أخبار العالمإفريقيابحوث ودراسات

ما حقيقة تجنيد المرتزقة الكولومبيين لصالح قوات “الدعم السريع” بالسودان ؟..

كشف تقرير عن تزايد حضور المرتزقة الكولومبيين كجزء رئيسي من الحرب الدائرة في السودان، إذ يقطع هؤلاء آلاف الكيلومترات من أمريكا اللاتينية، للقتال إلى جانب “قوات الدعم السريع” مقابل المال، في عملية تجنيد معقدة تمتد خيوطها بين كولومبيا والإمارات، ويقف خلفها عسكريون سابقون حولوا خبراتهم العسكرية والقتالية إلى تجارة حرب مربحة.

معركة “الفاشر” واستمرار القتال بين “الدعم السريع”، والجيش السوداني، يظهران مزيداً من الإثباتات على انخراط المرتزقة الكولومبيين في الحرب، بما في ذلك أدلة من المصادر المفتوحة يوردها هذا الاستقصاء، وتتضمن فيديوهات وصور، وبيانات رسمية، ووثائق شخصية لكولومبيين انخرطوا في القتال، إضافة إلى تتبع المسارات التي يسلكها المرتزقة من بداية تحركاتهم وصولاً لأماكن المواجهات.

وتحمل الأدلة المتاحة على نشاط المرتزقة الكولومبيين، إشارات عدة إلى دور دول أخرى غير الإمارات في تسهيل تدفق المرتزقة إلى السودان، ضمن شبكةٍ تتداخل فيها خطوط التمويل والنقل والتجنيد، وتتشابك داخلها المصالح الأمنية والعسكرية والمالية.في  وثيقة رسمية قدمها السودان لمجلس الأمن في سبتمبر 2025، تتحدث عن نشاط المرتزقة الكولومبيين في البلاد، ذكرت الخرطوم أن عملية التعاقد مع مرتزقة كولومبيين تمت بصورة “مخادعة”، إذ تم إيهامهم بأنهم سيلتحقون بوظائف في مجال “الأمن والحماية” في الإمارات، قبل أن يُنقلوا مباشرة إلى السودان للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع.

لا تقتصر الخديعة فقط على إيهام المقاتلين الكولومبيين بالعمل في وظائف أمنية بالإمارات، فبحسب الجريدة الرسمية “للكونغرس الكولومبي” في نسختها الصادرة 2025، فإن كولومبيين تعرضوا للخديعة بعدما تلقوا وعوداً بحراسة آبار نفطية في ليبيا لكن الأمر انتهى بهم في السودان.ورد في نص الوثيقة السودانية لمجلس الأمن، اسم العقيد الكولومبي المتقاعد ألفارو كيجانو، المتهم بأنه الشخص الذي يتولى عملية تجنيد المرتزقة في كولومبيا من خلال شركة (A4SI)، تمهيداً لنقلهم إلى السودان.أظهر تتبّعنا لتفاصيل عمل الشركة الكولومبية، أنها تبدو في ظاهرها جهة مختصة في إدارة وتوظيف الموظفين، غير أن نمط الأسئلة التي توجهها للمتقدمين إلى العمل يكشف طابعاً مختلفاً.

يتيح موقع الشركة استمارة للتوظيف، وتطلب من المرشحين مجموعة واسعة من المعلومات، يرتبط جزء منها بشكل مباشر بالعمل في بيئات النزاعات، إذ تسأل الاستمارة على سبيل المثال، عما إذا كان المتقدّم يجيد استخدام الأسلحة، وما هي الرتبة العسكرية التي شغلها خلال خدمته في الجيش، إضافة إلى الاستفسار عن امتلاكه خبراتٍ عسكرية سابقة.المرتزقة الكولومبيون الذين يتوجهون إلى السودان، غالباً ما يكونون مقاتلين سابقين في الجيش الكولومبي، وتتراوح أعمارهم بين الثلاثينات والأربعينات، ويُعرف عنهم امتلاكهم خبرة عسكرية طويلة، بحكم الحرب الأهلية الطويلة التي شهدتها كولومبيا، التي امتدت لـ52 عاماً، من 1964 وحتى 2016.

تشير الوثيقة السودانية المقدمة لمجلس الأمن، إلى أن ما بين 350 و380 من المرتزقة الكولومبيين، معظمهم من الضباط والجنود المتقاعدين، تم تجنيدهم للقتال في السودان.يحمل المقاتلون الكولومبيون المتواجدون في السودان لقب “ذئاب الصحراء”، ويحيطون عملهم بأكبر قدر من السرية، نظراً لكون قتالهم في السودان قد أثار استياء الخرطوم من كولومبيا، التي قدمت بدورها إعتذارا عن مشاركة مقاتليها كمرنزقة إلى جانب قوات “الدعم السريع”.

يمثل القتال خارج البلاد فرصة ذهبية للعسكريين السابقين الكولومبيين، لتحسين أوضاعهم المالية؛ إذ يتقاعد معظمهم عند بلوغ سن الأربعين براتب متواضع، بينما تمنحهم عمليات الارتزاق رواتب تعادل أضعاف ما يتقاضونه داخل كولومبيا.

أظهرت المعلومات المتوفرة في المصادر المفتوحة سلسلة من الأدلة التي توثق قتال كولومبيين في السودان، وكانت أولى الإشارات المؤكدة على مشاركة مرتزقة كولومبيين إلى جانب “الدعم السريع”، قد ظهرت في نوفمبر 2024، عندما تعرضت قافلة عسكرية لقوات “الدعم السريع” إلى كمين من الجيش السوداني في طريق صحراوي.عقب مهاجمة القافلة، عثر الجنود السودانيون على عدد من الوثائق الشخصية التي تعود لكولومبيين، بما في ذلك صور جوازات السفر ووثائق شخصية أخرى، وبعضهم كانت لديه أختام دخول وخروج من وإلى الإمارات قبل أن يصل إلى السودان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق