روسيا تواجه معادلة نقدية جديدة… الروبل يقوى والحكومة تدفع الشركات للتأقلم مع واقع اقتصادي متحوّل

قسم الأخبار الدولية 02/12/2025
أكد وزير الاقتصاد الروسي مكسيم ريشيتنيكوف أن الروبل سيواصل الحفاظ على قوته خلال الفترة المقبلة، في تحوّل يفرض ضغوطاً على قطاعات التصدير ويعيد صياغة سياسات الاستثمار والإنتاج داخل السوق الروسية. وجاء هذا الموقف في وقت تتجه فيه العملة المحلية لتسجيل أحد أفضل مستوياتها منذ سنوات، مدفوعة بمزيج من السياسات النقدية المتشددة وتراجع الواردات وزخم المفاوضات الجارية بشأن الملف الأوكراني.
وارتفع الروبل بأكثر من 40% خلال النصف الأول من العام، مستفيداً من رفع أسعار الفائدة وتقييد السيولة، إلى جانب تحسن توقعات الأسواق حول إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية بين موسكو وواشنطن. وكان محللون قد رجّحوا تراجع الروبل إلى مستوى يقترب من 100 روبل مقابل الدولار، لكن العملة استقرت عند حدود 77.5 روبل، في انعكاس لميزان مدفوعات يتحسن بفعل ضعف الإنفاق على الواردات واستمرار تدفقات رأس المال نحو الداخل.
ورأى ريشيتنيكوف أن قوة الروبل ليست ظرفية، مشيراً إلى أن الحكومة باتت تتوقع متوسط سعر صرف أقوى في 2026، رغم تعديل هدفها سابقاً إلى 100.2 روبل للدولار. وأوضح أن سياسة إحلال الواردات لعبت دوراً محورياً في هذا التحول، بعدما دفعت الصناعة الروسية إلى تصنيع معدات ومنتجات كانت تعتمد على استيرادها من الدول الغربية قبل العقوبات، وهو ما خفف الضغط على العملة وزاد الطلب المحلي على الإنتاج الوطني.
لكن قوة الروبل لا تأتي من دون كلفة اقتصادية. إذ حذّر الوزير من أن بعض مشروعات التصدير الضخمة، التي تستهدف عائدات تصل إلى 70 مليار دولار بدعم حكومي، قد تفقد جدواها تحت تأثير ارتفاع سعر الصرف، ما قد يدفع إلى إلغائها أو إعادة هيكلتها. واعتبر أن التعويل على ضعف لاحق في الروبل لم يعد استراتيجية ممكنة، داعياً الشركات إلى تبنّي خطط إنتاج وتمويل متوافقة مع واقع نقدي أكثر استقراراً وقوة.
وفي سياق موازٍ، أشارت محافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا إلى أن اتجاه السياسة النقدية يتجه نحو التيسير، لكن بوتيرة أبطأ من توقعات الأسواق، في محاولة للموازنة بين السيطرة على التضخم والحفاظ على استقرار سعر الصرف، ضمن مرحلة حساسة يعاد فيها رسم قواعد الاقتصاد الروسي تحت تأثير العقوبات والتحولات الجيوسياسية العالمية.



