الأزمة الليبية:هل سينجح الألمان فيما فشل فيه الآخرون؟
زهور المشرقي-تونس21 نوفمبر2019
انطلق العدّ التنازلي لمؤتمر برلين حول ليبيا ،حيث يخوض المفاوضون الألمان سباقا مع الزمن من أجل توفير شروط النجاح لمبادرة المستشارة أنغيلا ميركل بشأن ليبيا.
حسم الصراع حول طرابلس عسكريا سيكون قريبا وفق الجيش الوطني الليبي، والمبادرة الألمانية يمكن أن تشكل فرصة أخيرة.
ولا تزال الجهود الدولية لاحتواء الأزمة الليبية الراهنة قائمة، والأطراف الفاعلة ماضية في الترتيب لعقد الإجتماع الدولي في ألمانيا، غير أن ما رشح حول الأجندة والمشاركين المحليين والدوليين قليل.
الألمان، أصحاب المبادرة، حريصون على أن يحقق مؤتمر برلين نجاحا، لهذا فهم يدفعون باتجاه ضمانات دولية للتوافق ودعم تسوية عادلة للطرفين قبل انعقاد المؤتمر، وهو ما يفسر تأجيل الإجتماع أكثر من مرة.
وفي هذا الإطار كشف المحلل السياسي الليبي عبد الحكيم معتوق ، في حديث مع صحيفة “ستراتيجيا نيوز” اليوم الخميس 21 نوفمبر2019 أن ‘مؤتمر برلين’ سيكون محطة أخرى خارج النص ولن يكون في العقل الجمعي الليبي ، مذكّرا بالمحطات السابقة حيث فشلت الأمم المتحدة والدول الفاعلة في إيجاد حل للأزمة المستمرة، بأي صيغة.
واعتبر معتوق، أن المشكل الذي تعانيه ليبيا هومشكل أمني بالأساس وليس مشكلا سياسيا كما يروج، متابعا أن مجلس الأمن قد فرض على ليبيا حزمة من القرارات منذ عام 2011، مشيرا إلى أنه لم يسْعَ إلى إيجاد حل للأزمة.
وأوضح المحلل السياسي الليبي أنه “من غير المعقول أن تكون هناك سلسلة من القرارات لصالح ليبيا وتتعلّق أساسا بحماية المدنيين والحق الإنساني وعدم المساس بالمنشئات الحيوية وعدم توريد الأسلحة وغيرها من القرارات المحصنة من مجلس الأمن في حين لم تُفعّل، تطبيقا لمصالح معينة”.
وأضاف أن الأمم المتحدة ركّزت على قرار واحد يتعلق بحماية المدنيين والذي وصفه بـ”الأكذوبة” ليتضّح جليا أن الهدف من ورائه هو إسقاط النظام والدولة وتمكين الإسلام السياسي من السيطرة على مفاصل الدولة والتحكم في مقدرات الشعب الليبي ولتتحول ليبيا إلى مسرح للعبث،وفق تعبيره.
وكذّب محدّثنا، رواية وجود” فرقاء سياسيين” في ليبيا ،لافتا إلى أن هناك جيشا وطنيا بصدد تطهير البلاد من الجماعات التكفيرية والإرهابية والجماعات الخارجة عن القانون .
وقال عبد الحكيم معتوق، إن حكومة فائز السراج غير الشرعية لم تنل ثقة البرلمان الليبي والشعب، وهي من تنصيب الغرب الذي يتشدّق بالديمقراطية وبالسعي والعمل لضمان الإستقرار في ليبيا ،مشبها الوضع في ليبيا بالإحتلال في فلسطين حيث يوجد المحتل عنوة.
وتابع قائلا: “إن الأمم المتحدة أرسلت على مدى ثماني سنوات 6 مبعوثيين أمميين إلى ليبيا، ما يفسر عدم قدرتها على الحل في ظل الوضع الراهن،موضحا أن الطرف الليبي ليس عاجزا عن إيجاد حل ينهي الأزمة خاصة في ظل وجود جيش وقبائل وقوة وطنية فاعلة”،مشيرا إلى أن “المجتمع الدولي على يقين من ذلك “.
وبيّن محدثنا أن مؤتمر برلين يذكّر العرب ببرلين 1885 عندما حصل صراع على ثروات الكونغو بين فرنسا وبلجيكا وعُقد المؤتمر لتقاسم النفوذ وتوزيع الثروات ، متمنيا ألاّ يتكرر ذات السيناريو في ليبيا ويكون الموضوع بمثابة توزيع الحصص بين فرنسا وإيطاليا اللاعبين الرئيسيين في المشهد الليبي.
أما بخصوص استبعاد دول الجوار ، فعلق معتوق بالقول: إن هناك شبهات باعتبار أن “أنبوبة العمل العربي مخترقة” ولن يكون هناك دور حقيقي وفاعل لدول الجوار بعيدا عن الشعارات المعتادة والأمنيات والتصريحات والمحاولات الخجولة،وفق تقديره .
وحسب رأيه “كان من المفروض أن تتسارع دول الجوار لإيجاد الحل ولمللة الجراح قبل الغرب، كأشقاء وأصحاب قضية واحدة ومصلحة مشتركة وحدود موجودة بشكل وهمي “.
وشدد المحلل الليبي على أن الحل لن يكون من الخارج خاصة بعد فشل ثماني سنوات وأن الجميع وجب أن يدركوا اليوم أن المشكل في ليبيا أمني بامتياز لا سياسي ، داعيا الجامعة العربية إلى التحرك الإيجابي ولعب دور مهم..
وأكد أن نتائج مؤتمر برلين ستون بمثابة التكريس لفلسفة الوصاية التي يمضي فيها الغرب منذ 2011، عندما أعاد ليبيا إلى حقبة الخمسينات قبل تأسيس الدولة الوطنية، ووضع البلاد تحت الفصل السابع للأمم المتحدة الذي يسمح له باتخاذ القرارات باستخدام القوة بالرغم من الإنقسام الكبير صلب مجلس الأمن بشأن ملف ليبيا.
المبادرة الألمانية من أجل السلام في ليبيا، هي أكبر تحرك دبلوماسي ألماني منذ عام 2014.. ما الجديد لدى الألمان؟ وهل سينجحون فيما فشل فيه الفرنسيون والإيطاليون مثلا؟