كييف تعيد رسم خطوط التفاوض بينما تتعثر مبادرة واشنطن للسلام في شرق أوكرانيا

قسم الأخبار الدولية 08/12/2025
أعاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فتح النقاش حول مستقبل شرق أوكرانيا بعدما أكد أن المحادثات التي قادتها الولايات المتحدة خلال الأيام الماضية لم تُنتج توافقاً حول وضع إقليم دونباس، بما يشمل مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك. وجاءت تصريحاته في مقابلة هاتفية مع وكالة «بلومبرغ»، حيث أوضح أن الوفود المشاركة ما زالت تختلف حول «القضايا الحساسة» المتصلة بحدود التسوية، وضمانات الأمن الإقليمي، وشكل السيطرة المستقبلية على المناطق التي شهدت أعنف مراحل الحرب منذ 2014.
ورسم زيلينسكي صورة لمفاوضات معقدة تتشابك فيها مصالح الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا من دون نقطة التقاء واضحة، مؤكداً أن كييف تدفع باتجاه اتفاق إضافي منفصل يتعلق بمنظومة ضمانات أمنية طويلة الأمد من الحلفاء الغربيين، وعلى رأسهم واشنطن، تحسباً لاحتمال تجدّد المواجهة العسكرية. وسأل بلهجة مباشرة: «إذا بدأت روسيا الحرب مرة أخرى، ماذا سيفعل شركاؤنا؟» في إشارة إلى غياب التزامات صريحة في المسودة الأميركية.
وبرزت التوترات أكثر بعدما عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «خيبة أمل» من طريقة تعاطي كييف مع المقترح، قائلاً إن زيلينسكي لم يطّلع على تفاصيله بعد، وهو موقف يناقض إشارات سابقة حول تقارب روسي – أميركي بشأن الخطوط الرئيسية للخطة. ويعكس هذا التباين حجم الارتباك داخل مسار الوساطة الذي تسعى واشنطن إلى دفعه منذ منتصف 2025 لتثبيت جبهة تهدئة تسمح بإعادة ترتيب الأمن الأوروبي.
وتزامنت هذه التطورات مع تحركات دبلوماسية مكثفة، إذ يستعد زيلينسكي لعقد سلسلة اجتماعات في لندن مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لمواصلة مناقشة المقترح الأميركي ومحاولة توحيد الموقف الأوروبي. كما يُنتظر أن يلتقي، في بروكسل، مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في اجتماعات تهدف إلى تنسيق المواقف الغربية قبل الانتقال إلى المرحلة التالية من المفاوضات.
وتكشف هذه التحركات حجم التعقيد الذي يحيط بملف شرق أوكرانيا، حيث يظل مستقبل دونباس — على الرغم من عامين من المبادرات الدبلوماسية — على رأس القضايا العالقة التي تعيق إنتاج اتفاق سلام مستدام، بينما تتجه العواصم الغربية إلى اختبار قدرتها على صياغة ضمانات حقيقية يمكنها منع أي عودة لانفجار الصراع.



