تحت إشراف الصين :أي دلالات للقاء طهران والرياض بعد سنوات القطيعة…؟

فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الإستراتيجية 10/12/2025
تقديم:
استضافت طهران، اجتماعا ثلاثيا مشتركا بين إيران و الصين والسعودية في مقر وزارة الخارجية لبحث مسار العلاقات الإيرانية السعودية منذ استئنافها بعد اتفاق بكين عام 2023، فضلا عن سبل تعزيزها. ترأس الوفد الإيراني مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، فيما شارك في الاجتماع وليد الخريجي نائب وزير الخارجية السعودي، ومياو ده يو نائب وزير الخارجية الصيني.
هذا الاجتماع هو الثالث من نوعه منذ توقيع اتفاق بكين بين الدول الثلاث لاستئناف العلاقات بين طهران والرياض؛ إذ انعقد الاجتماع الأول في الصين، والثاني في المملكة العربية السعودية. وخلال اجتماع اليوم، وُقع محضر الجلسة من قبل نواب وزراء الخارجية للدول الثلاث، وأكدت الصين في جزء من الوثيقة استعدادها لمواصلة دعم وتشجيع الخطوات الإيجابية التي اتخذتها إيران والمملكة العربية السعودية لتطوير علاقاتهما في مختلف المجالات.
الصين: اتفاق السعودية وإيران أطلق “موجة مصالحة” في الشرق الأوسط
اتفاق بكين بين طهران والرياض جرى التوصل إليه بوساطة صينية في مارس 2023، وأفضى إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد انقطاع دام منذ عام 2016.وعقب الاجتماع، التقى نواب وزراء الخارجية الثلاثة بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي حيث جرى بحث سبل تعزيز التعاون المشترك. وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، أعرب عراقجي خلال اللقاء عن تقديره للموقف البنّاء الذي تتبناه الصين تجاه قضايا منطقة غرب آسيا، مؤكدا التزام إيران بتعزيز علاقاتها مع دول الجوار، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، على أساس سياسة حسن الجوار.
وأشار عراقجي إلى التطور المتزايد في العلاقات بين طهران والرياض في المجالات ذات الاهتمام المشترك وإلى التشاور المستمر بين الجانبين، خصوصاً على مستوى وزراء الخارجية، ووصف دور الصين في تعزيز السلام والاستقرار الدوليين وحماية التعددية وسيادة القانون ودعم التعاون بين دول العالم النامي بأنه “دور محوري ومهم للغاية”، مؤكدا أن إيران والصين عازمتان على استثمار جميع الطاقات والفرص المتاحة لتوسيع علاقاتهما الثنائية.وشدد عراقجي على أن تحقيق الاستقرار والأمن الدائم في المنطقة يتطلب تعاوناً جماعياً من مختلف دولها، مضيفاً أن إيران تطمح إلى منطقة قوية ومستقرة بعيدة عن التدخلات المدمرة لبعض القوى غير الإقليمية. ومن جهتهما، أعرب رئيسا الوفدين السعودي والصيني عن تقديرهما لحسن استضافة طهران للاجتماع الثلاثي الثالث، مؤكدين عزم بلديهما على توسيع العلاقات مع إيران في جميع المجالات.
ترتيبات إعادة فتح السفارتين واستئناف الرحلات الجوية
إلى ذلك، أورد البيان أن عبد اللهيان وبن فرحان اتفقا على إعادة فتح الممثليات خلال المدة المتفق عليها، والمضي قدماً في اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح سفارتي البلدين في الرياض وطهران، وقنصليتيهما العامتين في جدة ومشهد، ومواصلة التنسيق بين الوفود الفنية في الجانبين لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين، بما في ذلك استئناف الرحلات الجوية، والزيارات المتبادلة للوفود الرسمية والقطاع الخاص، وتسهيل منح التأشيرات لمواطني البلدين، بما فی ذلك تأشیرة العمرة.وعبّر الوزيران عن تطلعهما إلى تكثيف اللقاءات التشاورية وبحث سبل التعاون لتحقيق المزيد من الآفاق الإيجابية للعلاقات، بالنظر إلى ما يمتلكه البلدان من موارد طبيعية، ومقومات اقتصادية، وفرص كبيرة لتحقيق المنفعة المشتركة للشعبين. وأكدا استعدادهما لبذل كل ما يمكن لتذليل أي عقبات تواجه تعزيز التعاون بينهما.
إلى ذلك، اتفق الجانبان على “تعزيز تعاونهما في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وبما يخدم مصالح شعوبها ودولها”.وتبادل وزيرا خارجيتي السعودية وإيران دعوة بعضهما البعض لإجراء زيارة ثنائية للبلدين مع ترحيب الوزيرين بتلبية الدعوة، وفقاً لما جاء في البيان.
من جهته، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، لوسائل الإعلام الإيرانية في العاصمة الصينية بكين، أن المباحثات في بكين بين وزيري خارجيتي إيران والسعودية كانت “مثمرة وإيجابية للغاية”، مشيراً إلى أن العلاقات الرسمية بين البلدين فُعِّلَت اعتباراً من اليوم الخميس.وأضاف: “دخلنا مرحلة تدشين العلاقات الرسمية بين إيران والسعودية وتم الاتفاق على التمهيد لإعادة فتح السفارات والقنصليات في أسرع وقت ممكن”، مؤكداً أن وفوداً فنية ستجري خلال الأيام المقبلة زيارات متبادلة لطهران والرياض للتحضير لإعادة فتح السفارات والقنصليات.
وقال إن وزير خارجية إيران ونظيره السعودي عقدا جولتين من المباحثات في بكين، عامة وخاصة، لافتاً إلى أنهما أكدا أهمية الاستقرار في المنطقة وأن الأمن فيها يجب أن يتحقق من داخلها.وأكد كنعاني أن هناك إرادة سياسية لدى البلدين لتطوير العلاقات الثنائية في المجالات كافة، بما في ذلك الصعيد الاقتصادي. بدورها، أكدت الصين أنها تريد العمل من أجل “الاستقرار” في الشرق الأوسط. وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، بحسب ما نقلت “رويترز”، إن “الصين ستعمل مع دول المنطقة لتنفيذ مبادرات لتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في الشرق الأوسط”.




