اجتماع البيت الأبيض حول أوكرانيا: رسائل متباينة وصفقة سلاح ضخمة وسط غموض السلام

قسم الأخبار الدولية 19/08/2025
شهد البيت الأبيض، أمس الاثنين، اجتماعاً موسعاً جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب قادة أوروبيين بارزين، في محاولة جديدة لإيجاد مخرج سياسي للحرب الروسية – الأوكرانية. اللقاء، الذي وُصف بـ«الودي غير الحاسم»، كشف عن خمس نقاط رئيسية ترسم ملامح المرحلة المقبلة، لكنها لم تجب عن السؤال الأهم: هل السلام بات قريباً؟
1- وحدة شكلية واختلاف في التفاصيل
أظهر الاجتماع اتفاقاً عاماً بين الحلفاء الغربيين على ضرورة السعي لتسوية سياسية، لكن الخلافات برزت سريعاً في آليات التنفيذ. فالمستشار الألماني فريدريش ميرتس دعا إلى وقف إطلاق النار شرطاً مسبقاً، بينما رفض ترمب الطرح، في حين أبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شكوكه في نوايا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ومع ذلك، تجنّب اللقاء أي توتر علني، على عكس الزيارة السابقة لزيلينسكي إلى واشنطن.
2- ضمانات أمنية بلا وضوح
ركزت النقاشات على الضمانات الأمنية التي قد تُمنح لكييف إذا وافقت على اتفاق ينهي الحرب. ورغم حديث ترمب عن «حماية قوية»، فإنه تجنّب الالتزام الواضح بإرسال قوات أميركية، مكتفياً بالقول: «سوف نساعدهم». الأوروبيون طالبوا بضمانات تعادل المادة الخامسة من ميثاق «الناتو»، لكن الصياغة النهائية بقيت مبهمة. أما زيلينسكي فاكتفى بجواب لافت: «نريد كل شيء».
3- دبلوماسية مكوكية مع بوتين
في سلوك يعكس أسلوبه الشخصي، غادر ترمب القاعة الشرقية خلال الاجتماع لإجراء مكالمة هاتفية مع بوتين، قبل أن يعود لإطلاع القادة على مضمونها. ورغم حديث ترمب عن «إيجابية» الحوار، فإن البيان الروسي وصف المكالمة بـ«الصريحة»، وهي كلمة غالباً ما تخفي وجود خلافات. موسكو أعلنت استعدادها لتعيين مفاوضين رفيعي المستوى، لكنها لم تؤكد بعد مشاركة بوتين شخصياً في أي لقاء مع زيلينسكي.
4- لقاء بوتين – زيلينسكي قيد المجهول
ترمب أعلن رغبته في جمع بوتين وزيلينسكي في لقاء ثلاثي، لكن الموقف الروسي لا يزال ملتبساً. فبوتين، وإن لم يرفض الفكرة علناً، يواصل التشكيك في «شرعية» نظيره الأوكراني. خطوة كهذه – إن تحققت – قد تكون اختراقاً سياسياً، لكنها في الوقت ذاته محفوفة بتعقيدات الاعتراف المتبادل والثقة الغائبة بين الطرفين.
5- صفقة سلاح بـ90 مليار دولار
رغم رفضه تقديم مساعدات مباشرة إضافية، أبدى ترمب استعداده لبيع أسلحة متقدمة لكييف. وأعلن زيلينسكي أن بلاده تعتزم شراء منظومات دفاعية أميركية، على رأسها «باتريوت»، بقيمة 90 مليار دولار عبر أوروبا، في مقابل شراء واشنطن طائرات مسيّرة أوكرانية. خطوة تعكس توجهاً لتحويل الدعم العسكري إلى إطار تجاري، ما قد يمنح أوكرانيا هامش قوة أكبر في المفاوضات المقبلة.
قراءة في المشهد
يكشف الاجتماع عن توازن هش بين رغبة الغرب في إنهاء الحرب، وحذرهم من تقديم تنازلات مجانية لموسكو. وبينما يسعى ترمب لتوظيف دبلوماسيته المباشرة لإقناع بوتين وزيلينسكي بالجلوس إلى الطاولة، تبدو الطريق إلى السلام طويلة، تتخللها تعقيدات تتعلق بالضمانات الأمنية، وصفقات التسليح، ومواقف داخلية متباينة لدى كل طرف.