دعوات حصر الانتخابات في البرلمان تفجّر انقسامًا سياسيًا واسعًا في ليبيا وسط مخاوف من تجاهل التوافق الدستوري

قسم الأخبار الدولية 23/014/2025
أشعلت الدعوة إلى الاكتفاء بإجراء انتخابات برلمانية في ليبيا موجة من الجدل السياسي الحاد، بعد أن تبنّتها شخصيات سياسية وأكاديمية بارزة كمخرج لحالة الانقسام المستمر، وسط تخوّف متصاعد من تعثّر تنظيم الانتخابات الرئاسية بسبب الخلافات العميقة حول شروط الترشح.
وأصدر أكثر من 300 شخصية، من بينهم رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة، بياناً دعا إلى انتخاب برلمان جديد بولاية لا تتجاوز عامين، تُستكمل خلالها الإجراءات الدستورية بما في ذلك تنظيم استفتاء على مشروع دستور 2017، على أن تتبعها انتخابات عامة شاملة. وركّز الموقعون على ضرورة تشكيل حكومة وطنية موحدة تتولى تحسين الأوضاع المعيشية وتوفير مناخ ملائم للانتخابات، بعيدًا عن «المحاصصة وسطوة السلاح والمال السياسي الفاسد».
ورأى محمد معزب، رئيس لجنة الشؤون السياسية في المجلس الأعلى للدولة، أن تعذر التوافق حول شروط الترشح للرئاسة، خاصة ما يتعلق بالعسكريين ومزدوجي الجنسية، يفرض الفصل بين المسارين الرئاسي والتشريعي. وأكد أن اللقاءات الأخيرة مع البعثة الأممية أبرزت مخاطر إجراء انتخابات رئاسية في ظل الأوضاع الراهنة، مع تباين المواقف وغياب الضمانات لتقبّل نتائجها.
ورغم أن قوانين البرلمان الليبي المعتمدة في أكتوبر 2023 تنص على تزامن الانتخابات الرئاسية والتشريعية، إلا أن معزب نفى أن يكون طرح الانتخابات البرلمانية موجهًا لضرب البرلمان فقط، مؤكداً أن المقترح يستهدف تجديد شرعية كل الأجسام السياسية الحالية، بما فيها المجلس الأعلى للدولة.
غير أن الطرح قوبل بانتقادات واسعة من شخصيات أخرى. فالسفير حسن الصغير، وكيل وزارة الخارجية الأسبق، رأى أن البيان يمثّل محاولة للضغط على اللجنة الاستشارية لتمرير رؤية محددة باسم التوافق الشعبي، فيما اعتبر عضو المجلس الأعلى سعيد ونيس أن الأولوية يجب أن تكون لتشكيل حكومة موحدة قادرة على تنظيم أي استحقاق انتخابي، واصفًا البيان بأنه خطوة لتقويض نتائج لجنة «6+6» والعودة لنقطة الصفر.
ووجه ونيس كذلك انتقادات للموقعين على البيان لتجاهلهم الأزمة المالية الحادة في البلاد، في ظل الإنفاق المزدوج من الحكومتين المتنافستين، والذي أجبر المصرف المركزي مؤخرًا على تخفيض قيمة الدينار الليبي، متسببًا في ارتفاع الأسعار وزيادة معاناة المواطنين.
من جهته، شدد النائب عصام الجيهاني على أهمية إبقاء باب الحوار مفتوحًا أمام كل المقترحات، بما فيها الاستفتاء على مشروع الدستور، لكنه انتقد ضعف الاهتمام الأممي بهذا المسار، داعيًا إلى توافق يدمج بين مقترحات اللجنة الاستشارية ومخرجات المجالس الرسمية.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الانقسام بين حكومتين متنافستين في شرق البلاد وغربها، وسط جهود أممية وأفريقية وأوروبية متعثرة لإرساء خارطة طريق تُفضي إلى انتخابات شاملة قادرة على إنهاء أكثر من عقد من الانقسام والانفلات.