تهديد العامري بدخول البرلمان بزي «الحشد» يعيد خلط الأوراق بين بغداد وواشنطن

قسم الأخبار الدولية 18-08-2025
في وقت يعجز فيه البرلمان العراقي عن عقد جلسة مكتملة النصاب لإقرار قانون «الحشد الشعبي» المثير للجدل والمرفوض أميركياً، فاجأ زعيم «منظمة بدر» والقيادي في «الإطار التنسيقي» الشيعي، هادي العامري، الأوساط السياسية بإعلانه عزمه دخول البرلمان مرتدياً زي الحشد الشعبي من أجل تمرير القانون، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيداً جديداً يعيد التوتر بين بغداد وواشنطن إلى نقطة الصفر.
العامري، وفي تدوينة على منصة «إكس»، شدد على أن البرلمان «أمام اختبار تاريخي» لإقرار القانون بعيداً عن أي تدخلات داخلية أو خارجية، مضيفاً: «سندخل البرلمان بزي الحشد وفاءً للشهداء والجرحى والمرجعية الرشيدة».
ورأى محللون أن هذه الخطوة تعبّر عن محاولة لتعبئة النواب الشيعة داخل البرلمان عبر «رمزية الزي» في ظل انقسام قوى «الإطار التنسيقي» بين داعم لتمرير القانون سريعاً ومتريث يخشى من ردود الفعل الأميركية. ويأتي هذا التصعيد بعد أيام من زيارة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بغداد، ما أعطى انطباعاً بأن الملف جزء من معادلة إقليمية أوسع.
مصادر سياسية عراقية أكدت أن تمرير القانون بالقوة داخل البرلمان سيعقّد المشهد أكثر، وقد يدفع الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات اقتصادية على العراق. وأوضح قيادي سني لـ«الشرق الأوسط» أن «الأزمة أميركية – شيعية – إيرانية بالدرجة الأولى، لكن تداعياتها ستصيب السنة والأكراد أيضاً، لا سيما في حال فرضت عقوبات مالية».
البرلمان، ذو الأغلبية الشيعية (180 نائباً من أصل 325)، لم يتمكن طوال الأسابيع الماضية من تحقيق النصاب الكامل لإقرار القانون، ما جعل التوقعات تميل إلى تأجيله إلى الدورة البرلمانية المقبلة. إلا أن تهديد العامري أعاد خلط الأوراق بشكل غير متوقع، وأثار مخاوف من تصعيد سياسي وأمني جديد.
وفي الموقف الأميركي، لوّح المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مايكل ميتشل، بإمكانية فرض عقوبات اقتصادية قاسية على العراق إذا تم تمرير القانون، مؤكداً أن الرئيس دونالد ترمب «لن يتردد في اتخاذ موقف صارم في إطار حملة الضغط الأقصى على إيران».
إلى جانب الأزمة السياسية، يزداد القلق في بغداد من تقارير عن قرب انسحاب التحالف الدولي من العراق. لجنة الأمن والدفاع في البرلمان حذرت من أن الانسحاب قد يزعزع استقرار البلاد ويترك فراغاً أمنياً خطيراً على الحدود مع سوريا. لكن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، وصف الانسحاب بأنه «إنجاز للحكومة» ودليل على قدرة العراق على مواجهة التحديات الأمنية بمفرده.
وفي ظل هذه التناقضات، يقف العراق أمام مفترق طرق حاسم: إما المضي في إقرار قانون الحشد بما يحمله من تداعيات داخلية وخارجية، أو تأجيله تجنباً لمزيد من التصعيد مع واشنطن في وقت لا تزال البلاد تواجه تحديات أمنية واقتصادية معقدة.