أردوغان يتخفى تحت ستار المساعدات الإنسانية لتحقيق طموحات سياسية خبيثة في إفريقيا
باريس-فرنسا-02-10-2020
كشفت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، في تقرير لها، عن محاولات النظام التركي التغلغل داخل بلدان القارة الإفريقية، وتحديدًا دول المغرب العربي عن طريق جماعة “الإخوان”، مشيرةً إلى كيفية استثمار النظام التركي الوضعين السياسي والإقتصادي لهذه الدول لتعزيز حضوره،وقد عمل منذ عدة سنوات على تعزيز علاقاته مع تلك الدول ضمن استراتيجية أكثر أهمية، حيث تعد المنطقة المغاربية هي بوابة السوق الإفريقية، وموضع اهتمام خاص من أنقرة.
وقالت إن أنقرة تسعى قدر استطاعتها، إلى إقناع المغرب والجزائر وتونس، بـ”شرعية” أفعالها في القارة السمراء، ويعد أردوغان “مثالًا” يحتذى به بالنسبة لجماعة “الإخوان” فرع تونس، وترى أنقرة في تونس بابًا مفتوحًا أمام إفريقيا، لكنها كانت تعول على فوز انتخابي عريض لإسلاميي النهضة، غير أن الإنتخابات التونسية في أكتوبر 2019 قلبت الأمور رأسًا على عقب، الأمر الذي لم يمنع أردوغان من القيام بزيارة مفاجئة إلى قرطاج، في ديسمبر 2019، تبادل خلالها الآراء مع نظيره التونسي قيس سعيد قبل شن هجومه على المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبي.
وبالنسبة للجزائر، قام أردوغان بأربع زيارات رسمية إليها، كرئيس للوزارء بين عامي 2006 و2013، وثم كرئيس للدولة، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية صداقة وتعاون عززت العلاقات الثنائية ودعمت التجارة التي تصل إلى نحو 4 مليارات دولار، حيث تعد الجزائر هي المورد الرابع للغاز، وترتبط شركة “سوناطراك” بشركة “بوتاس” التركية بموجب اتفاقية تنص على التسليم السنوي لـ 5.4 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال حتى عام 2024، كما تعمل الشركة الجزائرية أيضًا مع مجموعة “رونيسان” على إنشاء مصنع للبتروكيماويات بالقرب من أضنة جنوب تركيا، والتي من المقرر افتتاحها في عام 2022 بتكلفة تقدّر بـ 1.4 مليار دولار.
وحذّرت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، من التوغل التركي في الدول الإفريقية، مؤكدةً أن أنقرة تحشد وكلاء لها عبر 20 مكتبًا في أنحاء القارة أدت إلى تطور وجودها في السنوات الأخيرة، زاعمة أن وجودها في القارة السمراء “عادل أكثر من الدول الغربية” وأقل صرامة من الدول الأخرى التي تستثمر في إفريقيا، إلا أنه في حقيقة الأمر توغل له نوايا استعمارية قديمة، وتتخفى تحت ستار المساعدات الإنسانية لإحياء طموحات سياسية خبيثة في القارة.
وفي السودان، اكتشفت خلية سرية تابعة لجماعة “الإخوان”، منتصف فبراير 2020، في السودان، وكانت تخطط لتنفيذِ عملياتٍ إرهابية في الخرطوم والقاهرة، حيث اعترف أحدُ المصريين بأنه دخل السودان مستخدمًا جوازات سفر سورية مزورة، قدَّمتها الحكومة التركية، إضافة إلى أن أعضاء مصريين من جماعة “الإخوان” وصلوا إلى السودان قادمين من تركيا، وكان العقل المدبر لعملياتهم المدعو محمد عبدالمالك الحلوجي، الذي تُوفي في تركيا، في نوفمبر 2019، والمدعو محمد البحيري، الذي قاد عمليات “الإخوان” في إفريقيا، وفقًا للسلطات السودانية.
وكان أردوغان، قد استثمر بكثافة في نظام البشير منذ توقيعِ اتفاقاتٍ عسكرية واستخباراتية مع السودان في مايو 2011.
وفي ديسمبر 2017، زار الرئيس التركي السودان، وتم إنشاء مجلس التعاون الإستراتيجي رفيع المستوى، توّج بتوقيعِ اثني عشر اتفاقًا إضافيًا، بما في ذلك الإتفاق المثير للجدل لتأجير جزيرة سواكن السودانية لتركيا.
وكان أردوغان يأمل أيضًا في تجديد ميناء سواكن الذي كان يومًا ميناء عثمانيًا سابقًا مهملًا لمدة قرن كامل وإنشاء قاعدة عسكرية للسفن والضباط الأتراك، إلا أن كل تلك الطموحات تبخرت بعد أبريل 2019، ما دفع أردوغان إلى اللجوء إلى المعارضة السودانية السرية التي كان يخترقها أعضاء “الإخوان” بكثافة، وكما هو الحال في مصر وسوريا، قرَّر أردوغان أنه إذا لم يتمكن من السيطرة على الدولة في السودان، فإنه سوف يتبنى جهودًا من شأنها إشاعة عدم الإستقرار لإسقاط الحكومة الجديدة وتمزيق البلاد.
أما في ليبيا وعقب الخسارة الجمة التي تلقاها النظام التركي باستخدامه “الإخوان” كعبّارة للتوغل في القارة السمراء، وخسارته لنظامي “الإخوان” في القاهرة والخرطوم، فقد ألقى أردوغان بكامل ثقله خلف “السراج”،وأرسل بالفعل قواتٍ تركية إلى ليبيا لدعمه إلى جانب طائرات بدون طيار ومركبات عسكرية، وآلاف المرتزقة السوريين من “فيلق الشام” التابع للجماعة، وفصيل “السلطان مراد”.
كما سعت أنقرة إلى التغلغل والإنتشار في منطقة الساحل الإفريقي، للإستفادة من مواردها النفطية وثرواتها الطبيعية.. ففي عام 2005، أعلنت أنقرة أن هذا العام يمثل “عام إفريقيا”، وقام أردوغان إبان وجوده رئيسًا للوزراء آنذاك، بجولته الإفريقية الأولى، وفى العام نفسه منح الإتحاد الأفريقي تركيا صفة “مراقب”، لتحصل في يناير2008 على صفة “الشريك الإستراتيجي” للإتحاد، كما حصلت على عضوية بنك التنمية الإفريقي في مايو من العام ذاته.
وحيث تشهد علاقة تركيا بحركة “الشباب” الصومالية الإرهابية الموالية لتنظيم “القاعدة” حالة من الأدوار الخفية، تظهر أحيانًا في شكل عداء، إلا أن الباطن يخفي أشكالًا من المصالح المشتركة، تتم عبر وسطاء جماعة “الإخوان” الإرهابية.
وفي فبراير 2018 كشف خطاب بشير صلاد، رئيس ما يسمى “هيئة علماء الصومال” الموالية لجماعة “الإخوان” عن وجود علاقات قوية بين نظام أردوغان وحركة “الشباب”، تسمح لتركيا بأن تكون الوحيدة القادرة على الوساطة بين الحركة والحكومة الصومالية.
وتعمل تركيا على زيادة نفوذها في القرن الإفريقي خاصة الصومال، ومن أجل ذلك افتتحت أكبر قاعدة عسكرية في الخارج، ومقرها العاصمة الصومالية مقديشو في أكتوبر 2017، إذ تزعم أن القاعدة تهدف إلى مساعدة الحكومة الصومالية في مواجهة الجماعات الإرهابية، وهو الهدف الظاهر، إلا أن الواقع يخفي أشياءً أخرى تؤكدها الكثير من الشواهد، إذ تحظى الجماعات الإرهابية في الصومال بدعم مالي من أنقرة.