أمريكا القابعة وراء أطماعها تخلق الأزمات وتدفع الآخرين نحو الاستنزاف
أوكرانيا: 01 مارس 2022
كما في كلّ أزمة على مستوى العالم، ثمّة رابحون وخاسرون.. وفي الأزمة الأوكرانية، تتفق الدوائر السياسية والاقتصادية في العالم على أنّ حجم الخسائر سيطال أغلب البلدان وبخاصّة أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط..
وفي حين تُعدّ البلدان المنتجة للنفط مستفيدة ماليا من تبعات التوتّرات التي صعدت بأسعار الطاقة، تجد الدول التي تعتمد على استيراد النفط نفسها متضرّرة من طول أمد الأزمة.
كما ستتأثّر أغلب البلدان العربية من ارتفاع أسعار القمح التي وصلت إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، تجاوزت حاجز 486 دولارا للطن الواحد، بزيادة تجاوزت 70% عن أسعار ما قبل العملية العسكرية الروسية.
وتُعدّ روسيا أكبر مصدّر للقمح في العالم بـ 44 مليون طنّ سنويّا، بينما أوكرانيا الخامسة بمتوسّط 18 مليون طن.
وبالنسبة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، فإنّه يدرك قدرة روسيا على لجم مناوراته العسكرية، إلى حدّ يمكنها معه منع الكيان من مواصلة هجماته على الأراضي السورية.
أما تركيا فلا تبدو في وضع أفضل، فدعمها لأوكرانيا سيؤدّي إلى تدهور في علاقاتها مع الروس الذين تجمعهم بها ساحات عمل مشتركة كثيرة سياسية (الوضع في سوريا) واقتصادية (أنابيب الغاز) وسياحية، فيما يشكّل أيّ تراجع عن موقفها فرصة مثالية بالنسبة إلى واشنطن التي تتحيّن فرصة كهذه لإحكام الخناق على رجب طيب أردوغان.
وبالنسبة إلى ألمانيا وإيطاليا وفرنسا التي تعتمد على إمدادات الطاقة الروسية الرخيصة فإنّ خضوعها للرغبات الأميركية سيعني انفتاح أبواب أزمة اقتصادية، ثمّ إن هناك مخاوف أخرى متّصلة بالفائدة المحتملة لإيران وحلفائها من التوتّر الحالي.
وضمن الإستراتيجية الأمريكية، لم تكن واشنطن ترِيد فقط تقسيم الاتحاد السوفياتي، بل هي تريد اليوم تقسيم روسيا نفسها، وسبق لزبيغنيو بريجنسكي أن أشار إلى أنّ “أفضل روسيا” للغرب، هي تلك المقسّمة إلى ثلاث دول: روسيا الأوروبية، وروسيا الشرقية، وسيبيريا.
ومن هنا، طالبت موسكو الغرب بتنفيذ تعهّداته في مينسك بشأن إقليم دونباس، لكنّه رفض وكان هذا خطأً كبيرا.