أخبار العالمأوروبا

أوروبا تختبر أقسى تحول في سياسات الهجرة منذ عقد وسط ضغوط داخلية وانقسامات حادة بين العواصم الأوروبية

دفع اجتماع وزراء الداخلية في بروكسل الاتحاد الأوروبي نحو واحدة من أكثر اللحظات حساسية في ملف الهجرة، بعد أن صوّت الوزراء لأول مرة على حزمة تشريعات تُعَدّ الأخطر والأوسع منذ سنوات، بينما استمرت الدول الأعضاء في ملاحقة حلول سريعة تهدئ الرأي العام وتستجيب لصعود التيارات اليمينية.

فتح الوزراء نقاشاً معمقاً حول إنشاء “مراكز عودة” خارج حدود الاتحاد الأوروبي، وهي منشآت تستقبل المهاجرين الذين رفضت طلبات لجوئهم بهدف إعادتهم لاحقاً إلى بلدانهم الأصلية أو إلى دول أخرى تُعتبر “آمنة”. هذه الخطوة مثّلت انعطافاً واضحاً نحو تشديد الإجراءات، في وقت سجّل فيه الاتحاد انخفاضاً في عدد الوافدين غير النظاميين بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، من دون أن يخف الضغط السياسي والإعلامي في العواصم الأوروبية.

وربط المسؤولون الأوروبيون هذا التحول بالرغبة في استعادة ثقة المواطنين. وقال المفوض ماغنوس برونر إنّ الاتحاد «يحتاج إلى إحراز تقدم ليُظهر أنه يسيطر على الوضع»، في إشارة إلى موجة المخاوف التي غذّاها اليمين واليمين المتطرف خلال الأشهر الأخيرة.

ورغم الحماس الواسع داخل المجلس الأوروبي، برزت فرنسا وإسبانيا بوصفهما أبرز المعترضين؛ إذ شككت باريس في قانونية الإجراءات وفعاليتها، بينما أعادت مدريد التذكير بفشل التجارب السابقة لـ”مراكز العودة”. من جانب آخر، واصلت منظمات حقوقية انتقاد ما وصفته بـ«نهج عقابي» قد يدفع مزيداً من المهاجرين نحو مخاطر أكبر.

واتجه النقاش أيضاً إلى إعادة توزيع طالبي اللجوء داخل الاتحاد، وهو ملف ظلّ معلّقاً لسنوات بسبب الخلافات بين دول الجنوب التي تتحمل العبء الأكبر، ودول الشمال التي ترفض استقبال المزيد. واقترب الوزراء من صيغة تُجبر الدول الممتنعة على استقبال طالبي لجوء على دفع 20 ألف يورو عن كل شخص للدول التي تتحمّل الضغوط.

لكن الطريق لا يزال معقداً؛ إذ أعلن عدد من الدول، بينها السويد والنمسا وبلجيكا، أنها لن تستقبل أي طالبي لجوء من دول أخرى، ما أثار مخاوف أوروبية من أن تبقى الآلية النظرية دون تطبيق فعلي على الأرض.

وبين صعود اليمين، وانقسام الدول، وتحذيرات المنظمات الحقوقية، يجد الاتحاد الأوروبي نفسه أمام اختبار صعب لقدرته على صياغة سياسة هجرة مشتركة قبل نهاية العام، وسط سؤال أساسي ما زال بلا إجابة واضحة: من سيتحمل مسؤولية استقبال طالبي اللجوء؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق