أخبار العالمأنشطة المركزبحوث ودراساتطريق الحرير

الذكرى الـ80 للانتصار في حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني: تونس والصين تاريخ مشترك من أجل السلام الدائم

يعيش العالم اليوم اضطرابات كبرى، وذلك بعد عقود من انتصار الإنسانية والشعوب على الاستعمار، وإعلان نهاية الحرب العالمية الثانية، وانتصار حركات التحرر الوطني وطرد قوى الاحتلال، ورفع رايات النصر على النازية والفاشية.

السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا في التوترات الدولية، وأصبح العالم يحبس أنفاسه خشية اندلاع صراع عالمي جديد قد يهدد البشرية جمعاء، جزئيا بسبب التقدم التكنولوجي الهائل في صناعة الأسلحة المدمّرة، وخصوصًا بعد إدماج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة العسكرية.

تعيش البشرية اليوم تحولات جذرية على مختلف الأصعدة، في مناخ يسوده التوتر والعنف والاضطراب في بعض المناطق، ما انعكس بشكل مباشر على الشعوب. كما غابت الرؤية الواضحة لمسارات العلاقات الدولية، وازداد المشهد ضبابية في ظل تحديات ورهانات إقليمية وعالمية تثير المخاوف بشأن مصير الإنسان ومستقبل الإنسانية.

يفرض العصر علينا ضرورة طرح التحديات على الطاولة، وإعادة التفكير في السياسات الدولية لصناعة السلام، عبر تعزيز قيم التعايش السلمي بين مختلف الشعوب، وتعزيز الاحترام المتبادل، وحماية حقوق الإنسان، وخاصة حق الشعوب في العيش المستقر بعيدًا عن الحروب والنزاعات.

فلا ينبغي أن يُنظر إلى الاختلاف بوصفه مصدرًا للخلاف أو العنف أو الهيمنة، ولا مبررًا للحروب والانتهاكات.  كما لا يمكن القبول بتجاوز الأخلاق الإنسانية والشرعية الدولية، أو استخدام مبدأ “البقاء للأقوى” الذي باتت بعض القوى الغربية تتبناه كمرتكز لسياساتها الدولية.

 وحان الوقت لأن تلتقي الحضارات والشعوب التي كان لها تاريخ مشترك وخاضت نضالا من أجل الحرية والكرامة والاستقلال والسيادة الوطنية على أراضيها، ومن أجل التعايش السلمي مع الآخر المختلف وتجمعنا مبادئ الإنسانية والسلام والعدالة.

 وحان الوقت للتعرف والانفتاح على التجارب الأخرى والتجارب الدولية التي لها تاريخ في رسم مبادئ السلام واللاعنف والعدالة الدولية، وسط نزاعات غير شرعية ولا إنسانية بل  أصبح “الإرهاب” تدعمها قوى كبرى.

فأن نستحضر الجهود المبذولة من جمهورية الصين الشعبية في خطابها الديبلوماسي والسلمي من أجل التعايش السلمي والسلم الدولي، هو أمر مهم وبالغ الأهمية، لأن التجربة الصينية لها جذورها الراسخة في عمق التاريخ والحضارة الإنسانية ويمكن أخذها بعين الاعتبار والاستفادة منها.

أما على مستوى العلاقات الدولية لجمهورية الصين الشعبية، فإنها تمثل  مبادراتجديرة بالدراسة والتأمل والاستفادة، إذ ترتكز إستراتيجيتها من أجل السلام العالمي والدولي على مجموعة من المحاور الأساسية والمبادئ الثابتة والأهداف الواضحة التي تسعى من خلالها إلى تعزيز السلام والتقدم والازدهار للعالم، والحفاظ على أمنها الوطني، وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.

وتتبنى الصين استراتيجية “تنمية سلمية”  شاملة لصناعة السلام العالمي، تعتمد على عدة ركائز أساسية  أهمها:تعزيز التعاون الدولي، والالتزام بحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم التنمية المشتركة، وتعزيز الأمن العالمي القائم على الثقة والمنفعة المتبادلة.

كما تسعى الصين لتحقيق السلام من خلال:

  • دبلوماسية وقائية: تهدف إلى منع نشوب النزاعات وتفعيل دورها في الوساطة وحل النزاعات بالطرق السلمية، مع التركيز على مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول .
  • التعاون الاقتصادي والتنموي: تعتبر التنمية الاقتصادية والاجتماعية أساسًا لتحقيق السلام والاستقرار، وتسعى من خلال مبادرة “الحزام والطريق” إلى تعزيز النمو الاقتصادي للدول المعنية، مما يساهم في تحقيق الاستقرار الإقليمي والعالمي .
  • دعم التعددية: تؤمن الصين بأهمية التعاون الدولي متعدد الأطراف، وتدعم المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة، وتسعى إلى تعزيز دورها في حل القضايا العالمية .
  • مبادرة الأمن العالمي: تطرح الصين مبادرة “الأمن العالمي”، التي تدعو إلى بناء نظام أمني متوازن ومستدام، يسعى إلى الأمن المشترك، ويرفض بناء الأمن على حساب دول أخرى.
  • مكافحة الإرهاب: تولي الصين أهمية كبيرة لمكافحة الإرهاب والتطرف، وتتعاون مع المجتمع الدولي في هذا المجال، مع التأكيد على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب.
  • التعاون في مجال البيئة: تتبنى الصين مبادرات خضراء، وتسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة، وتدعم التعاون الدولي في مجال مكافحة تغير المناخ وحماية البيئة .

وانطلاقًا من هذه المبادئ الإنسانية، تسعى الصين إلى الإسهام في بناء نظام عالمي جديد يقوم على السلام والازدهار والتنمية المشتركة، من خلال تعزيز التعاون الدولي، واعتماد الحلول السلمية لتسوية النزاعات، ودعم جهود التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات العالمية بشكل جماعي.

كما تلتزم الصين بدعم المصالح المشتركة للبشرية جمعاء، وتؤكد على أهمية تمكين جميع الشعوب من الاستفادة من مكتسبات التقدم الحضاري.

أما فيما يتعلق بسياستها الخارجية، فإن الصين تنتهج خطًا ثابتًا يقوم على احترام سيادة الشعوب واستقلالها، وتؤكد رسميًا التزامها بسياسة خارجية مستقلة وسلمية، تهدف بالدرجة الأولى إلى الحفاظ على وحدة أراضيها واستقلال قرارها الوطني، مشددة على أن “التراب الصيني واحد لا يتجزأ”.

في هذا السياق، ينظم المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية وسفارة جمهورية الصين الشعبية، ملتقى فكريًا وحواريًا، يجمع نخبة من الشباب والناشطين بالمجتمع المدني، ومراكز الفكر  وصنّاع القرار، لنستلهم الدروس من الحقبة التاريخية للحرب العالمية الثانية، وكذلك  نستعرض سير النضال التونسي والصيني من أجل الاستقلال ومحاربة الفاشية ونتحدث حول سبل حماية التنمية المستدامة للسلام العالمي بما فيها الالتزام بالشرعية الدولية والقانون الدولي الذي يحمي الشعوب والدول، مع ضمان السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتكريس التعاون والشراكات بين الدول بعيدا عن الهيمنة ونهب الثروات وعقلية الاستعمار.

وفي ظل هذه المعطيات، أصبح من الضروري إنشاء منصات تقارب تجمع بين الشباب التونسي الناشطين في منظمات المجتمع المدني ومراكز الفكر لتبادل الرؤى مع الشباب الصيني حول التحديات التي تواجههم واستشراف الفرص الممكنة بينهم.

كما أن الشباب التونسي، على غرار الشباب الصيني، يتطلع إلى مستقبل أفضل، ويسعى إلى العيش في سلام وانفتاح، وتكريس مبدأ حوار الحضارات، والتمسّك بالقيم المشتركة للبشرية التي تؤكد أن “الإنسانية تتعايش وتبني مستقبل العالم بسلام وعدالة.

يأتي “ملتقى الذكرى الـ80 للانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني: تونس والصين تاريخ مشترك من أجل السلام الدائم” ، كإطار فكري وحواري يعكس اهتمام الشباب التونسي والصيني بالتاريخ، وتأملهم في الواقع، وتفكيرهم في المستقبل، وكذلك للتأكيد على دور الشباب في قيادة التحولات السياسية والاجتماعية بالانفتاح على نماذج جديدة عبر معرفة الحقائق التاريخية كدروس للحاضر، ومنها فتح آفاق تمكنهم من بناء مستقبل أكثر شمولية واستدامة وأكثر انفتاح وشراكات وتعاون متوازن مبني على مبادئ العدالة والاحترام ونبذ العنف والهيمنة والاستعمار.

هذا الملتقى ليس الأول من نوعه، إذ سبق للمركز الدولي أن نظم لقاءات وملتقيات ناجحة بالتعاون مع سفارة جمهورية الصين الشعبية، هدفت إلى التعريف بالصين وبالعلاقات المتميزة التي تجمعها بتونس والمبادئ التي ترتكز عليها الدبلوماسية والسياسة العامة الصينية في الدعوة إلى السلام، وتعزيز الصداقة والتعاون بين تونس والصين.

ولضمان استمرارية التعاون ورسم معالمه المستقبلية وإبرازها، نسعى من خلال هذا الملتقى إلى تجديد أواصر الانفتاح والتعاون والشراكة، وصياغة استراتيجيات عملية تهدف إلى تمكين الشباب التونسي والصيني وتعزيز دورهم في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، بما يساهم في صناعة التغيير وبناء مستقبل مشترك يرتكز على توازن المصالح وتكافؤ القوى والتعاون البنّاء، والدعوة إلى السلام، بعيدًا عن الشعارات الجوفاء التي يرفعها الغرب، وعن سياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع قضايا الشعوب العادلة.

محاور الملتقى:

جلسة الإفتتاح:

  • كلمة الترحيب: الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية
  • كلمة سعادة سفير جمهورية الصين الشعبية السيد وان لي ” Wan Li”.

المحور الأول: الحرب العالمية الثانية درس مؤلم على الإنسانية

  • دروس مشتركة من حركات التحرير في الصين وتونس: من النضال الشعبي إلى بناء الدولة
  • التحرر من الفاشية :الانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني  وتأسيس جمهورية الصين الشعبية
  • تونس ومسار الاستقلال: من المقاومة الوطنية إلى بناء الدولة الحديثة
  • نقاش مفتوح: من التحرر الوطني إلى التعاون الدولي – آفاق وتحديات مشتركة

المحور الثاني: الاضطرابات الدولية ودعوة الصين للسلام والامن الشامل

  • الهيمنة الغربية الاستعمارية على العالم وتقسيم خارطة العالم
  • حرب التجارة العالمية وفرض التعريفات الجمركية وخطورتها على الاستقرار الدولي
  • الضغوطات الغربية على الدول ومنعها من الانفتاح على شراكات جديدة
  • الصين وموقفها الثابت من القضية الفلسطينية
  • تجربة الصين في ترسيخ السلام من خلال الحوار والوساطة الدبلوماسية: نموذج بديل للقيادة الدولية الهادئة
  • نقاش عام

المحور الثالث: رسم رؤية مستقبلية من أجل التعاون الثنائي التونسي الصيني وتكريس مبدأ السلام

  • بحث آليات إنشاء فضاء تفاعلي دائم لتعزيز التقارب الثقافي والشبابي بين تونس والصين
  • تطوير منصة مشتركة للتبادل المعرفي والثقافي بين شباب البلدين دعماً للتعاون المستقبلي

أهداف الملتقى:                      

  1. تمكين الشباب التونسي من معرفة تاريخ الحرب العالمية الثانية ومدى معاناة الشعوب من االنازية والفاشية.
  2. استعراض تاريخ حركة الاستقلال والتحرير في الصين وتونس واستخلاص الدروس والعبر من الماضي لوقف دوامة العنف والاضطرابات التي تهدد الإنسانية مجددًا.
  3. التعرف على الإستراتيجية الصينية للتنمية السلمية كنموذج دولي يحتذي به، وتشجيع مشاركة الشباب الناشط في الشأن العام من أجل التعرف على التجربة الصينية في هذا المجال وتقديم آليات لتعزيز أدوارهم في التعاون الدولي وصناعة السلام.
  4. إنشاء منصة حوارية تفاعلية تجمع بين الشباب التونسي والشباب الصيني لتبادل الأفكار والخبرات من أجل دعم التقارب والانفتاح على الشعب الصيني.
  5. تطوير رؤية تونسية صينية مشتركة تستشرف مستقبل الشباب في ظل التحديات العالمية والمحلية.
  6. صياغة رؤية شبابية مشتركة تونسية صينية تُرسي أسس تعاون مستدام وتعارف متبادل قائم على الحوار والانفتاح.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق