آسياأخبار العالمأوروبا

الصين تعمّق شراكاتها الاستراتيجية مع ألمانيا في لحظة تتزايد فيها الضغوط التجارية العالمية

سعت الصين خلال الأيام الأخيرة إلى تعميق شراكتها الاستراتيجية مع ألمانيا، وذلك عبر سلسلة تحركات دبلوماسية واقتصادية ركزت على حماية خطوط التعاون التقليدية بين البلدين وتعزيز المصالح المشتركة في ظل اشتداد الضغوط التجارية العالمية، خاصة مع تصاعد التوترات بين الصين والاتحاد الأوروبي حول ملفات التكنولوجيا، السيارات الكهربائية، ودعم الصناعات المحلية.

بدأت الصين تعيد ترتيب أولوياتها الأوروبية، مركزة على تعزيز علاقاتها مع ألمانيا بصفتها الشريك الاقتصادي الأهم في الاتحاد الأوروبي، حيث اعتمد الجانبان خلال العقدين الأخيرين على روابط قوية تتضمن استثمارات صناعية ضخمة، تعاونًا في قطاع السيارات، وتبادلات تجارية تجاوزت عشرات المليارات سنويًا. وقد جاءت الخطوات الصينية الأخيرة لتؤكد رغبتها في الحفاظ على هذا الزخم، لا سيما في ظل الضغوط المفروضة على سلاسل التوريد العالمية وتنامي السياسات الحمائية في الغرب.

وعملت بكين على تقديم تطمينات واضحة للشركات الألمانية بشأن بيئة الاستثمار داخل الصين، مع تأكيدها على دعم قطاع التصنيع المشترك، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة النظيفة، والهيدروجين الأخضر، والذكاء الاصطناعي، وهي ملفات تحرص ألمانيا على تطويرها ضمن استراتيجيتها الصناعية الجديدة. كما شجّعت الصين برلين على تبني مقاربة أكثر استقلالية في سياساتها الاقتصادية تجاه آسيا، بعيدًا عن تأثير التوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة.

وفي المقابل، بحثت ألمانيا عن الحفاظ على توازن دقيق بين مصالحها الاقتصادية الحيوية مع الصين ومتطلبات التوجه الأوروبي الجديد نحو “تقليل المخاطر” في التعامل مع بكين. ورغم الضغوط الأوروبية المتزايدة على قطاع السيارات الكهربائية الصينية، فقد أبدت برلين رغبتها في تجنّب التصعيد، مؤكدة أنّ الحل الأنسب يكمن في الحوار والبحث عن صيغ تعاون جديدة، بدل تبني سياسات عقوبات متبادلة يمكن أن تضرب الصناعة الألمانية نفسها.

وانطلاقًا من هذا الواقع، تحرك الطرفان لتوسيع قاعدة التعاون بعيدًا عن القطاعات التقليدية، مع التركيز على الابتكار الرقمي، الأمن الصناعي، وتطوير سلاسل التوريد الذكية. كما أشار الجانبان إلى أهمية الحفاظ على انفتاح الأسواق العالمية، وعدم الانزلاق نحو سياسات يصفها محللون بأنها قد تقسم الاقتصاد الدولي إلى كتل متنافسة.

وبذلك، عكس السعي الصيني لتعميق الشراكة مع ألمانيا رغبة حقيقية في حماية العلاقات من التأثيرات السلبية للتوترات التجارية العالمية، وفي نفس الوقت فتح آفاق تعاون مستقبلية أكثر تنوعًا. ويبدو أن المرحلة المقبلة ستشهد جهودًا أكبر من الطرفين لضبط الخلافات التجارية وإعادة بناء بيئة تعاون مستقر تضمن مصالحهما المتبادلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق