أيمن سلامة : اللاجئون ليسوا سلعة تباع وتشتري
بعد أن ضاقت الدنيا بهم علي رحابتها، صاروا من أهل الشقاء والمهانة، وتقطعت بهم الأمصار و الأسباب، ولم يجدوا من يطبطب عليهم، ولاقوا من الجميع العنت والمشقة الكثير، وفي الأخير تنصلت الدول من واجباتها القانونية تجاه اللاجئين و طالبي اللجوء .
فبعد أن خُبرت هذه المجموعة البشرية المعرضة للأخطار (اللاجئون) بأطول أيام وأقسي ظروف ، وأسوأ أجواء لصقيع شتاء في أوربا حتي يصلوا عبر القوارب الفقيرة إلي الأرخبيل البريطاني ، أصدرت الحكومة البريطانية أقسي تشريع ينتهك الالتزامات البريطانية بموجب اتفاقية اللاجئين عام 1951 .
اللاجئون بحكم الواقع، هم الأشخاص الذين دخلوا أراضي دولة أخرى أثناء عملية تدفق واسعة للسكان من دولتهم الأصلية بسبب نزاع أو كارثة أخرى، إلّا أنهم لا يستطيعون تبرير هروبهم لأسباب تتعلّق بالاضطهاد الشخصي وبالتالي لا يندرجون مباشرة ضمن تعريف اللاجئ.
ورغم أن الأشخاص المذكورين هنا لا يتمتعون بوضع لاجئ رسمي، إلّا أنهم يتمتعون بحدّ أدنى من الضمانات التي تنصّ عليها الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين. وتهدف هذه الضمانات إلى حماية الحقّ – وتمكين – الأشخاص من الهرب من بلدانهم وطلب اللجوء في بلد آخر دون مواجهة معوقات إدارية يصعب التغلب عليها.
إن حق طلب اللجوء في بلد آخر يعكس هذا الحقّ حقيقة أن للأشخاص الحقّ في مغادرة بلدانهم بأي وسيلة، والدخول إلى أراضي دولة أخرى، حتى ولو كانت بطريقة غير مشروعة. ولا يجوز للدول الأطراف في الاتّفاقيّة فرض عقوبات على اللاجئين بسبب دخولهم أو وجودهم غير الشرعي، في حال قدومهم مباشرة من بلد تتعرض فيه حياتهم أو حريتهم للخطر، ويحق لهم الدخول أو التواجد على أراضي دولة أخرى دون تفويض، ويعتبر هذا النصّ نافذ المفعول طالما قدم اللاجئون أنفسهم دون تأخير للسلطات وقدموا سببًا معقولًا لدخولهم أو وجودهم غير المشروع (المادة 31 من الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين).
وحقّ تقديم طلب لجوء أمام السلطات المختصة يعني أن على الدول ألا تعيق وصول اللاجئين إلى السلطات الوطنية المختصة، وفي الحقيقة، يجب عليها أن تسهّل وصولهم.
بالإضافة إلى ذلك، يجب السماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمساعدة الأشخاص في إكمال هذه الإجراءات.
وعليه، لم يعد اللاجئون يتلقون المساعدة الإدارية من دولتهم الأصلية لإثبات حقوقهم، ولذلك تلزم الدول الأخرى بتوفير الخدمات الإدارية الضرورية، إما بصورة مباشرة أو من خلال سلطة دولية، أي، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ونتيجة لذلك، تلتزم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو الدولة التي يقيم اللاجئ على أراضيها بتوفير أو ضمان توفير الوثائق أو الشهادات التي تسلّم عادة إلى الأجانب أو من خلال سلطاتهم الوطنية (المادة 25 من الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين).
أما حقّ اللاجئين في دراسة طلباتهم من قبل السلطات الوطنية المختصة فيعني ضرورة أن تُدرس ملفاتهم وفقًا للأحكام التي تنصّ عليها الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين ويجب تنفيذ الدراسة تحت إشراف مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (المادة 8-أ من قانون مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين).
يُعد الحقّ في عدم الطرد أو الإعادة إلى بلدانهم الأصلية طالما بقي هناك خطر يهدّد سلامتهم (عدم الإعادة القسرية) جوهر اتفاقية حقوق اللاجئين ، فلا يجوز لأي دولة طرد أو إعادة لاجئ بأي طريقة كانت إلى حدود الأراضي التي يمكن أن تتعرّض حياته أو حريته فيها للتهديد بسبب عرقه، أو ديانته، أو جنسيته، أو انتمائه إلى مجموعة اجتماعية معينة أو رأي سياسي (المادة 33 من الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين).
وعليه، يجوز أن يتمتع اللاجئون الذين رفضت طلبات لجوئهم بحق اللجوء المؤقت طالما لا يمكن إعادتهم إلى بلدهم الأصلي بسبب المخاطر التي قد يتعرّضون لها. ويجب أن يستفيدوا من الحدّ الأدنى من مقاييس الحماية المرتبطة باللجوء المؤقت.
باعت بريطانيا حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء مقابل مساعدة قدمتها إلى الحكومة الرواندية قدرها 120مليون جنيه إسترليني، وكان لزاما علي الحكومة البريطانية أن تعمل مع جيرانها مثل فرنسا وهولندا و ألمانيا احتواء هذه الأزمة الإنسانية الملحة للقضاء أيضا على الاتجار.
كان يمكن لبريطانيا أن تسعى للحصول على حق عودة طالبي اللجوء المحتملين الذين مروا عبر دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي إلى تلك الدولة (بريطانيا)، وهو حق خسرته بريطانيا بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي.
ختاما، يجب أن تعمل بريطانيا مع نظرائها الأوروبيين للوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين وطالبي اللجوء.
03-10-2023
بعد أن ضاقت الدنيا بهم علي رحابتها، صاروا من أهل الشقاء والمهانة، وتقطعت بهم الأمصار و الأسباب، ولم يجدوا من يطبطب عليهم، ولاقوا من الجميع العنت والمشقة الكثير، وفي الأخير تنصلت الدول من واجباتها القانونية تجاه اللاجئين و طالبي اللجوء .
فبعد أن خُبرت هذه المجموعة البشرية المعرضة للأخطار (اللاجئون) بأطول أيام وأقسي ظروف ، وأسوأ أجواء لصقيع شتاء في أوربا حتي يصلوا عبر القوارب الفقيرة إلي الأرخبيل البريطاني ، أصدرت الحكومة البريطانية أقسي تشريع ينتهك الالتزامات البريطانية بموجب اتفاقية اللاجئين عام 1951 .
اللاجئون بحكم الواقع، هم الأشخاص الذين دخلوا أراضي دولة أخرى أثناء عملية تدفق واسعة للسكان من دولتهم الأصلية بسبب نزاع أو كارثة أخرى، إلّا أنهم لا يستطيعون تبرير هروبهم لأسباب تتعلّق بالاضطهاد الشخصي وبالتالي لا يندرجون مباشرة ضمن تعريف اللاجئ.
ورغم أن الأشخاص المذكورين هنا لا يتمتعون بوضع لاجئ رسمي، إلّا أنهم يتمتعون بحدّ أدنى من الضمانات التي تنصّ عليها الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين. وتهدف هذه الضمانات إلى حماية الحقّ – وتمكين – الأشخاص من الهرب من بلدانهم وطلب اللجوء في بلد آخر دون مواجهة معوقات إدارية يصعب التغلب عليها.
إن حق طلب اللجوء في بلد آخر يعكس هذا الحقّ حقيقة أن للأشخاص الحقّ في مغادرة بلدانهم بأي وسيلة، والدخول إلى أراضي دولة أخرى، حتى ولو كانت بطريقة غير مشروعة. ولا يجوز للدول الأطراف في الاتّفاقيّة فرض عقوبات على اللاجئين بسبب دخولهم أو وجودهم غير الشرعي، في حال قدومهم مباشرة من بلد تتعرض فيه حياتهم أو حريتهم للخطر، ويحق لهم الدخول أو التواجد على أراضي دولة أخرى دون تفويض، ويعتبر هذا النصّ نافذ المفعول طالما قدم اللاجئون أنفسهم دون تأخير للسلطات وقدموا سببًا معقولًا لدخولهم أو وجودهم غير المشروع (المادة 31 من الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين).
وحقّ تقديم طلب لجوء أمام السلطات المختصة يعني أن على الدول ألا تعيق وصول اللاجئين إلى السلطات الوطنية المختصة، وفي الحقيقة، يجب عليها أن تسهّل وصولهم.
بالإضافة إلى ذلك، يجب السماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمساعدة الأشخاص في إكمال هذه الإجراءات.
وعليه، لم يعد اللاجئون يتلقون المساعدة الإدارية من دولتهم الأصلية لإثبات حقوقهم، ولذلك تلزم الدول الأخرى بتوفير الخدمات الإدارية الضرورية، إما بصورة مباشرة أو من خلال سلطة دولية، أي، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ونتيجة لذلك، تلتزم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو الدولة التي يقيم اللاجئ على أراضيها بتوفير أو ضمان توفير الوثائق أو الشهادات التي تسلّم عادة إلى الأجانب أو من خلال سلطاتهم الوطنية (المادة 25 من الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين).
أما حقّ اللاجئين في دراسة طلباتهم من قبل السلطات الوطنية المختصة فيعني ضرورة أن تُدرس ملفاتهم وفقًا للأحكام التي تنصّ عليها الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين ويجب تنفيذ الدراسة تحت إشراف مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (المادة 8-أ من قانون مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين).
يُعد الحقّ في عدم الطرد أو الإعادة إلى بلدانهم الأصلية طالما بقي هناك خطر يهدّد سلامتهم (عدم الإعادة القسرية) جوهر اتفاقية حقوق اللاجئين ، فلا يجوز لأي دولة طرد أو إعادة لاجئ بأي طريقة كانت إلى حدود الأراضي التي يمكن أن تتعرّض حياته أو حريته فيها للتهديد بسبب عرقه، أو ديانته، أو جنسيته، أو انتمائه إلى مجموعة اجتماعية معينة أو رأي سياسي (المادة 33 من الاتّفاقيّة الخاصة بوضع اللاجئين).
وعليه، يجوز أن يتمتع اللاجئون الذين رفضت طلبات لجوئهم بحق اللجوء المؤقت طالما لا يمكن إعادتهم إلى بلدهم الأصلي بسبب المخاطر التي قد يتعرّضون لها. ويجب أن يستفيدوا من الحدّ الأدنى من مقاييس الحماية المرتبطة باللجوء المؤقت.
باعت بريطانيا حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء مقابل مساعدة قدمتها إلى الحكومة الرواندية قدرها 120مليون جنيه إسترليني، وكان لزاما علي الحكومة البريطانية أن تعمل مع جيرانها مثل فرنسا وهولندا و ألمانيا احتواء هذه الأزمة الإنسانية الملحة للقضاء أيضا على الاتجار.
كان يمكن لبريطانيا أن تسعى للحصول على حق عودة طالبي اللجوء المحتملين الذين مروا عبر دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي إلى تلك الدولة (بريطانيا)، وهو حق خسرته بريطانيا بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي.
ختاما، يجب أن تعمل بريطانيا مع نظرائها الأوروبيين للوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين وطالبي اللجوء.