أخبار العالمإفريقيابحوث ودراساتغير مصنف

توطين الجماعات الإرهابية بمنطقة الساحل والصحراء: “الإنقلابات وإنهيار المؤسسات”…

تقديم :

إفريقيا أرض الثروات والخيرات، فرغم قساوة المناخ وإمتداد الصحراء وخطورة التضاريس تضل بلدانها تنضب بالتدفقات المادية العملاقة وإحتياطي النفط والمعادن الثمينة ومناجم الحديد والذهب ومصنعات اليورانيوم ففي هذه الرمال الساخنة تتكالب القوى الدولية ويغرس الإرهاب أنيابه.

التنظيمات التي طالما اقتاتت على جهل المجتمعات الفقيرة، بدأت تلجأ اليوم إلى الذكاء الاصطناعي، متجاوزةً قدرات بعض خصومها النظاميين المتمسكين بالبندقية والمدفع والطائرات الحربية والمسيرات .

تحليل: منطقتا المغرب و"الساحل والصحراء"..تقارب بعد تيه طويل؟ – DW –  2023/12/28

في ضل غياب الاستقرار وضعف مؤسسات الدولة وانقلابات عسكرية في النيجر ومالي وبوركينا فاسو تواصل التنظيمات المسلحة مثل جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، فرع تنظيم “القاعدة” في منطقة الساحل الإفريقي، فرض وجودها فوفقا لبعض التقاريير الميدانية قامت هذه المجموعات بمنع دخول شاحنات الوقود إلى مالي، حيث تهاجم الشاحنات وتضرم النيران فيها، خاصة القادمة من السنغال وساحل العاج.كما تواصل بسط سيطرتها على مشارف العاصمة باماكو، حيث تعتمد في فرض سيطرتها على العمل المسلح والحكم المحلي عبر محاكم وفرض الرسوم على التنقل.

 

تشاد تخسر جنودا بمعارك مالي | أخبار | الجزيرة نت

أولا- فراغ أمني هيأ لأرضية خصبة

منذ العام 2017، تشكل تكتل حركات “أنصار الدين” و”جبهة تحرير ماسينا” و”المرابطون” وجناح الصحراء التابع لـ”تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”.حيث توجد في منطقة الساحل الكثير من الحركات الموصوفة بأنها “جهادية” النشطة بدولها الثلاث. وهي مناطق تمثل “ملآذات آمنة للتنظيمات الإرهابية”.

هذه الانقلابات العسكرية المتكررة بدول الساحل ساهمت في إرباك عمل المؤسسات الأمنية، في وقت تتفاقم فيه معدلات الفقر والتهميش خصوصا في المناطق النائية التي تشعر بالقطيعة مع السلطة المركزية”.وهذه “الجماعات الإرهابية تستغل الفراغ الأمني الذي أحدثه انسحاب القوات الدولية” من المنطقة. أعلنت مجموعة “فاغنر” العسكرية  مغادرتها أراضي مالي بعد قتالها هناك لأكثر من 3 أعوام، واستبدالها بقوات “الفيلق الإفريقي” الذي تشكل بدعم من وزارة الدفاع الروسية.كما أنهت بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي “مينوسما” مهامها في البلاد في يونيو الماضي، استجابة لطلب القادة العسكريون الذين استولوا على السلطة في انقلاب عام 2020، والذين اتهموا قواتها بـ”تأجيج التوترات المجتمعيّة”.وكانت فرنسا قد أعلنت في أوت 2022، انسحاب آخر جنودها من مالي بعد تواجدها في البلد الإفريقي دام تسعة أعوام، وذلك على خلفية توتر علاقاتها مع المجلس العسكري الحاكم في البلاد.

ثانيا – المسرح الأكثر فتكا في القارة الإفريقية

ضلت دول الساحل “تعاني من أزمة بنيوية عميقة ناتجة عن هشاشة الدولة الوطنية منذ الاستقلال، حيث وُلدت هذه الدول بحدود استعمارية لا تعكس الامتدادات القبلية والعرقية، ما أنتج دولا تجد صعوبة في تحقيق الانسجام الداخلي”.

تفشي الفساد وضعف الحكم أدى إلى تعطيل التنمية وتراجع ثقة المواطن في الدولة، بينما عمقت التدخلات الأجنبية المتضاربة الصراع عبر تحويل هذه البلدان إلى ساحات تنافس دولي بين فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، ما أدى إلى مزيد من إضعاف المؤسسات بدل دعمها”.وبحسب تقرير (غير حكومي) صدر في مارس2025، ظلت منطقة الساحل “المسرح الأكثر فتكا في القارة لعام 2024، وللعام الرابع على التوالي، بسبب عنف الجماعات المتشددة”.وأضاف التقرير أن التقديرات تشير إلى أن عدد القتلى المرتبط بـ”العنف المتشدد” في منطقة الساحل بلغ نحو 10 آلاف و400 شخص في عام 2024، ما يمثل 55 بالمائة من إجمالي الوفيات ذات الصلة في القارة.

تحالف دول الساحل"يسرع تلاشي الهيمنةالفرنسية إفريقيا:هل يشكل ميثاق LIPTAKO  GOURMA موجة تحرير جديدة في الساحل؟

ثالثا- من أين تبنى مصادر القوة

الصراعات الإثنية.. إرث البشير في سودان ما بعد الثورة | سكاي نيوز عربية

الجماعات النشطة بالمنطقة “تستمد قوتها من شبكة واسعة من مصادر التمويل تشمل الفديات الناتجة عن عمليات الاختطاف، والضرائب التي تفرض على السكان، والتجارة غير الشرعية في الذهب والمخدرات والوقود”.وأوضح أن “الفديات تعد من أهم المصادر المالية للجماعات، إذ تدر عليها ملايين الدولارات سنويا، تمكّنها من شراء الأسلحة واستقطاب المقاتلين وشراء ولاء زعماء المجتمعات المحلية”.كما تعتمد الجماعات على “تحالفات محلية مع بعض القبائل التي تشعر بالتهميش أو التي تبحث عن حماية في ظل غياب الدولة”، بحسب الطيار.وأوضح الخبير الأمني أن هذه التنظيمات “تتقن أساليب حرب العصابات، فتشن هجمات مباغتة وكمائن بدل المواجهة المباشرة، ما يضعف قدرة الجيوش التقليدية على مواجهتها”.

كما تسيطر الجماعات كذلك على طرق التهريب العابرة للصحراء، خاصة تهريب مواد الكوكايين والبنزين والمواد الغدائية وقطع الغيار، “الأمر الذي يمكنها من تمويل عملياتها ويمنحها نفوذا واسعا”، هذه الجماعات “تستفيد من بيئة اجتماعية متوترة تغذيها النزاعات العرقية، ما يجعل بعض الفئات ترى في هذه الجماعات قوة بديلة عن الدولة لحماية مصالحها”.وإلى جانب ذلك، تعتمد هذه التنظيمات، وفق الطيار، على ارتباطها الأيديولوجي واللوجستي بتنظيمات عالمية مثل “القاعدة” و”داعش”، وتستفيد من خبرة مقاتلين قادمين من ليبيا وتشاد. “فالجغرافيا الصحراوية الواسعة والحدود المفتوحة تمنحها حرية حركة استثنائية، يصعب على أي جيش تقليدي الحد منها، خاصة مع عجز دول الساحل في تأمين حدودها”.

رابعا- انقلابات متتالية وصراع السلطة بالسودان؟

سلام السودان بين تصعيد ووعيد البرهان وحميدتي وحروب المسيرات - Dabanga Radio  TV Online

يقول الخبراء في الميدان أن هذه “الجماعات الإرهابية تحصل على أسلحتها عبر قنوات متعددة تشمل نهب مخازن الجيوش خلال الهجمات أو عقب الانقلابات”.وأوضح أن “المخازن التي تعاني من ضعف المراقبة ويتم المتاجرة بها بسبب انتشار الفساد، تعد مصدرا آخر للسلاح، إضافة إلى تدفق السلاح القادم من ليبيا بعد سقوط نظام القذافي سنة 2011”.

وشهدت مالي انقلابا عسكريا في أوت 2020 أطاح بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، ثم انقلاب ماي 2021 ضد الحكومة الانتقالية.في 30 سبتمبرمن العام 2022 قاد النقيب إبراهيم تراوري، انقلابا عسكريا أطاح بالرئيس المؤقت بول هنري سانداوغو داميبا، بدعوى “الفشل في التعامل مع تمرد جماعات إسلامية”.وفي النيجر، احتجز الحرس الرئاسي، في 26 جويلية 2023، الرئيس محمد بازوم، وأعلن قائد الحرس الجنرال عبد الرحمن تشياني، نفسه قائدا للمجلس العسكري الجديد.

خروج القوات الأممية من مالي سمح لهذه الجماعات بتعزيز حضورها بشكل كبير في الشمال والوسط، وسط عجز الحكومة الانتقالية عن بسط سيطرتها فما تزال مساحة نصف البلاد تقريبا خارج السيطرة الكاملة للسلطة المركزية”.

خلاصة

تراجع الدعم الدولي في النيجر بعد انقلاب 2023، دفع الجماعات إلى توسيع هجماتها بالبلاد، خصوصا على الحدود مع مالي وبنين،علاوة على ان هناك صراعات داخلية بين هذه التنظيمات، وتنافس واقتتال بين تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى من جهة، وتنظيم نصرة الإسلام والمسلمين الذي أعلن ولاءه للقاعدة من جهة أخرى، ما قد يضعفها تدريجيا ويحد من قدرتها على التوسع اللامحدود”.​​​​​​​ وفي 17 سبتمبر2023، وقعت مالي والنيجر وبوركينا فاسو اتفاقا أسس تحالف دول الساحل الثلاث، مع إنشاء “هيكلية للدفاع المشترك والمساعدة الاقتصادية المتبادلة”. ومؤخرا، أعلنت دول الساحل الثلاث تفعيل القوة الموحدة لمحاربة الجريمة المنظمة والإرهاب، وسط تخوفات من ضعف المبادرة في تحقيق الاستقرار، في ظل تحذيرات أممية من ارتفاع وتيرة النازحين بالمنطقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق