أخبار العالمالشرق الأوسط

القرار الأردني والبواعث الإسرائيليةبشأن الباقورة و الغمر

الدكتور أيمن سلامة :أستاذالقانون الدولي العام

ساعات قليلة و يغلق الجيش العربي الأردني كافةالمنافذ فيوجهالإسرائيليينالمنتفعين بأراضي الباقورة والغمر الخاضعتين للسيادة الأردنية الكاملة، بموجب إتفاقية السلامالأردنيةالإسرائيلية الموقعة في عام 1994، فاعتبارا منيومالأحد الموافق الموافقالعاشر مننوفمبر عام 2019، ينتهيالعمل بالملحقينالخاصين باتفاقيةالسلامالمشار اليها،بقرار أردني انفراديسيادي وشرعي، تأسيساً على النصوص الصريحة للملحقين المشار إليهما.
لقد أنهت معاهدة وادي عربة للسلامالموقعة في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1994 رسمياً عقوداً من حالة الحرب بين البلدين. لكن في نظر الشريحة الأكبر من الأردنيين الذين يجاور بلدهم إسرائيل والأراضي الفلسطينية لا تزال إسرائيل “عدوا” غير أهل للسلام الحقيقي مع جارتهالأردن، نتيجة الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة لمعاهدةالسلام، والتي أضحت فيالسنوات الأخيرة ديدناً إسرائيلياً أثار استهجان الشعب والحكومةالأردنيين علي حد سواء.

لقد دأبتإسرائيل علي التعامل باستخفاف وعدم احترام بنود معاهدة السلام مع الأردن؛ وتدليلاً علي ذلك تكاد تنتهك إسرائيلالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلاميةيومياً تقريباً، وفضلاً عن محاولات تهويد القدس على قدم وساق، و اقتحام المسؤولين و المواطنينالإسرائيلين للمسجدالأقصي، فتثير غضبالحكومة الأردنية الوصية علي هذه المقدسات الإسلامية،فضلاً عن اعتقالالمواطنين الأردنيينفيإسرائيل، وقتل أردنيين آخرين في المقارالدبلوماسيةالإسرائيليةفيعمان، وقدحدت هذه الانتهاكاتالإسرائيليةعليوجه الخصوص بالملكالأردني بأنيسم هذه السلام مع إسرائيل غير مرة منذ عام2009بأنه ” سلام بارد ويزداد برودة “.

على الصعيد الرسمي، فقد شهد ربع القرنالماضي، منذ توقيع معاهدةالسلام، مشاريع لدعم السلام بين البلدين بقي أغلبها معلقاً بينها بناء مطار مشترك، وخطط لمدّ قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر الميت لإنقاذ الأخير من الجفاف، ومشروع بوابة الأردن التي يفترض أن تخدم كمنطقة صناعية مشتركة مقررة منذ عام 1994، فظلت هذه المشاريع حبراً علي ورق.

ووفق ما سبق بيانه،وفي ظل هذا السلام البارد، ومع وجود الحكومة الأكثر يمينية في إسرائيل، والرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعم لها بقوة، واستجابة للرأي الشعبي الضاغط منكافة أطياف المجتمع الأردني، لم يجد الملكالأردني مناصاً، إلا أن يتخذ قراره المتقدم بإنهاء العمل بملحقي معاهدة السلام والمتعلقين بانتفاعالإسرائيليين بأراضيالغمر و الباقورة.

ومنالناحية القانونية، يعني القرارالأردني بإنهاء العملبالملحقين الخاصينبالباقورة والغمر عدم تجديد انتفاعالإسرائيليينبهذه الأراضى لإسرائيل، وهنا نشير إلىأنحقالانتفاع هو حق عيني أصلي يخول لصاحبه (المنتفع) استعمال الشيء والانتفاع به وتحصيلثماره، ولكن دون تملّكه، فحقالتملك يرجعإلي المالكفحسب، و الانتفاع يكون بدون مقابل خلافاً للإيجار.
وتأسيساً على هذه العلاقةالتعاقدية، يلتزم المنتفعون الإسرائيليون بالمحافظة على طبيعة ومواصفات هذه الأراضي المستعملة من قبلهم، حتى انتهاء الأجلالزمني المحدد وفقاً لبنودالملحقين، طالماً لم يتمالتجديد من صاحبالسيادةو الملكية للأراضي (المملكةالأردنية الهاشمية).
في ذات السياق، يزعمالبعض أنالأردنسيستعيد سيادتهعلي الباقورةو الغمر بعدربع قرن منإبراممعاهدة السلام معإسرائيل، و يزعم آخرون أنالأردن سيسترد حيازته علي هذهالأراضي، والحقيقتانالقانونيةو الواقعيةمغايرتين لهذه المزاعم المرسلة، فانتفاع المزارعينالإسرائيليين بالأراضيالأردنية لم ينقص سيادة صاحبالحقالأصلي القانوني لهذهالأراضي،
جدير بالذكر أن إسرائيل أقرت للأردن بسيادتها الراسخة على الباقورة والغمر أثناء المفاوضات الرسمية التى أفضت لإبرام اتفاقية السلام بين البلدين، والأهم من ذلك أن الترتيبات الخاصة التى تضمنتها نصوص ملحقى الاتفاقية لم تنقل أى سيادة أردنية على المنطقتين إلى إسرائيل، ولكن أقر الأردن مؤقتاً لمدة ٢٥ عاماً بملكية خاصة للأفراد الإسرائيليين، وهذه الممارسة أو السيطرة الفعلية للإسرائيليين على هذه الأراضى لا تكسب إسرائيل أى سيادة قانونية عليها، طالما لم يتنازل صاحب السيادة القانونية (الأردن) عن هذه السيادة.
جدير بالذكر أن السلطات الإسرائيلية قبل توقيع الاتفاقية المشار إليهاوأثناءها وبعد ذلك، لم يصدر عنها أى إقرار أو تفسير يزعم بأيلولة هذه المناطق التى يقطنها المستوطنون الإسرائيليون إلى إسرائيل، كما أن الخرائط الحدودية المرفقة بالاتفاقية تبين خضوعها للسيادة الأردنية.
وبموجب قواعد قانون المعاهدات الدولية، فإن المعاهدة التى ينقضى أجلها تصبح منتهية من تلقاء نفسها، ولكنفي حالة الباقورة والغرم، فقد اشترط ملحقاالإتفاقية المعنيينبهما، أنيقوم الطرفالراغب في انهائها باخطار الطرفالثاني مسبقا، وهوما فعلتهالحكومةالأردنية
وختاماً، فقد أسس الأردنقراره المتقدم على المصالح العليا للبلاد التى تجسدت فى إرادة الشعب، وفى ذات الوقت لم ينتهك الأردن التزاماته التعاهديةوفقا للقانون الدولي للمعاهات الدولية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق