الاتحاد الإفريقي يسحب بشكل نهائي صفة المراقب التي كان منحها لإسرائيل عام 2021
قسم العلاقات الدولية 21-02-2024
كشفت صحيفة لوموند الفرنسية، أن الاتحاد الإفريقي سحب بشكل نهائي صفة المراقب، التي كان قد منحها لإسرائيل عام 2021. ذلك خلال القمة المنعقدة بمقره في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي افتتحت أشغالها يوم السبت 17 فبراير الجاري.
ويُضاف هذا إلى واقعة منع مشاركة الوفد الإسرائيلي في القمة، كما أجمع الزعماء الأفارقة على إدانة حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال ضد الفلسطينيين في غزة. بينما تطرح هذه المستجدات أسئلة حول مدى تأثيرها في النشاط الإسرائيلي بالقارة .
وذكرت الصحيفة الفرنسية أن الحرب في غزة وضعت ظلالها على القمة الإفريقية التي انعقدت في أديس أبابا، ونقلت على لسان مسؤول إفريقي كبير تأكيده أن الاتحاد حظر إسرائيل بشكل نهائي، وقال: “الملف المتعلق باعتماد إسرائيل مغلق“.
وقد مُنحت إسرائيل صفة المراقب في الاتحاد الإفريقي عام 2021، وجهدت خلال السنتين اللتين تلتا ذلك في تثبيت وجودها داخل الاتحاد، رغم المعارضة الواسعة التي واجهتها. لكن الأنباء الأخيرة، إن صحت، فقد تعني طرد إسرائيل بشكل نهائي من المنظمة القارية.
وبالتزامن مع هذا، شهدت القمة أيضاً حدث منع الوفد الإسرائيلي من المشاركة فيها. وكشف موقع “الشرق” الإخباري، أن وفداً إسرائيلياً وصل لمقر الاتحاد، الأربعاء، بغرض المشاركة وتقديم طلب للسماح لإسرائيل بحضور الاجتماعات بصفة مراقب، إلا أن مسؤولي الاتحاد لم يسمحوا للوفد بالدخول.
وأكدت وسائل الإعلام العبرية الأنباء حول طرد الوفد، وكتبت صحيفة “واينت” الإسرائيلية، بأن نائبة الشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية الإسرائيلية شارون بار-لي، من قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا رغم امتلاكها التصاريح المطلوبة وشارة الدخول.
وعلقت الخارجية الإسرائيلية في بيان، بالقول:
“إننا نأخذ هذا الحادث على محمل الجد. لبار-لي مكانة مراقب معتمد، وتمتلك تصريحاً للدخول (إلى مقر الاتحاد). يؤسفنا أن نرى الاتحاد الإفريقي رهينة عدد قليل من الدول المتطرفة مثل الجزائر وجنوب إفريقيا، التي تتحرك بدافع الكراهية، وتسيطر عليها إيران. نحن نطالب الدول الإفريقية بالوقوف أمام هذه الأنشطة التي تمس بمنظمة الاتحاد الإفريقي نفسها وفي القارة كلها“.
بالمقابل، شهدت القمة مشاركة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية. إذ دعا في كلمة ألقاها خلالها إلى “نبذ إسرائيل دولياً وفرض العقوبات عليها بسبب خرقها القانون الدولي بشكل متعمد، لدفعها إلى وقف عدوانها وبرنامجها الاستعماري الاستيطاني“.
إضافة إلى هذا، أجمع البيان الختامي للقمة على إدانة الحرب “الوحشية” التي يقودها الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في غزة. وطالبت القمة بإجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الإنساني الدولي، واستخدامهم للأسلحة المحظورة دولياً في استهداف المستشفيات والمؤسسات الإعلامية في حربها على القطاع.
كما طالبت القمة إسرائيل بالاستجابة للدعوات الدولية إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، والامتثال لقرارات محكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية ورفع الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة.
وفي كلمته بافتتاح القمة، قال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، “موسى فكي”، إن الحرب الإسرائيلية على غزة هي الانتهاك “الأكثر فظاظة” للقانون الإنساني الدولي، واتهم إسرائيل بـ”إبادة” سكان غزة.
وأضاف: “كونوا مطمئنين، إننا ندين بشدة هذه الهجمات التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية (…) نريد أن نؤكد لكم تضامننا مع شعب فلسطين“
كما أشار غزالي عثماني، رئيس جمهورية جزر القمر ورئيس الاتحاد الإفريقي المنتهية ولايته، إلى أن:
“الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين تجري تحت أنظارنا (…) لا يمكن للمجتمع الدولي أن يغمض عينيه عن الفظائع التي ترتكب، والتي لم تتسبب في الفوضى في فلسطين فحسب، بل كان لها أيضاً عواقب وخيمة في بقية العالم“.
منذ منحها صفة المراقب في الاتحاد الإفريقي عام 2021، سعت إسرائيل إلى تثبيت نفسها داخل المنظمة القارية، ذلك على لرغم من معارضة واسعة للقرار، واحتجت عليه وقتها سبع دول عربية هي مصر والجزائر وجزر القمر وتونس وجيبوتي وموريتانيا وليبيا.
وعملت إسرائيل طويلاً على التغلغل في القارة السمراء، سواء بربط علاقات دبلوماسية واقتصادية مع تلك الدول، أم عبر توريد الأسلحة والنشاط الاستخباراتي لأجهزتها في تلك الدول.
وفي عام 2021، كانت تل أبيب تتمتع بعلاقات مع نحو 40 دولة من إفريقيا جنوب الصحراء، من بينها تشاد وغانا اللتين جرت تقوية العلاقات معهما خلال ولاية نتنياهو. هذا بالإضافة إلى مصر والمغرب والسودان، الدول العربية التي طبّعت معها العلاقات.
وفي سنة 2016 أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، جولة شملت أربع دول إفريقية، هي أوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا، بهدف تعميق العلاقات الإسرائيلية-الإفريقية على المستويين الاقتصادي والأمني، وتعزيز الوجود الإسرائيلي في إفريقيا، وخاصة في منطقة دول حوض النيل من أجل الضغط على مصر والسودان بملف المياه. ويجدر الذكر أن إسرائيل دعمت إثيوبيا في بناء سد النهضة.
وحسب دراسة للمركز العربي الديمقراطي، فإن صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى إفريقيا في عام 2016، بلغت نحو 275 مليون دولار، أي ما يشكل 70% من مجمل صادرات السلاح الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه، خصّصت إسرائيل ميزانية بقيمة 13 مليون دولار لتوثيق العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية.
واستخباراتياً، عملت إسرائيل على حماية مصالح حلفائها الاستعماريين في إفريقيا، على رأسهم فرنسا. إذ عملت على تحريك شبكة تضليل إعلامي وتوجيه الرأي العام في الدول التي تشهد تنامي العداء ضد فرنسا، كما عمدت شبكتها إلى التدخل في انتخابات عدد من الدول الإفريقية.