أحمد ميزاب:سيناريوهات محتملة للوصول إلى التسوية في ليبيا
تونس-5-7-2021
نظّم المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية ملتقى إقليميا، بخصوص، ‘مأزق المرتزقة بليبيا، تداعياته على الأمن والسلم الإقليميين”.
واستهلّ الدكتور ميزاب محاضرته بالحديث عن شروط السير في طريق التسوية الليبية وكيفيتها، مشددا على أهمية تفكيك الألغام وتحييدها للتمكن من بسط المسار نحو الحلّ.
وتحدّث ميزاب عن مسار التسوية في ليبيا في ظلّ التجاذبات الإقليمية، لافتا إلى أنّ الشعب الليبي لن يقبل بأنصاف الحلول.
وأضاف: “المسلّمة الأولى هي أنّ الازمة الليبية معقّدة ومتشابكة ومتداخلة اذ تنبع من صراعات دولية خارجية، والمسلّمة الثانية أن الازمة الليبية تحوّلت الى مفهوم الثقب الأسود في المنطقة لاعتباره يهدّد مفهوم الأمن الإقليمي لأن تداعيات ذلك يعود على المعادلة الأمنية الاقليمية، أما المسلّمة الثالثة يتمثّل في أنّ الطريق الى الحلّ هو الإجابة على سؤال بسيط .. من يخشى التسوية السياسية في ليبيا؟ وفي تحديد الاجابة عن هذا السؤال فسندرك أين هو الطريق؟، أما المسلّمة الرابعة هي أنّ الأطراف الخارجية لم تعمل ولم تساهم بشكل واقعي لبناء مناخ لبناء مقاربة تسوية سياسية وإنما تعمل على ابقاء حالة من حالات الضغط العسكري في المنطقة، أما المسلمة الخامسة فهي ضرورة التفريق بين الصفقة السياسية والتسوية السياسية؟، هل نحن نبحث عن صفقة سياسية أم تسوية سياسية تقود الى حلّ والى ايجاد مشروع سياسي متكامل يقود الى دولة قائمة بمؤسساتها، وتتمثل المسلّمة السادسة في أنّ أي طرح للملف الليبي لا يجب أن يطرح بمعزل عن الأحداث والتجاذبات الحاصلة بمنطقة الساحل الإفريقي، وإنما يقرأ من خلال تطور المسارات الحاصلة في منطقة الساحل الافريقي، فكلما أريد رفع شدّة الضغط في منطقة الساحل في اطار التنافس على مناطق النفوذ كلّما كانت هناك وجود لمحاولات خلط الأوراق في ليبيا.
وتابع المحاضر: “إنّ أبرز التحديات المطروحة لتحقيق التسوية السياسية في ليبيا تتمثّل في تفكيك الميليشيات وتحييد المرتزقة وتحديد آلية وطنية لمحاربة الإرهاب والتطرّف وتجفيف منابعه خاصة فيما يتعلق بالبيئة الحاضنة، فلا يمكن التحدّث عن مشروع التسوية التامّة دون التركيز على التدخل الخارجي”.
وشدّد أحمد ميزاب على أنّ هذه المسلّمات الست تؤدي ضرورة للحديث عن التحديات المطروحة لعرض أي مشروع للتسوية على الطاولة، التحدي الأول هو ضرورة العمل على مسألة تفكيك الميليشيات وتحييد المرتزقة والاتفاق على آلية وطنية لمحاربة الارهاب وتجفيف منابعه خاصة فيما يتعلق ببيئتهم الحاضنة.
وقال ميزاب إنّ التحدي الثاني هوعدم امكانية الحديث عن طرح مشروع تسوية دون ادراك أن هناك فاعل خارجي يحرّك قواعد اللعبة وهو ما جعلنا نتحدث اليوم عن أنصاف الحلول فيما يتعلق بالملف الليبي، أما التحدي الثالث هو عدم قدرة القواعد الداخلية من التحرّر من التدخلات الخارجية سيصعّب إمكانية فرض الحلّ السياسي، ومن هنا: “نشير إلى أهميّة بناء المؤسستين العسكرية والأمنية”.
كما تحدّث الدكتور ميزاب عن الأجندات المتصارعة والمتعدّدة التي تتمثل في:
-الصراع على أجندة أيديولوجية.
-الصراع على أجندة المصالح والمنافع
-الصراع على الطاقة والطاقات المتجدّدة.
-الصراع الاستعماري القديم المتجدّد.
-تنافس الأقطاب.
-سوق السلاح والاستثمار في الأزمات.
-محاولة تقسيم الأرض في إطار مشروع كبير وهو “سايكس بيكو”.
وفيما يتعلّق بمسارات التسوية، أفاد أحمد ميزاب بأن كل المحطات التي عرفتها ليبيا في محاولة لتسوية الازمة كان محكوما عليها بالفشل للأسباب التالية:
أولا، أنّها لم تناقش الازمة في عمقها وفي تركيبتها وفي تفاصيلها بل ناقشت هوامش الازمة.
ثانيا، التسوية لا تُبنى على مبدأ الارضاء ولا المحاصصة.
ثالثا، أنّ الأزمة هي أزمة مركّبة تستوجب حلولا مركّبة.
رابعا، أنّ مشاريع التسويات الفائتة كانت تخشى مناقشة ملف السلاح والميليشيات ومصير المقاتلين.
وختم ميزاب بعرض ثلاث سيناريوهات المتوقعة: السيناريو الأول تسوية هشّة ينتج دولة متأزمة داخليا تابعة خارجيا مصدّرة للأزمات الاقليمية أو متأثرة بالأزمات الاقليمية بالمنطقة، أما السيناريو الثاني هو سيناريو الفوضى والانهيار الإقليمي بمعنى أي انزلاق اليوم في الوضع في ليبيا هو تسريع الانهيار الاقليمي، والسيناريو الأخير وهوسيناريو العقل والمنطق الذي يتجسّد من خلال بناء مشروع سياسي متكامل يكون فيه لدول الجوار الثلاث دور في مرافقة وتوفير المناخ المناسب لجمع الأطراف الليبية والتوصل الى مشروع سياسي حقيقي قائم على الارادة الشعبية الليبية.