات من الثورة فهو مخطئ…”.. ويضيف “وكوننا أنتجنا هذا الرجل (أي قيس سعيد) فالشعوب أحيانا تقع في الإستهواء الجماعي ولكن كما تخلص هذا الشعب من دكتاتوريين سابقين فإنه سيتخلص من هذا أيضا…”.
وأمام هذا الحديث الإخواني الضحل نسأل: ألا يستوجب هذا الخطاب التحريضي المباشر ضدّ رئيس الجمهورية قيس سعيد تحرك النيابة العمومية التي سبق لها أن تحركت بسرعة على أثر تدوينات منفعلة لعدد من الشباب قذفوا الرئيس بكلمات لا معنى لها…؟ أليست واضحة دعوات الغنوشي للتخلّص من هذا الذي أسماه بلاءً…؟ أليس في حديثه عن “تشيّع” قيس سعيد فتنة ودعوة “للنفخ” على جمر الصراعات المذهبية…؟
على النيابة العمومية ان تأخذ أمر هذه التصريحات بجدية كونها تستهدف الدولة وأمنها ورأسها…
يستمر الشيخ راشد الغنوشي في تحديه للتونسيين برغم أنهم قد عافوا وجوده على هذه الأرض وتحت سمائها وقد أطردوه من حياتهم – أصلا – ما أكده سبر الآراء الأخير لمؤسسة “سيغما كونساي” وبرغم ذلك فإنه يصرّ على العودة إلى المشهد متسربا من تلك الفراغات التي غفل عنها الرئيس قيس سعيد المطالب بتدارك أمره وحسم أمر “إخوان” تونس فهم لا “ينامون” ما لم يبرد غيضهم!..
قلنا بداية إن “العقل السياسي” التونسي هو “عقل” بلا محتوى أي عقل غير قادر على إنتاج الأفكار وتصورات الحكم وإنما هو عقل انتهازي متهافت يتحرك من حول السلطة كلص أي بعقلية إجرامية نعثر عليها بوضوح في الخطاب الأخير للغنوشي في مجلسه بمقرّ “مواطنون ضد الإنقلاب!”.