إسبانيا تتحرك لاستعادة التوازن مع الجزائر عبر زيارة رئاسية واستراتيجية دبلوماسية شاملة

قسم الأخبار الدولية 02/12/2025
سعت الحكومة الإسبانية خلال الأسابيع الأخيرة إلى إعادة ضبط مسار علاقاتها مع الجزائر بعدما مرّت بفترة توتر سياسي واقتصادي امتدت لأكثر من عامين. وجاء تحضير مدريد لاستقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون قبل نهاية ديسمبر 2025 ليعكس توجهاً واضحاً لإعادة بناء الثقة وإحياء القنوات الدبلوماسية، خاصة مع تعيين سفير جديد في الجزائر تمهيداً لمرحلة تهدئة. وارتبط هذا الحراك بتسارع الأحداث الإقليمية في المغرب العربي، خصوصاً بعد التصويت الأخير في مجلس الأمن حول قضية الصحراء، ما دفع حكومة بيدرو سانتشيز إلى محاولة الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها بالرباط والجزائر معاً.
وتزامنت التحضيرات للزيارة مع اجتماع رفيع المستوى بين إسبانيا والمغرب في مدريد، وهو ما أبرز رغبة سانتشيز في إدارة علاقات متوازية مع الطرفين رغم التنافس الحاد بينهما. واعتبر مراقبون أن استقبال تبّون سيحمل رسائل سياسية مهمة، خاصة بعد تعيين راميرو فرنانديث باتشييير سفيراً جديداً خلفاً لفرناندو موران كالفو سوتيلو، في خطوة عُدّت تأسيسية لعودة الدفء إلى العلاقات.
وواجهت الجزائر خلال الأشهر الماضية توتراً داخلياً عقب قضية هروب الجنرال عبد القادر حداد، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية، وسط تكهنات حول وجوده في إسبانيا. ورغم نفي مصادر في الاستخبارات الإسبانية هذه الرواية، فإن الملف ألقى بظلاله على المناخ السياسي بين البلدين، خصوصاً في ظل حساسيات داخلية جزائرية بين مؤسسات الحكم.
وعلى المستوى الاقتصادي، سجّلت الشركات الإسبانية خسائر تتجاوز 3.2 مليار يورو خلال فترة الأزمة، بعدما هبطت الصادرات نحو الجزائر إلى أدنى مستوياتها خلال 2023. ورغم تحسن نسبي منذ 2024، فإن العلاقات التجارية لم تستعيد إيقاعها السابق بسبب تململ جزائري من الموقف الإسباني بشأن الصحراء. وترافق ذلك مع تصاعد الهجرة غير النظامية من السواحل الجزائرية نحو جزر البليار، وهو ما اعتبرته مصادر دبلوماسية أداة ضغط مرتبطة بملف التأشيرات، الذي اشتكت الجزائر من بطء كبير في معالجته داخل القنصليات الإسبانية.
وعكس امتناع الجزائر عن قبول إعادة المهاجرين غير النظاميين تحولاً في آليات التعاون الأمني مع مدريد، خصوصاً بعد الأزمة السياسية التي تلت تغيير موقف إسبانيا من نزاع الصحراء. ويثير هذا الوضع مخاوف من إعادة تشكيل طرق الهجرة نحو أوروبا عبر الجزائر، وفق تقديرات مراكز بحث إسبانية.
وفي هذا السياق المعقّد، تبدو زيارة تبّون إلى مدريد خطوة محورية نحو إعادة بناء الثقة وتجاوز مرحلة القطيعة، خصوصاً مع رغبة الطرفين في استعادة الاستقرار التجاري وتخفيف التوترات الأمنية، إضافة إلى إعادة تنشيط التعاون في ملفات الطاقة والهجرة التي تظل جوهر العلاقة بين البلدين.



