الأردن وأمريكا.. الرقص على حافة الحرب والسلام
![](https://i0.wp.com/strategianews.net/wp-content/uploads/2025/02/60e15489-1b84-478a-93c3-39882cdecf46.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
إعداد حازم عيّاد: قسم البحوث والدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية 07-02-2025
رسمت تصريحات نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ملامح الموقف الأردني وخطوطه الحمراء تجاه مشروع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بتحذير واضح من اندلاع حرب بين الأردن والكيان الإسرائيلي حال المضي بمشروع تهجير الفلسطينيين إلى الأراضي الأردنية.
التحذير جاء من على قناة “المملكة” الأردنية قبيل لقاء الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتوقع يوم الثلاثاء الموافق 11 من فبراير الحالي في العاصمة الأمريكية واشنطن، في مواجهة تُعد الأصعب والأخطر في مسيرة الملك عبد الله الثاني وتاريخ المملكة الدبلوماسي والسياسي.
فالحرب والتهجير سيكونان حاضرين على طاولة اللقاء والمشاورات بين ترامب والملك عبد الله الثاني، فما يخشاه ترامب هو ما سيحصل عليه في حال أصر على موقفه بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو الضفة الغربية مستقبلا.
وهي حرب يراهن الأردن أن ترامب والساسة في الولايات المتحدة لا يرغبون بالتورط فيها مباشرة أو تحمل تبعاتها، كونها ستبتلع النفوذ والسلام الأمريكي الذي عملت عليه واشنطن طوال أكثر من خمسين عاما في المنطقة وتهدد بغرقها في حرب طويلة لا تختلف عما حدث في أفغانستان والعراق.
فالريفيرا التي يروج لها ترامب باستخفاف شديد في قطاع غزة، من خلال دعوته رئيس الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر، اليهودي الديانة، للانتقال إليها؛ تعكس مدى الجدّية لدى الرئيس الأمريكي، الذي تهدد طروحاته المنطقة والكيان الإسرائيلي بالتحول إلى ساحة حرب كبرى، لن تقتصر تداعياتها على حدود الإقليم بل ستمتد لتبتلع مشاريع ترامب الطموحة بجعل أمريكا عظيمة مجددا.
فهذا التورط يذكر بما قام به جورج بوش الأب ومن بعده الابن في العراق وأفغانستان وما تبع ذلك وما تخلله من حروب أمريكية في المنطقة جعلت الصين عظيمة بحسب زعم ترامب، وأمريكا بائسة تكافح التضخم والمديونية بطبع المزيد من الاوراق المالية وفرض العقوبات والتعرفات الجمركية على الخصوم الاقتصاديين.
تقدير موقف، سيحاول الملك عبد الله الثاني على الأرجح مراجعته على طاولة الحوار والمشاورات المرتقبة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فالحرب لن تندلع بين الأردن وأمريكا بل بين الأردن والاحتلال الإسرائيلي، في إطار جهوده حماية وجوده الذي يتهدده تهجير الفلسطينيين، ما سيقود إلى تورط أمريكي في فوضى صنعتها أحلام وأوهام وأكاذيب لا تختلف عن تلك التي صنعت التورط الأمريكي في العراق وافغانستان.
فترامب وعبر حسابه على موقع تروث سوشال تفاعل مع التحذيرات الأردنية من اندلاع حرب والتحركات العربية التي عبرت عنها الخماسية العربية (السعودية ومصر والأردن وقطر والإمارات العربية) برفض التهجير، وتلك الداخلية الأمريكية، بالقول إنه لن يرسل قوات إلى غزة عبر حسابه على موقع تروث سوشال، خصوصا بعد تصريحات العديد من السيناتور الجمهوريين كان أحدهم راند بول يوم أمس الخميس، والذي قال في تغريدة على منصة إكس: “اعتقدت أننا صوّتنا لأمريكا أولا. لا مصلحة لنا في التفكير في احتلال آخر قد يدمر ثرواتنا ويسفك دماء جنودنا”، وهي تغريدة تتوافق مع استطلاع رأي أجراه مركز إبسوس الأمريكي الشهر الماضي يناير، قال فيه 15 في المئة فقط من الجمهوريين إنهم يدعمون إرسال الجيش الأمريكي لاحتلال أرض الغير، في حين عارضه 85 في المئة.
هل ينجح الأردن في إيصال رسالته وهل يأخذ ترامب الأمر على محمل الجد، خصوصا أن الجانب الإسرائيلي لم يغب عن المشهد المراد رسمه في عقل ترامب ومستشاريه، أم ينجح الاحتلال في المراوغة والتلاعب بالملفات والألفاظ لتمرير مشروعه في التهجير والضم للضفة الغربية تحت عناوين جديدة عبّر عنها وزير الأمن في حكومة الاحتلال وزير الخارجية جدعون ساعر، ومن خلفة وزير الدفاع يسرائيل كاتس الذي عرض خطته بتهجير “طوعي” مزعوم ينفذها جيش الاحتلال الذي ستحوله الخطة إلى مكتب سياحة وسفر وقبعات زرق تسهل مغادرة الفلسطينيين، برا وجو وبحرا، من قطاع غزة سؤال الإجابة عليه ستقود إلى اعتراف ترامب بضرورة تحييد الأردن من لعبته التفاوضية.
الخلاصة:
ختاما.. لقاء الملك عبد الله الثاني بالرئيس الأمريكي سيبقى الأصعب في مسيرة الملك عبد الله الثاني، وهو لقاء سيكون له ما بعده في رسم ملامح العلاقة الأمريكية الأردنية والعربية الأمريكية، ومن المتوقع أن يرسم إلى جانب لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الثلاثاء الذي يليه ملامح المنطقة للسنوات الأربع المقبلة في الحد الأدنى، وهي سنوات صعبة على الأردن وعلى الدول العربية الشريكة للولايات المتحدة الأمريكية كونها الرصيد الذي يعول عليه ترامب ويستنزفه في مناورته العقيمة سياسيا وعسكريا.