أخبار العالم

تركيا تُطلق إنذاراً بحرياً واسعاً… تصاعد الهجمات الأوكرانية على سفن مرتبطة بروسيا يدفع أنقرة إلى رفع مستوى التحذير في البحر الأسود

دفع تكرار الهجمات الأوكرانية على سفن تجارية تُقلّ شحنات مرتبطة بروسيا تركيا إلى إصدار واحد من أكثر تحذيراتها حدّة منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، في لحظة بدت فيها المياه الشمالية للبلاد على مشارف تحول خطير قد يوسّع نطاق الصراع خارج الجبهات التقليدية. وانطلقت التحذيرات بعدما سجلت أنقرة خلال أيام قليلة ثلاث هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت ناقلات ومنشآت بحرية تعمل ضمن ما يُعرف بـ«أسطول الظل الروسي»، الأمر الذي دفع الحكومة التركية إلى اعتبار البحر الأسود منطقة توتر مرشح للانفلات.

بدأت الأزمة الأخيرة عندما أعلنت المديرية العامة للشؤون البحرية تعرّض سفينة الشحن الروسية “ميدفولغا 2” لهجوم على بعد 80 ميلاً بحرياً من السواحل التركية، بينما كانت في طريقها من روسيا إلى جورجيا محمّلة بزيت دوار الشمس. ورغم الأضرار التي طالت الهيكل العلوي للسفينة، فإن طاقمها واصل الإبحار باتجاه سينوب دون طلب مساعدة، ما رجّح أن الهجوم نُفّذ بغرض تعطيل السفينة لا إغراقها.

وقبل هذا الحادث بأيام، استهدفت أوكرانيا ناقلتي النفط “كايروس” و”فيرات” في المنطقة الاقتصادية الخالصة لتركيا، وهما ناقلتان ترفَعان علم غامبيا لكن تُداران لصالح شركات مُرتبطة بروسيا. وتسببت الضربات في اندلاع حرائق واسعة وإنقاذ 25 بحاراً، بينما وثّقت أنقرة أضراراً مباشرة في محيطها البحري.

وأمام هذه التطورات، تحركت وزارة الخارجية التركية سريعاً ونقلت رسائل مباشرة إلى كييف تحذّر فيها من توسيع نطاق الهجمات، مؤكدة أن أنقرة لن تسمح بتحوّل البحر الأسود إلى مسرح إضافي لحرب تستنزف المنطقة منذ عامين ونصف. كما نبّهت الخارجية إلى المخاطر التي تهدّد الملاحة، والأرواح، وخطوط الطاقة، وسلاسل الإمداد التي ترتبط بها صادرات الحبوب والوقود.

وفي موازاة التحركات الدبلوماسية، حذّر الرئيس رجب طيب إردوغان من “تصعيد مقلق” يهدّد أمن البحر الأسود، مشيراً إلى أن الهجمات على السفن التجارية باتت “غير مقبولة” وأن أنقرة لن تتهاون مع أي مساس بمصالحها البحرية. ويأتي هذا الموقف امتداداً لدور تركيا الذي حاول منذ بداية الحرب أن يمسك العصا من الوسط، عبر الحفاظ على توازن دقيق بين موسكو وكييف وضمان استمرار حركة الملاحة واتفاقات الحبوب.

ويكشف إصرار أنقرة على احتواء الأزمة عن خشيتها من انتقال الصراع إلى خطوطها الملاحية الحيوية. فتركيا تعتمد على البحر الأسود في جزء كبير من تجارتها ونقل الطاقة، كما تخشى من أن يؤدي أي تصعيد إلى سباق ردود قد يشمل روسيا، بما يعيد المنطقة إلى معادلة عسكرية شديدة التعقيد.

في المقابل، تستمر أوكرانيا في استهداف “أسطول الظل” الروسي، مُعللة ذلك بأنه أحد مصادر تمويل موسكو للحرب. ونقلت وسائل إعلام عن مسؤولين أوكرانيين تأكيدهم أن هذه الهجمات تأتي ضمن “عمليات مركّبة” تنفذها البحرية وجهاز الأمن الأوكراني، بهدف تعطيل التجارة النفطية الروسية.

ومع تزايد الضربات وتوسع نطاقها، تتخوف أنقرة من أن يتحول البحر الأسود إلى امتداد مباشر لجبهات الحرب، خصوصاً أن المنطقة شهدت خلال العامين الماضيين محاولات متكررة لضبط النزاع عبر اتفاقات ممرات آمنة. ورغم ذلك، يشير مستوى التوتر الحالي إلى أن تركيا تجد نفسها مجدداً أمام اختبار دقيق بين الحفاظ على علاقاتها مع الطرفين وبين حماية أمنها البحري الحيوي.

وفي ظل هذا المشهد المضطرب، لا تبدو مؤشرات التهدئة واضحة، بينما تتجه المنطقة إلى مرحلة قد تعيد رسم قواعد الاشتباك البحري، وتفرض على تركيا دوراً أكثر حساسية في إدارة توازنات البحر الأسود المتقلّبة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق