أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

حوار شامل في الفكر والدين والسياسة والاجتماع: أدونيس‏: المسلمون اليوم هم اختراع غربي

زمن كاملٌ تجاوز التسعين عقداً وأدونيس يولّد فينا الرؤيا، ويفتح أمامنا أفقاً شعريّاً ومعرفيّاً يجذبنا كالمجهول المضيء، ويهزنا بأسئلته الكبرى التي تستدعي التمرد واليقظة بالمعنى الكوني الأوسع.

“مهيار” يخاطبنا من قلب تراثنا ولغتنا وانقلاب التأويل والرفض على المؤسسة، و”المطابقات والأوائل” تستدعي هويتنا نحو صيغة مبتكرة ومحررة، تُعيد حضور البشري في الإلهيّ، والمطلق في النسبي، وتبشّر بمستقبل يرتفع فيه الشعر فوق التاريخ واللاهوت والفلسفة والتكنولوجيا وكل الخطاب النسقي، ويتجاوز الفكرة التي تؤسس للسلطة على البطش والطغيان، لنصغي للقصيدة في كل بهائها، حين تفرض قدرتها المدهشة في الإيقاظ والخلق.

كان الشاعر الفرنسي الكبير “إيف بونفوا” قد أوجز في نهاية القرن الماضي المهمة الرؤيوية التي يحملها أدونيس في جملة لامعة: “إنه من أولئك الشعراء الذين سيحتاجهم القرن القادم، والذين سيساعدون على الإدراك بأنه عن طريق الشعر، وشنّ الحرب على الكلمات الخادعة، والأفكار البالية يمكن للكائنات واللغات أن تتقاسم ثمار الروح، ثمار شجرة الحياة التي لا نزال اليوم بعيدين من سماع شدو العصافير وعزف الريح داخل أغصانها”.

لكأنّ أدونيس التي تقول الأسطورة إنه يقضي نصف العام في الجحيم عند بيرسفون والنصف الآخر عند أفروديت بين الأحياء، قد جمع الجدليات بأسرها في حياته وشعره وأفكاره: التراث والتجديد، الثابت والمتحول، انقسام الناس حوله بين محبّ مغالٍ ومبغض مفرط.

إلا أنّ الثابت في المتناقضات كلها هو أنّ أدونيس وضع إصبعه على الجرح: كل تجديد يبدأ في الكلام، ومع الكلام تبرز المعضلة بين الإنسان والمقدس، كما يقول الشاعر اليوناني ديمتري أناليس.

أعاد أدونيس البرق المخطوف للكلام الشعري بعد وضعه في قفص الاتهام من قبل فقهاء مذعورين وثقافة مكبّلة مستقبلها في ماضيها، تعيد تدوير نفسها بلا كلل وتتأرجح بين محاكاتها للأصوات الأجنبية وبين التحريض والتعبئة في المجال السياسي.

أردناه في “كلمات” حواراً بصوتين مع “مهيار” الذي أعاد إلينا هذا الضوء المشرقي الذي خبا منذ زمن الباطنيين والمتصوفة، وخلّص كلام الشعر من تلفيقاته، وأعاد اختراع اللحظة التي تلتقط العالم، وتُعيده إلى “الحرية الحرة” كما يسميها رامبو، الحرية التي تشبه الطفولة المضيئة: “لا تزال طفولتي/ تولد بين يدَي ضود أجهل اسمه/ وهو الذي يسمّيني”.

الشعر سؤال… والدين جواب

سنبدأ من قاعدة أصولية شهيرة في مدونة الفقه الإسلامي “لا اجتهاد مقابل النص. هل هذا يعني أنّ لا حياة، ولا ابتكار ولا تجديد خارج النص؟

طبعاً، وهذا ما أكرره دائماً وقد مللتُ تكراره. لا إبداع إلا خارج النصّ، لا إبداع إلا خارج المتواتر والمتواصل: لا إبداع خارج الذاتية. لا معنى للجماعة في الإبداع، وهي عنوان سياسي وديني، وكل ما هو ديني وأيديولوجي مسبّق لا علاقة له بالشعر. بالنسبة إليّ على الأقل، أن تكون شاعراً هو أن تبدع علاقات جديدة بين الكلمات والأشياء، علاقات لا تذكّر بأحَد.

تاريخيّاً، لن تجد شاعراً عربيّاً واحداً خلّاقاً كان مؤمناً، وكان الشعراء برمّتهم في موقع يتعارض مع الموقع الديني بوصفه فقهاً وشَرعاً. بالنسبة إليّ، الدين – بالمعنى الفقهي الشرعي- مثل الأيديولوجيا منظومة تعطيك الإجابات عن كل شيء، بينما الشعر سؤال، ولذا فهما نقيضان.

تقول في حوار مع حورية عبد الواحد في كتاب “إيروس والإسلام” إنّ الأديان التوحيدية لم تقدّم جواباً واحداً أصيلاً عن أسئلة الإنسان المصيرية الكبرى. هلا شرحت لنا أكثر؟

قامت الأديان التوحيدية على الفصل بين شيء نراه وآخر لا نراه من أجل فرض السلطة الماورائية لما هو غير مرئيّ، وبهذا شوّهت الطبيعة. قبل الوحدانية، كان الإنسان أرضيّاً وسماويّاً في آنٍ معاً، ولم تكن هناك أي تجزئة. وبهذا المعنى، ليست الوحدانية تشويهاً للطبيعة وحدَها. لقد شوّهت الإنسان أيضاً، جعلته خاضعاً لسلطة وهمية هي كل شيء. سلطة رفضها المسيح نفسه ولهذا قُتل وصُلِب.

قبل الوحدانية، قامت فكرة مفادها أنّ ليس خلف الطبيعة سوى الطبيعة. لم تخلق الوحدانية شيئاً ما وراء الطبيعة إلا بوصفه خالقاً أو سُلطة.

أحترم تجربة الدولة الأموية لسبب أساسي أول، هو أنّها لم تكن دولة دينية ولم تقتل رعاياها

ولذا شوّهت العلاقة بين ما نراه وما لا نراه، وبدل علاقة التكامل، بتنا أمام علاقة محكومية وعبودية. جاء المسيح بخلاصة جديدة: الآب والابن والروح القُدْس أي بالبُعد الإنساني اللامرئيّ من دون أن يفصل بين الطبيعة وما وراءها، وكان قوله رفضاً للنظرية التوراتية ولذلك قُتل.

وهذا ما يفعله الإسرائيليون اليوم مع كل من يعارض نظريتهم؛ وما يحدث في سوريا اليوم ليس مجرد تغيير نظام بنظام، بل هو رسم خريطة توراتية جديدة، وإعادة تكوين المنطقة على أساس توراتي.

وهي مسألة يبدون فيها كأنهم يُعيدون تكوين العالم من منطلق التوراة، وليست مسألة تغيير نظام. الحكّام الجدد في سوريا مجرد دور وظيفي. إسرائيل تريد تقسيم الجغرافيا السورية إلى كانتونات، بينما تسعى تركيا بمعونة الحلف الأطلسي إلى تذويب سوريا فيما كان يسمّى الخلافة العثمانية.

نحن كشعوب عربية بين هذين المشروعين، ما هو دورنا؟

ليس هناك من شعوب عربية ولا إسلامية، فما نراه بعد العهد العثماني وسايكس بيكو هو صورة مخترعَة للمسلمين. تملّكَ الغرب كل ما كان بيد السلطنة العثمانية، والمسلمون اليوم هم اختراع غربي، أدخلوهم في عثمانية جديدة، ولم يقم شعب واحد بثورة لبناء دولته الخاصة على الإطلاق، وإنما هي دوَل مرسومة مسبقاً: وبلدانهم قُدّمَت لهم “هدايا” من سايكس ــ بيكو.

إذاً كيف نقرأ التجربة الأموية والعباسية كنموذجين للدولة الإسلامية؟

أحترم تجربة الدولة الأموية لسبب أساسي أول، هو أنّها لم تكن دولة دينية. والسبب الثاني أنها لم تقتل رعاياها الذين احتلّتهم، بل استحضرت كل كفاياتهم وصهرتها في بوتقتها.

عدا القصر الأموي الذي كان يسود فيه مناخ من الجرأة كما في أبيات الوليد بن يزيد الشهيرة “تهددني بجبار عنيدِ… فها أنا ذاك جبار عنيد إذا ما جئت ربك يوم حشر… فقل يا رب مزقني الوليدُ”. يكفي للأمويين اكتشافهم للأندلس، أي مبادرتهم إلى اكتشاف الآخَر. بغداد مثلاً صنعها الفرس، الذين شاركوا في صنع اللغة العربية ذاتها كما في إسهامات سيبويه.

هل استطاعت المدارس الباطنية في الإسلام، كالإسماعيلية والنصيرية والقرامطة إحداث ثورة على مستوى المفاهيم داخل الإسلام، أم كانت شغباً آنيّاً على سلطة المؤسسة؟

كل ما هو باطني يقف على الضد من الإسلام الظاهر، أي إسلام الفقه والشرع، لأنّ هذا الأخير هو إسلام السلطة والتبعية، بينما تمتلك النزعات الباطنية وعياً بالعالم أعمق من الوعي الإسلامي العام، إذ تنطلق من التجربة الذاتية، في حين أن الإسلام الفقهي يقوم على التجربة الجماعية. وحتى عندما تظهر فيه فردية ما، فإنها تفتقر إلى الذاتية.

أنا إنسان لا ديني، لكنني مع ما قام به حسن نصر الله، لأنه تخطى تاريخيته وأصبح رمزاً الإسلام المؤسسي، في جوهره، هو إسلام سلطة لا إسلام ثقافة، ولهذا لم يُنتج الإسلام الرسمي مثقفاً أو مفكراً أو شاعراً حقيقياً. فالشعر العربي، في معظمه، كان ضد الدين، ولا نجد بين الشعراء الكبار واحداً مؤمناً بالمعنى الديني الخالص ــ الفقهيّ الشرعيّ.

صحيح أنّ التجارب الباطنية ضعفت اليوم، لكنها في الأصل كانت تجارب عظيمة، إذ لخّصت رؤيتها في أنّ “الله ليس خالقاً من خارج العالم يقوده، بل هو مبثوث في العالمé. وكل مدرسة باطنية فسّرت هذا الباطن بطريقتها الخاصة: للعلويين رؤيتهم، وللإسماعيليين رؤيتهم، وهكذا سائر الاتجاهات الباطنية.

هل يمكن القول إن الإبادة التي استهدفت العلويين كانت في جوهرها إبادةً لرؤية مختلفة للعالم وللإله، ولآخر مجتمع زراعي في هذا الشرق بأعياده وطقوسه ورموزه؟

من قاموا بهذه الفظاعات جُهّال، لا يعرفون حتى معنى الإسلام. وهذه النزعات الباطنية أو التجديدية تتعرّض للاضطهاد في كل مكان، لا في العالم الإسلامي فقط. حتى في الحركات العلمانية، حين تتأمل مثلاً ما حدث بين ستالين وتروتسكي، ترى أن كل نزعة حرّة أو مجدِّدة تُكبَت، سواء كانت دينية أم غير دينية. خذ مثال لينين وماياكوفسكي: لينين بنى الدولة، لذلك صار جزءاً من التاريخ السياسي.

أعتبر المعري أهم من دانتي، إذ قام بانقلاب كامل على النظام الفكري والمعرفي القائم (بهجت اسكندر)

أما ماياكوفسكي فبشعره صار جزءاً من التاريخ الإبداعي، ولهذا في نظر كثير من الشيوعيين، هو أهم من لينين نفسه. فالإبداع لا يموت، بل يتفتح ويتجدّد باستمرار، بينما التعاليم والمناهج تتحجر وتنتهي.

حتى ماركس قال: “أنا لست ماركسياً”، عندما أدرك أن الأيديولوجيا، مثل الدين، حين تتحول إلى منهج جامد، تصبح أداة بيد السلطة. فهي تفيد السلطة، لكنها تقتل الثقافة والحرية وتخنق الإبداع، لأنّ ما يعنيها فقط هو الاستمرار، وتريد من التبعية أن تبقى جاهزة. من هنا صار شعر المديح، مثلاً، مجرد وثيقة تاريخية بلا قيمة فنية، لأنه نابع من روح التبعية لا من روح الخلق.

في الأديان القديمة والأساطير الوثنية، كان للآلهة حضورٌ أقرب إلى خدمة الإنسان أو التفاعل معه، كما في محفل “البانتيون” اليوناني حيث نرى الآلهة تتحاكم بين البشر ولأجلهم، بينما في الأديان التوحيدية يبدو الإنسان كائناً ضئيلاً ضحلاً أمام الإله.

كيف ترى هذا التحوّل في صورة الإنسان والإله؟

فكرة الوحدانية قامت أصلاً على هذا التصوّر:

أنّ هناك خالقاً وراء هذا العالم، هو الذي يتنبأ به، ويحدّد كيف هو وكيف يكون وكيف يصير. هذه الفكرة خلقها اليهود، ثم تبنّاها المسلمون أكثر مما تبنّاها المسيحيون. فالمسيح، قال “لا” لهذه الفكرة، رفضها، ولذلك قُتل. أما الإسلام، فتبنّى كلياً أنبياء التوراة ورؤيتهم للعالم، حتى أولئك الأنبياء الذين لا صلة لنا بهم ثقافياً أو تاريخياً.

هل يعتقد أدونيس بوجود “إسلامَين ومحمَّدين” أي روايتين مختلفتين، محمد التاريخي ومحمد المخترَع ما بعد السقيفة؟

– هذا سؤال معقّد وإشكالي. أعتقد يجب إعادة النظر جذرياً في النبوة، وفي إعادة النظر هذه، لا بدّ من طرح ثلاثة أسئلة:

أولا، لماذا لم يحضر رفقاء محمد جنازته؟

ثانياً لماذا أحرق عثمان النسختين الأساستين من المصحف ـــ نسخة الإمام علي بن أبي طالب، ونسخة ابن مسعود ـــ الأقرب إلى الرسول؟

وسؤال ثالث حول مَن كتب مصحف عثمان وكيف؟.

هذه الأسئلة إلى أين ستوصلنا؟

إلى إعادة النظر جذرياً في الرواية التي وصلتنا، ونقدها بعمق، إذ لا أحد يعرف إذا كانت صحيحة أم خاطئة، مركّبة أم غير مركبة.

لماذا قامت حرب ضروس بين القرشيين، وتحديداً بين بني هاشم وبني أمية ودامت حوالى عشرين سنة حتى وصل معاوية إلى الحكم وانتصر؟

 ولماذا قُتل ثلاثة من الخلفاء المؤسسين، إضافة إلى رواية تقول إنّ أبو بكر سُمِّم على يد طبيبه؟ ولماذا لا يطرح أحد كل هذه الأسئلة؟

من هنا ضرورة إعادة النظر في الرواية التي أسّست لإسلامنا الحديث.

انظر أيضاً إلى التناقض: معاوية قاتل باسم الدين، وجاء إلى دمشق بعد الصراع مستخدماً الدين كأداة وشعار، لكنه في النهاية أسّس دولة غير دينية. لماذا لا يُسأل أحد عن هذا؟ المشكلة الأولى عندنا هي موت السؤال؛ موت القدرة على التساؤل. في تسليمنا بكل شيء، لا مكان للأسئلة، ولا مكان للتفكير النقدي، إضافة إلى الجهل. مرة ثانية: المسلمون يعتقدون ولا يفكّرون.

كل دولة دينية تفسد الإنسان والدين معاً

قلت سابقاً إنّ “لا مشروع نهضوياً للعرب من دون قطيعة مع الموروث الديني”، لكنّ التجارب القومية الحديثة التي سعت إلى ذلك منذ أربعينيات القرن الماضي انتهت إلى الفشل. كيف تفسّر هذا التناقض؟

كانت دولاً محكومة من الخارج، ليس العرب هم الذين بنوا بلدانهم. هل من ثورة واحدة انتصرت في أيّ بلد عربي وقامت دولة على أساس هذه الثورة؟

أنشئَت هذه الدول من قبل الغرب وحكّامها مأمورون ومأجورون من قبَل الغرب الذي كان يملي عليهم ما يشاء ولا يزال حتى الآن.

لم يكن الحكم طاقةً خلاقة نابعة من خلفية اجتماعية يُركن إليها، بل كانت السلطة تأتي من الأعلى وتغيَّر وتبدّل كما يشاء السيد الغربي، باستثناءات قليلة كالسلطة التي انبثقت في سوريا بعد الاستقلال مباشرة، ممثّلة بفارس الخوري وهاشم الأتاسي وشكري القوّتلي.

حين بدأت بعض البلدان تبني استقلالها وتقلّد الغرب وتثبت له أنها قادرة على بناء الديموقراطية، استدعى الغرب العسكر الذي دمّر كل شيء في العالم العربي.

ما يحدث في سوريا اليوم، ليس مجرد تغيير نظام بنظام، بل إعادة تكوين المنطقة على أساس توراتي، كانت الأنظمة القومية للأسف جزءاً من هذه اللعبة، فـ “البعث”‏ مثلاً بشعاراته التي كان يقتلنا إن رفضناها، هي نفسها التي قتلتنا.

هذه التجربة كانت كارثية على المستويات كافةً، لأنّها خنقت الحرية في الداخل وخلقت سلطة لم تبنِ مجتمعاً ولا حتى حققت العلمانية التي كانت تقول بها، لا بل عمّقت الدين واستخدمته كأداة للسيطرة والشرذمة، هذه منظومة لم تكن إرادتها بيدها، بل بيَد من أتى بها، ولا سيادة لمن لا إرادة له، والعكس صحيح.

أنظمة الحكم في العالم العربي هي في معظمها نتاج أفكار دينية أو عسكرية، فلماذا لم تنشأ، خلال كل هذه العقود، أفكار أو مشاريع حكم تستند إلى طاقة اجتماعية حقيقية تعبّر عن المجتمع وتحولاته؟

كانت لبعض الناس مثل هذه الأفكار “الحزب السوري القومي الاجتماعي” يُضرب به المثل، وزعيمه أنطون سعادة الذي قُتل وقُوّض حزبه من الداخل، هذا الحزب الذي خلق تقليداً علمانيّاً حقيقيّاً، حيث يموت البشر من أجل الأفكار وليس الحُكم، ويدفع الإنسان حياته من أجل فكرة، وقصة اعتقال سعادة ومحاكمته وإعدامه في يوم واحد يعرفها الجميع.

رفع الإسلاميون شعار “الإسلام هو الحل” في مواجهة نشوء الدول القومية الحديثة، وعند قيام الثورة الإسلامية في إيران قال فوكو يومها: “أعطوها مجالاً”. ومنحت الحركات الإسلامية فرصتها في إيران، ثم في مصر عبر “الإخوان المسلمين”، واليوم في سوريا عبر “هيئة تحرير الشام”. لكن بعد كل هذه التجارب، لا يبدو أنّ الإسلام كان الحلّ فعلاً، فمشكلات المجتمعات العربية المسلمة ما تزال على حالها، ما رأيك؟

لا يمكن أن يكون الدين حاكماً؛ عندما يكون حاكماً يفسد الدين ذاته، ويفسد الإنسان معه. الدين اليوم مجرد رأسمال سياسي يستخدمه الغرب، ويُمنح هذا الرأسمال “أي المسلمون” لكي يستفيدوا منه، وليس هناك بلد مسلم واحد مستقل عن إرادة الغرب، حتى إيران؛ أنا اُتّهم بالإعجاب بإيران مع أنني كتبت حولها ثلاثة مقالات نقدية:

  • الأول عن “الخلاص من إمبرطورية”،
  • والمقال الثاني عن رفضي أن يقيم الإيرانيون دولتهم على الدين،
  • والمقال الثالث تحت عنوان “إياكم من عسكرة الملالي”.

لكن إيران اليوم لا تتصرف كدولة شيعية أو كدولة دينية وإنما كإمبراطورية فارسية، والتشيع في هذا السياق ليس إلا راية.

من الواضح أن أدونيس يقصد الدولة الدينية بغض النظر عن الدين نفسه. إذاً، ما تفسير استمرار وتعاظم قوة إسرائيل مع أنها نموذج لدولة دينية وعسكرية؟

لا يمكن مقارنة دولة دينية بأخرى، فكتاب التوراة هو رواية عن خلق العالم، وأنبياؤه تتبنّاهم كل الديانات التوحيدية، إذ إنّ معظم أنبياء التوراة موجودون في القرآن، ويُطلب من المسلم أن يؤمن بهم جميعاً.

الدين عند الإسرائيليين رأسمال وحسب، وإسرائيل لم تكتف بالدين، بل تتحكّم بالعالم فكرياً ومادياً، وترتكب ما تشاء وتدعمها أميركا. أنا مستاء من الغرب الذي يدعم إسرائيل، لأنّ الغرب لا يؤمن إلا بالتوراة، ويكنّ للإسلام الكثير من البغضاء، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع الاستغناء عن المسلمين.

خذوا مثلاً فرنسا، إذا خسرت أفريقيا تموت اقتصادياً، الغرب بنى جزءاً كبيراً من وجوده على علاقته بالدول المستعمَرة، بينما اليهود عرفوا كيف يمسكون بعصب الفكر وبعصب الحياة اليومية.

في ضوء القطيعة بين الدين والدولة، هل علينا أن نطرح السؤال عن السعودية اليوم ومشروعها السياسي، الذي يبدو مقاطعاً لتاريخ المملكة الديني؟

من الصعب بناء قناعات حول أي مشروع وسط الشائعات، لكن يكفي تقديم هذا المشروع الحرية للنساء للنظر بإيجابية له، خصوصاً أنّ الغرب يعزّز عادةً الإسلام المتشدد، لأنه يصعب السيطرة على الشريك الحرّ. لقد تقدم السعوديون خطوات، لكن حتى ينتقل مجتمع عمره مئة سنة إلى مجتمع جديد، فهو لا محالة يحتاج إلى وقت، ويحتاج إلى المؤسسات…

في الأديان القديمة، لم يكن هناك فصل بين الآلهة والطبيعة، وكانت المرأة رمز الولادة ورحم الكون، والإلهة الأم. لماذا تراجعت مكانة المرأة إلى المستوى الذي نراه اليوم في الممارسات الدينية؟

يجب أن نسأل المسلمين، لماذا حوّل الإسلام المرأة إلى مجرد وعاء، علماً أنّ المسلمين يقومون بجميع الموبقات، كُلٌّ على طريقته، ومع ذلك جعل المرأة مجرد وعاء للنسل والجنس، وهذا ضد النبوة، فالنبي كان يحب النساء، وأظن هذه مسؤولية الفقه، وأعظم ما يمكن عمله اليوم هو التحرر من الفقه.

حتى في بعض الثقافات الباطنية، المرأة مهمشة وليس فقط في الإسلام الظاهر، أي إسلام الفقه كما وصفته، كالحالة العلوية؟

صحيح، وهذا خطأ كبير. أظن أنّ السبب يعود إلى الظروف الاجتماعية. فمثلاً، الباكتاشيون، وهم فرع من العلويين في تركيا، يعاملون المرأة على قدم المساواة مع الرجل، والمرأة عندهم على قدر عالٍ من المعرفة والحرية وحقوقها والرجُل على حد سواء.

في القرآن هناك إشارات إيروسية حول المرأة، لكن الفقه طمسها تماماً، كأنّ هناك هامشاً في النص القرآني خارج سلطة الفقهاء. كيف تفسر هذه المصادرة؟

وضع المرأة اليوم يعكس دور الفقه في تحجيم النص القرآني إلى الدرجة الرابعة. فالمسلم، وفقاً للفقه، لا يعتمد النص القرآني بذاته، بل يحيّده، بحجة أنّ فيه مجازاً. الفقه ألغى القراءة المجازية للقرآن، في حين أنّ النص القرآني أصلاً نصّ مجازي، أي إنه نصّ غني بالرمزية والاستعارات. فإذا ألغينا هذه القراءة، فنحن عملياً نلغي القرآن نفسه. لذلك، تكمن المشكلة في الفقه والفقهاء الذين خلقتهم السلطة، وهم دعامة لها، حين جعلوا الإسلام مجرد سلطة باسم الدين، يدعمها الفقه ويؤسس لها.

هل كسر الصوفيون هذا الطوق على المخيلة؟

نعم، كسروه مجازياً، نظرياً وعملياً، وماتوا من أجله وأُحرقَت كتبهم، والحلاج شخصية عظيمة لكنها مرفوضة في التراث الإسلامي. ليس هناك حياة خلّاقة في التراث الإسلامي إلا للذين رفضهم الخلفاء والفقهاء.

لماذا يبدو ابن تيمية شخصية مركزية وبطلاً لقسم كبير من العالم الإسلامي، وليس الحلاج مثلاً؟

لأن الواقع يؤكد ذلك، الفقهاء حوّروا كل شيء حول السلطة، فمن لا سلطة له ولا أكثرية معه على الطريقة السنية، يجب الاقتصاص منه. السلطة التي قامت على استلهام ابن تيمية هي سلطة العنف ولو كانت حقيقية وحيّة، ما كان يجب أن يكون هذا أساسها وجوهرها، بل يجب أن تقوم على الناس. أما أن تُفرض سلطة من فوق بقوة الدين والفقه، فهذا اسمه طغيان… طغيان كامل باسم الدين، باستخدام الدين كأداة للسلطة وكسوطٍ وجلّاد، مع أنّ الكثير من الأقدمين كانوا يستخدمونه كمنارة واستضاءة.

هل تفتقد حضارتنا لتسليط الضوء على هذه النماذج، أي النماذج الصوفية؟

المسلم لا يفكر، وإنما يعتقد، ويعتقد أنّه يملك الحقيقة المطلقة. بالتالي، كيف يمكن أن يتسامح مع شخص يتكلم ضده؟

هذا الإسلام ينتج مؤمناً يحلم بحوريّة تنتظره بعد الموت، وتعود عذراء بعد كل مرة يفتضها معها. هذا يقودني إلى قصة طريفة مع أحد المشايخ حين سألته: “إذا كان لكل مسلم سبعون حورية، فأين ذهب دم فض العذرية؟”.

قرأت أخيراً أنّ تعداد العالم سيصل إلى 10 مليارات عام 2050، خمسة مليارات منهم مسلمون. كيف سيتعامل العالم الغربي المتقدم تقنيّاً معهم؟

 لا يمكن أن يتخلى عنهم، فهم أصبحوا رأس مال في سبيل ترويض العالم لمصلحة الغرب، أو عنصر ترويض للعالم بيد الغربيين، صاروا كارثة على البشرية، مجرد أدوات وثروات. في حين أنّه إذا أخذت العرب على النقيض كأفراد، تجد أنّ بينهم أفراداً متفوقين لا مثيل لهم في العالم.

الإنسان، الحب، والحرية

بما أن الشعر كما قلت تجربة ذاتية بحت، هل هو بهذا المعنى خالٍ من أي دور في التأثير في الجماعة، ألا يمكنه أن يشير إلى مواطن الخلل، أو أن يحمل صوت المقموعين والمضطهدين؟

يقدم الفن والشعر صورةً جديدة للعالَم على القارئ أن يكتشفها بنفسه، لا يمكن للشعر أن يكون معلّماً وأمامنا تجارب كثيرة تثبت قصور الشعر الخطابي والحماسي والخالي من المعنى في هذا المضمار، بينما أبو العلاء المعري العميق والتأمليّ والتساؤلي لا يزال علماً من أعلام الاستبصار. ماذا بقي من كل قصائد المديح أو الهجاء اليوم؟

لقد ماتت كنتيجة طبيعية للحركة التاريخية، لكن ما يخترق التاريخ هو ما يخلق علاقات جديدة بين الكلمة والكلمة، وبين الكلمات والأشياء، وهو ما لم يفعله في التاريخ العربي سوى حفنة من الشعراء لا تتجاوز أصابع اليد مثل أبو نواس، الذي خلق شعر المدينة، ولغة المدينة، وابتدع رموزاً جديدة بحيث صار للحياة المدينية والتعبير عنها معنى آخَر.

جاء من بعده أبو تمام الذي يشبه مالارميه في اختراعه لغة داخل اللغة يطل منها المرء على العالم، ثم المعري الذي أعتبره أهم من “دانتي”، إذ قام بانقلاب كامل على النظام الفكري والمعرفي القائم، بينما مجّد دانتي هذا النظام.

رغم وجود هذه الأسماء اللامعة، يُساء فهمنا وتحليلنا كما تسوء حياتنا. لذلك نكتشف أننا مستعمرون حتى في عقولنا، نكتشف أن كل مدرسة أقامها الفرنسيون أو الإنكليز في هذه المدينة العربية أو تلك، لم تكن لتعليم العرب حضارة أو لغة هذه الأمم، بقدر ما كانت أداة لإتقان السيطرة على الشعوب المستعمَرة، إلى درجة أنّ هذه الشعوب باتت تكره لغتَها.

أليس مخجلاً أن لا يتقن حاكم عربي واحد لغته الأمّ؟

 هل يمكن للإنسان العربي أن يتمرّد على موروثات الثقافة، ويتذوقها من الخارج كروح حرّة غير مقيدة بالسلاسل إلى هذه الثقافة، كأن يتفرج عليها كما يفعل الغرب في المتاحف مع روائع عصر النهضة مثلاً؟

 ثمة حجاب بيننا وبين تراثنا، وبيننا وبين العالم وهو الدين. ما لم نتحرّر من الدين بوصفه مؤسسةً مفروضة على مجتمع بأسرِه وبوصفه مصدراً للقيم والتذوق، لا يمكن المضي قدماً، ولا يمكن وجود قارئ حتى.

ليس هناك قارئ عربي، وهناك مبدعون كثُر والمشكلة في رأيي ليست أزمة كتابة وإبداع بالعربية، بل بعدم وجود أفق ومستوى لتقبّل هذا الإبداع، والحاجز دائماً هو الثقافة الدينية. ولذلك، إن لم نتوصّل إلى صيغة يؤمن بها الإنسان بما يشاء وبمن يشاء وكيفما يشاء، بصورة فردية وله الحق في ذلك وأن يدافع عن هذا الحق، فستفسد الحياة حين يتمأسس الدين في كل شيء: في البيت والمدرسة والعائلة وكل نواحي الحياة ويتحوّل إلى رأسمال سياسي، وهذا ما سيفسد الإنسان أيضاً.

نحن أمام تجربة حيّة، فكل الذين ينادون اليوم بالإسلام السياسي قد فشلوا فشلاً ذريعاً حتى مقارنة بالماضي، فليتهم نجحوا حتّى في تقليد هذا الماضي، فنراهم يمارسون الدين بنوع من التوهم العقلي والإساءة إلى الدين نفسه، وتقديم الإسلام بصورة هزيلة بحيث لا نعثر اليوم على مفكّر مسلم واحد، ولا شاعر أو فنان. ليس هناك سوى الجامع والصلاة.

لماذا يكتب الشعراء العرب اليوم بطريقة متشابهة، بحيث لا نرى ذاتاً فردية تكتب بشكل أصيل ومختلف؟

 حين تلتقي بشاعرة مثلاً وتسألها: هل أنت تشبهين أختك أو أخاك؟ تجيب بالنفي. تسألها إذاً: لمَ تكتبين على شاكلتهما؟ حتى لو كان ثمة اتفاق في الأفكار، لماذا لا تكتبين ذاتك وخيالك وهمومك وفرادتك التي تجعلك مختلفة؟

نحن اليوم أمام عملية تقليد ومحاكاة للأفكار والقصائد الواردة في الكتب، كأنّ الشعر العربي اليوم هو إعادة كتابة كاملة.

لكن ثمة استثناءات هنا وهناك: رواية “اسمه الغرام” لعلوية صبح نموذج أساسي للتحرر لم أكن أتصور أنها تحمل هذا القدر من الحرية، ومن قبلها الراحلة ليلى بعلبكي التي كانت طليعية، لأنها نشأت في بيئة لم تعرف التسامح مع الكتب، إضافة إلى غياب القراء لهذا النوع من الكتب. سلسلة “إشراقات” التي أسهمت في انطلاقها منذ مدة قريبة تضم أصواتاً تحمل هذه الفرادة بحيث لا يذكّر أحدهم بغيره، وثمة شيء حسيّ يعيشه هؤلاء الشعراء ويعبّرون عنه بالكتابة.

من مفاجآت بيروت السارة أنني التقيت بشاعر سوري متشرد اسمه أسامة محسن لديه ديوانان ممتازان، ويمتلك صوته الشعري المتفرد. باختصار، يوجد مبدعون لكن لا يوجد قراء، وهناك تحديات تتعلق بتوافر مناخ الحرية لهؤلاء الشباب والشجاعة والمعايير العالية من قبل الناشرين.

إلى أي مدى يمكن القول إن الجوائز الأدبية في العالم العربي تعكس معايير فنية ونقدية موضوعية، بعيداً من التأثيرات السياسية أو المؤسسية؟

 ليس لهذه الجوائز قيمة بحيث يقف المرء عندها، ولا ترتبط في كثير من الأحيان بقيمة الكتابة، بل تخضع لسلطة العلاقات الشخصية وهنيئاً لمن لا يرد اسمه على قوائمها، لأن أسوأ الجوائز في التاريخ هي الجوائز العربية.

 مرت ذكرى استشهاد السيد حسن نصر الله خلال وجودك في بيروت، كيف يرى أدونيس شخصية مثل نصرالله؟

 أنا إنسان لا ديني، ولكنني مع ما قام به حسن نصر الله، لأنه تخطى تاريخيته وأصبح رمزاً، ولا يمكن لأحد ألا يحترمه، ونادراً هم الأشخاص الذين يتحولون إلى رمز. نصر الله رمز مُلهم مثله مثل غيفارا. وما دام يوجد أمثلة في التاريخ كهذه، لا يمكن أن يموت هذا الولع والوله بالحرية، وإذا مات هذا الوله بالحرية مات الإنسان، وتحول البشر إلى مجرد ثروات وأدوات.

 يوجد أفكار مسبقة عن أدونيس بخصوص ما حدث في سوريا، رغم أنك الوحيد الذي وجهت رسالةً قاسية وجريئة إلى الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ومع ذلك يتهمك بعضهم بالميل إليه؟

 كيف يمكن الرد على هؤلاء؟ لا يمكن! أنا منذ عام 1956 ضد النظام السوري علناً وكتابة، ولا علاقة لي بالسلطة في سوريا وكنت ضد النظام فيها وكتبت حول ذلك بما يكفي.

 يقول الإمام علي “هلك فيّ اثنان محب مفرط، ومبغض مغال”، أدونيس هو الآخر هو ضمن هذه الثنائية، كيف تنظر إلى هذا الأمر؟

هذا شيء جيد لأنه لا يمكن تخيّل إجماع على شخص ما، لأن الإجماع نوع من النفي، ولا يمكن لشاعر خلّاق أن يحبّه الناس جميعاً، والخلّاقون والمبدعون لا يحبهم الناس إلا متأخرين، مثل نيتشه الذي اتّهم بالجنون في زمانه. لكن بما أنّ المجتمع العربي لا ذاتية فيه، لا يستطيع الإنسان فيه رؤية الثقافة إلا عبر معتقده، يعني عملياً ليس لدينا ثقافة حرة.

 يهتم الشباب في الجامعات بجملة لأدونيس هي “أمضي إلى البعيد والبعيد يبقى هكذا لا أصل ولكني أضيء”. هل يسعدك رؤية وقراءة أدونيس من جيل جديد لا يقرأه بالطريقة التقليدية؟

 يسعدني اهتمام الشباب. لأن هذه الأشياء لها جذر عند الناس، الإنسان ليس نبياً لكنه عالم هائل من الخبرة التي يجب أن يعرف كيف يكتشفها، وألا تقتل إنسانيته هذه التراكمات التكنولوجية.

أسئلة سريعة

كم عمر أدونيس اليوم؟

– العمر في الرأس، وأنا بهذا لا عمر لي، والموت هو جزء من الحياة، أينما ذهب الموت باقٍ في أحضان الحياة، الموت ليس مشكلة، بل المشكلة كيف نحيا.

كيف يحيا أدونيس؟

 يحاول أن يظلّ حراً لكن الثمن صعب أينما كان. الحرية في المجتمع الإسلامي العربي مشكلة على جميع المستويات.

والحب بعد سنوات طويلة من التجربة والزواج؟

 عندي ثلاثة أشياء في حياتي:

الحب والصداقة والشعر بينهما، لأنّ الحب يحتاج إلى صداقة. ثمة كلمة جميلة جداً لأبي حيان التوحيدي: “الصديق آخر هو أنت”. الحب مجرد لفظة اليوم، لأن المجتمع العربي والإسلامي على قدر عالٍ من الفساد في العلاقة بين الرجل والمرأة، وعلاقة الحب بالتالي ضعيفة ونادرة جداً. هي علاقة مصلحة وعلاقة مالية وزواج وعائلات؛ في المجتمع الإسلامي العربي لا يوجد حبّ وإنما مصالح.

كيف علاقتك مع حفيدك ألكسندر الذي تحمل صورته على هاتفك؟

 علاقتي بحفيدي جميلة، والمستقبل مفتوح أمام الإنسان الذي هو كائن عظيم، والفرق أنّ الإنسان عندنا مشلول مقيّد بدلاً من تركه يحلّق، يضعونه في قفص، وكلنا نعيش في أقفاص بشكل أو آخر.

ماذا تعني بيروت لأدونيس بعد كل هذه السنين؟

 رغم كل شيء، ورغم أنني ذقت فيها من الأشياء السيئة ما يكفي، تبقى بيروت أهم مدينة عربية، والسبب الأساسي هو أن المدن العربية صناديق مختومة مكتملة، بينما بيروت أفق مفتوح منشرح، ومشروع متحرك: بيروت لا تفارقني، بل تعيش معي، ولا شيء يغير علاقتي بها.

وهل دمشق لا تزال مدينة مكتملة؟

 هي أشبه بصندوق فرجة يسرّ الناظرين، لا أكثر.

ومكان ولادتك قريتك “قصابين”، هل تشتاق لها، وما وضع منزلك فيها؟

 أكتم الشوق إليها لأنني لا يمكن أن أعود لها.

آخر فكرة قرأتها وأعجبتك؟

 أنا أقرأ نيتشه لأن في أفكاره كل شيء.

ما اسم كتابك الجديد الذي تعمل عليه؟

“هجرة الشمس”، وهو عنوان مجموعة شعرية صدرت الآن في بيروت، عن “دار الساقي”‏.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق