قيس سعيّد يحذّر من التوطين القسري للمهاجرين ويؤكد: تونس لن تكون مقراً ولا ممراً للمهجّرين غير النظاميين

قسم الأخبار الدولية 06/05/2025
شدّد الرئيس التونسي قيس سعيّد على رفض تونس القاطع لتحويل أراضيها إلى نقطة عبور أو استقرار للمهاجرين غير النظاميين، مؤكدًا أنّ هذه المسألة لا تندرج ضمن إطار “ظاهرة بريئة”، بل تتخفّى وراءها شبكات إجرامية عابرة للحدود تنشط في تهريب البشر والاتجار بالأعضاء، وتستغل هشاشة الضحايا لفرض واقع إنساني مختلّ ومرفوض.
وخلال استقباله المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة آمي بوب، شدّد سعيّد على أنّ ما يجري في بعض المناطق التونسية، لا سيّما في صفاقس ومدينتي جبنيانة والعامرة، ليس عفويًا، بل هو ثمرة “ترتيبات مسبقة” تتولاها أطراف إجرامية، مشيرًا إلى استحالة تصديق أن آلاف الأشخاص، من بينهم نساء حوامل وأطفال رضع، يمكن أن يقطعوا آلاف الكيلومترات مشيًا، دون وجود شبكات توجيه واستغلال.
واعتبر رئيس الدولة أنّ تونس لم تتهرب يومًا من واجباتها الإنسانية والأخلاقية، بل تعاملت مع أوضاع هؤلاء المهجّرين بمسؤولية تامة، مستندة إلى المبادئ النبيلة والقانون الإنساني، ورفضت التخلي عن قيمها رغم محدودية إمكانياتها الاقتصادية، مشيرًا إلى أن المشكلة تعود إلى نظام عالمي غير عادل، حوّل دول الجنوب إلى خزّان للهجرات القسرية، وساهم في إذكاء الحروب والفقر والمجاعات.
وفي هذا السياق، دعا الرئيس سعيّد المنظمة الدولية للهجرة إلى تكثيف التنسيق وتوفير الدعم اللازم لتسريع برامج العودة الطوعية للمهاجرين، وتأمين استقرارهم في بلدانهم الأصلية في كنف الكرامة، مجددًا دعوته إلى إنشاء نظام إنساني عالمي جديد، أكثر عدالة وتكافؤًا، يقطع مع آليات الاستغلال والهيمنة.
كما نبّه إلى خطورة المساس بالسيادة الوطنية تحت غطاء المساعدات أو الضغوط، موضحًا أن الدولة التونسية لن تقبل بأي وجود خارج قوانينها وتشريعاتها، وستواصل مجهوداتها من أجل حماية حدودها ومجتمعها، دون التفريط في بعدها الإفريقي وانتمائها الحضاري والإنساني العميق.
من جهتها، ثمّنت المديرة العامة للمنظمة آمي بوب المقاربة التونسية المتكاملة، وأشادت بما تحقق في مجال العودة الطوعية، مؤكدة على ضرورة تعزيز مسالك الهجرة النظامية وقطع الطريق أمام كل أشكال الاستغلال، فيما أكد وزير الخارجية محمد علي النفطي في لقائه بها، أن تونس ستواصل التعاون في هذا الملف، شريطة احترام ثوابتها الوطنية ومصالحها العليا.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات التونسية سجّلت مغادرة نحو ألفي مهاجر في إطار برنامج العودة الطوعية منذ بداية العام، في حين بلغ عدد المغادرين في 2024 أكثر من سبعة آلاف شخص، وسط إجراءات ميدانية لفكّ المخيمات العشوائية وضمان عودة كريمة للمهاجرين، رغم الانتقادات المسيسة التي تطلقها بعض المنظمات الحقوقية دون إدراك لحجم الأعباء التي تتحملها الدولة التونسية في هذا الملف المعقد.