الأردن يغلق ملف الإخوان المسلمين نهائياً وسط تحذيرات من ملاحقات ومصادرة للممتلكات

قسم الأخبار الدولية 23/014/2025
حلّت الحكومة الأردنية جماعة الإخوان المسلمين رسمياً واعتبرتها كياناً غير مشروع، في خطوة تمثل تصعيداً حاسماً ضد التنظيم الذي ظل لعقود طرفاً فاعلاً في المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد. وأعلن وزير الداخلية مازن الفراية القرار صباح اليوم الأربعاء، مؤكداً أن كل أنشطة الجماعة أصبحت محظورة قانوناً، بما يشمل الانتساب والترويج، في حين توعد بملاحقة أي تحركات مستقبلية ترتبط بها.
تنفيذ حكم قديم وتحرك أمني شامل
يأتي القرار، وفق مصادر رسمية تحدثت لصحيفة “الشرق الأوسط”، تفعيلًا لحكم قضائي صادر عام 2020، نص على حل الجماعة باعتبارها “منحلة حكماً” لعدم تسوية أوضاعها القانونية. وتشمل الإجراءات اللاحقة إغلاق مقراتها في العاصمة والمحافظات، وإنزال اللافتات، ومصادرة ممتلكاتها، مع احتمال ملاحقة قياداتها قضائياً.
ويُنظر إلى هذا القرار على أنه تتويج لتوتر متصاعد بعد اتهامات رسمية للجماعة بالتورط في ما عُرف إعلامياً بـ”خلايا الفوضى”، حيث أعلنت المخابرات العامة مؤخراً إحباط مخططات ضمّت تصنيع صواريخ، حيازة أسلحة، وتدريب عناصر داخل وخارج البلاد.
من الدعوة إلى الخصومة
تأسست جماعة الإخوان في الأردن عام 1946 كجمعية دعوية خيرية، وسرعان ما تحولت إلى قوة مجتمعية كبرى، خاصة في ظل تحالفها الطويل مع السلطات خلال فترات سابقة، أبرزها في الخمسينيات والستينيات. وقد شاركت في الحياة البرلمانية بعد انفتاح البلاد الديمقراطي في أواخر الثمانينيات، وأسست ذراعها السياسية “حزب جبهة العمل الإسلامي” عام 1992.
لكن علاقاتها بالحكومات بدأت تتدهور تدريجياً بعد مشاركتها في معارضة معاهدة السلام مع إسرائيل، وبلغت ذروتها مع مقاطعة انتخابات 1997، التي سبّبت انقسامات داخلية دفعت قيادات بارزة إلى تأسيس أحزاب جديدة.
عزلة تنظيمية في ظل تغييرات إقليمية
تعكس الخطوة الأردنية تحولاً واضحاً في موقف الدولة من الجماعة، على وقع متغيرات إقليمية أفقدت الإخوان مظلتهم السياسية السابقة. ويأتي القرار بعد يوم واحد من مطالبة حركة حماس بالإفراج عن متهمين في قضية “خلايا الفوضى”، في حين يرى مراقبون أن توقيت الحظر يتصل كذلك بتنامي المخاوف من توظيف التنظيم للاضطرابات الإقليمية للتأثير في الاستقرار الداخلي.
وأكد وزير الداخلية أن الدولة لن تتهاون مع أي محاولة لإعادة إحياء الجماعة أو خطابها، سواء في الإعلام أو المجتمع المدني أو الفضاء الرقمي، محذراً من “تبعات قانونية حازمة” بحق المخالفين.
بهذا القرار، يُغلق الأردن صفحة امتدت قرابة ثمانية عقود من العلاقة المركبة مع جماعة الإخوان، ما بين التحالف والتصادم، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة في المشهد السياسي تُعيد رسم حدود المسموح به دينياً وسياسياً.