أمريكا تفقد مصداقيتها في سياستها تجاه الصين الواحدة
بقلم: يي شين/ بيكين
المؤلف هو معلق في الشؤون الدولية مقيم في بكين.
ترجمة وصال الخليفي قسم الترجمة بالمركز الدولي 13-03-2024
بعد نهاية أسبوع مشحونة سياسياً في تايوان، خرجت أكثر من 80 دولة لتأكيد التزامها بمبدأ الصين الواحدة.
تقف الولايات المتحدة في مواجهة حادة، حيث أصدرت بيانا مهنئا لزعيم الحزب الديمقراطي التقدمي، الذي يصف نفسه أنه “عامل مستنير لاستقلال تايوان”، بخطوة تهدد بتصاعد التوترات في مضيق تايوان وتعرض إيجابي العلاقات الصينية الأمريكية للخطر.
ومع ذلك، لا ينبغي أن يأتي هذا كمفاجأة نظرا لعادة الولايات المتحدة في قول شيء وفعل العكس. فهي تدعي أن لها رؤية سياسة الصين الواحدة، ولكنها تواصل تضييق نطاقها من خلال إضافة شروط وتحفظات مثل “توجيهها بموجب قانون العلاقات مع تايوان والتأكيدات الست”.
تقول إنها لا تدعم “استقلال تايوان”، ولكنها تواصل الإشارة إلى زعيم الجزيرة بصفته “رئيسا” وتحاول إدراج تايوان في المنظمات الدولية المخصصة للدول السيادية فقط.
تزعم أنها ملتزمة بالسلام والإستقرار عبر مضيق تايوان، ولكنها تواصل بيع الأسلحة إلى الجزيرة لتسليحها لتصبح “نيصا”و تطول القائمة. من الصعب على أي شخص أخذ كلماتها على محمل الجد بعد الآن.
وظهرت هذه الإزدواجية مرة أخرى هذا الأسبوع. ففي حين أنها ترسل التهاني بما تسميه “انتخابات رئاسية” وتنظم زيارات لمسؤولين سابقين إلى تايوان، فإنها سارعت إلى تكرار أنها لا تدعم “استقلال تايوان”، مشيرة إلى سابقة للبيان والوفد المرموق ، وتقليل دور الفريق كونه “غير رسمي”. ولكن لا يمكن أن يبرروا الأفعال الخاطئة بالقول “إننا نفعل هذا منذ البداية”.
إذا كانت الولايات المتحدة جادة بالفعل بإتباع سابق الأحداث، لماذا لا تلتزم الإدارة من جديد بالمعارضة لـ “استقلال تايوان”، كما صرح عدد من الرؤساء الأمريكيون عندما كانوا في مناصبهم ؟
والأسوأ من ذلك أن الولايات المتحدة تدفع بتلك السوابق الخبيثة بشكل أكبر من ذي قبل في استراتيجية تقطيع السلامي.
نأخذ البيان المتعلق بتغيير القيادة الإقليمية في تايوان على سبيل المثال فقد تم ترقيتها من مستوى المتحدث باسم وزارة الخارجية في عام 2016 إلى وزير الخارجية في عامي 2020 و2024.
وإلى جانب إرسال وفود “غير رسمية” بعد الانتخابات، بدلاً من الانتظار حتى التنصيب كما في الماضي، تقوم الولايات المتحدة بذلك مباشرة بعد إعلان النتائج، و تحسن من مستوى التقديم أيضًا، بمثل هذه الشخصيات البارزة هذه المرة مثل المستشار الأمني الوطني السابق ستيفن هادلي ونائب وزير الخارجية السابق جيمس ستينبرغ.
بالتزامن مع هذه الخطوات السياسية التدريجية، تظل الولايات المتحدة نشطة عسكريا. فهي تواصل إرسال المزيد من الأسلحة إلى تايوان وتستخدم برنامج التمويل العسكري الخارجي لأول مرة كمصدر تمويل، والذي لم يُستخدم إلا للدول السيادية من قبل. وتوسع الولايات المتحدة وجود قواتها في تايوان ويفترض أن تتلقى كتيبتان من القوات البرية من تايوان للتدريب لأول مرة منذ السبعينيات.
يمكن فهم كل هذا بسهولة في سياق كلمات وزير الدفاع المساعد الأمريكي “ايلي راتنر” عندما وصف تايوان عمليا بأنها عنصر قيم استراتيجي يعتبر “أساسي للدفاع عن المصالح الأمريكية الحيوية في المحيطين الهندي والهادئ “.
تميز سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين الواحدة أيضًا بالانعدام في التناسق عبر الفروع المختلفة للحكومة الأمريكية.
يتسيد المحرضون في الكونغرس الذين لا يهتمون سوى بتكبيد الحرب وزيادة التوتر عبر مضيق تايوان.
ويبدو الفرع التنفيذي غير مستعد وغير قادر على القيام بأي شيء بشأن ذلك، ناهيك عن تنفيذ سياسة الصين الواحدة عبر الحكومة الأمريكية بأكملها.
كل هذه الخطوات الرجعية في المجالات الدبلوماسية والعسكرية والسياسية تهتك من مصداقية سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين. تبدو الضمانات القليلة التي تقدمها مشكوكًا فيها.
في مقال نشرته “شؤون الخارجية” بعنوان “تايوان والمصادر الحقيقية للردع”، يؤكد خبراء أمريكيون على أن الضمانات هي وسيلة للردع الأكثر فعالية. بعبارة أخرى، يظل الردع والاحتواء في صميم استراتيجية الولايات المتحدة تجاه الصين.
إذا كانت الولايات المتحدة تهتم بمصداقية سياستها تجاه الصين الواحدة، فالآن هو الوقت المناسب لإظهار الصدق.
هناك العديد من الخطوات التي يمكنها اتخاذها: التعبير بشكل قاطع عن معارضتها لـ “استقلال تايوان”، وتجميد مبيعات الأسلحة إلى تايوان، والتعبير عن دعمها للوحدة الصينية السلمية. هذه ليست سوى أساسيات اتباع سياسة حقيقية تجاه الصين الواحدة.