الاتحاد الأوروبي يوازن بين البراغماتية مع واشنطن وإلزامية الانفتاح على الصين في عالم متغير
قسم الأخبار الدولية 21/01/2025
يتبنى الاتحاد الأوروبي نهجاً استراتيجياً يوازن بين تحالفاته التقليدية مع الولايات المتحدة وتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين، في وقت تتزايد فيه التحديات الجيوسياسية والاقتصادية التي تعيد تشكيل النظام العالمي. هذه الاستراتيجية تأتي في سياق الضغوط المتنامية على القارة الأوروبية، حيث بات عليها تحديد دورها المستقل وسط التنافس بين القوى الكبرى.
في علاقته مع واشنطن، يظل الاتحاد الأوروبي ملتزماً بالحفاظ على الشراكة الأطلسية، خاصة في المجالات الأمنية والعسكرية، التي تعززت مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتهديد الاستقرار في شرق أوروبا. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة تباينات واضحة في الأولويات، خاصة فيما يتعلق بالتجارة والسياسات المناخية. وقد حاولت الولايات المتحدة، تحت إدارة بايدن، ترميم العلاقات مع أوروبا بعد توترات إدارة ترامب، لكن السياسات الحمائية الأميركية، مثل قانون خفض التضخم (IRA)، أثارت قلق القادة الأوروبيين من انعكاسات سلبية على صناعاتهم المحلية.
في الوقت نفسه، يُدرك الاتحاد الأوروبي أهمية الصين كشريك تجاري رئيسي. ورغم التوترات بشأن الكثير من القضايا، يتجه القادة الأوروبيون نحو اتباع سياسة “اليد الممدودة” مع بكين، بهدف الحفاظ على التدفقات التجارية والاستثمارات. الصين، من جانبها، تسعى لاستمالة أوروبا مقدمة نفسها كبديل اقتصادي واستراتيجي، وهو ما يضع الاتحاد في موقف معقد بين الحليف الأمني والشريك التجاري.
وتعكس التحركات الأوروبية تحولاً أعمق في فلسفتها الاستراتيجية، حيث تسعى بروكسل إلى تعزيز استقلالها الاستراتيجي وتقليل الاعتماد المفرط على أي طرف خارجي. يبرز ذلك في محاولاتها المتكررة لتطوير قدراتها الدفاعية الذاتية من خلال مبادرات مثل “البوصلة الاستراتيجية”، إلى جانب تعزيز الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة لضمان تنافسيتها عالمياً.
لكن هذا التوازن الدقيق لا يخلو من تحديات، حيث تواجه أوروبا ضغوطاً متزايدة من واشنطن لتبني مواقف أكثر صرامة تجاه الصين، لا سيما في مجالات التكنولوجيا والأمن السيبراني.
بين براغماتية التعامل مع الولايات المتحدة وواقعية الانفتاح على الصين، يسير الاتحاد الأوروبي على خيط رفيع في محاولته لتأمين مصالحه الاقتصادية والسياسية. هذه الديناميكية تعكس تطلع أوروبا لإعادة تعريف دورها كلاعب مستقل في النظام العالمي، مع الحفاظ على علاقاتها مع القوتين الأكبر دون الانجرار إلى محاور صدامية قد تقيد خياراتها المستقبلية.