أمريكا تغزو بلدانا في قارات بعيدة بحجة أمنها القومي وتستكثر على روسيا حماية أمنها الحدودي!
أوكرانيا: 01 مارس 2022
يتساءل عديد المتابعين للحرب الروسية الأطلسية: لماذا تحتجّ الولايات المتحدة على الاعتراف الروسي بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وهي التي كانت أسّست سابقة تاريخية، قبل أقل من ثلاثة أعوام، عندما أقدم ترامب، ومن جانب واحد، على الاعتراف بقرار ضمّ الجولان السوري المحتلّ، وإعلان القدس “عاصمة لكيان الاحتلال”..
ولمن تتوجّه الإدارة الأمريكية بالدعوة إلى الامتناع عن اتخاذ أيّ قرار أو عملٍ من شأنه تقويض وحدة أوكرانيا، والحفاظ على سلامة أراضيها، فيما هي تحاصر الشعوب، وتقتطع مساحات واسعة للإرهابيين والانفصاليين على الحدود مع دولتين، أو دولتين مجاورتين لسورية، وترعى بقاء وحماية المجموعات المصنّفة إرهابية على اللوائح الأمريكية قبل غيرها؟
في “نشوة” انتصار الحرب الباردة، أعلنت واشنطن “نظاماً عالمياً جديداً” تحت قيادتها، وعن “نهاية التاريخ”. واليوم، وبعد أكثر من 30 عاماً على تفكّك الاتحاد السوفياتي، تبدو الولايات المتحدة بمثابة مرجل من الفوضى الداخلية والخارجية: بروباغاندا دؤوبة للعثور على ذريعة لاستخدام القوّة الغاشمة.. ولكن أحد أكبر النتائج المؤلمة لهذا السلوك المنحط كان الدوس على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بمساعدة ماكينة إعلامية ضخمة، يطلقون عليها اسم “الصحافة الحرّة”.
لقد شكّلت الحرب ونظريات “صياغة عدو” مفترض ضرورة حيوية لتشغيل الزعامة الأمريكية العالمية، كما وفّر الوجود المستمر لمثل هذا العدو استمرار علاقات الهيمنة تحت شعار “الدفاع عن العالم الحرّ” وحماية “الأصدقاء” و”الحلفاء” و”العملاء بالوكالة”.
تغزو العراق، الذي يبعد عنها آلاف الأميال وفي قارة أخرى بحجّة “أمنها القومي”، وتدمر ليبيا وسوريا بنفس الذريعة، بينما تشيطن وتحارب روسيا لمجرّد حرصها على الدفاع عن أمنها وتأمين حدودها مع جارة تحدّها مباشرة استخدمتها أمريكا مخلبا لمحاصرة روسيا وتهديدها!
منطق غريب، تدرك أمريكا قبل غيرها غرابته، ويعري النزعة العدوانية التي تأصّلت منذ إبادة الهنود الحمر إلى اليوم.