آسياأخبار العالمأمريكا

تصعيد الرسوم الجمركية الأمريكية يهدد الاقتصاد العالمي وتطبيق تيك توك ضحية جديدة للابتزاز السياسي

استعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مؤخرًا، في تصريحات لوسائل الإعلام، رؤيةً تنضح بالنزعة الانفرادية تجاه الاقتصاد العالمي، حين ربط بين بيع منصة “تيك توك” الصينية وإجراءات عقابية اتخذها ضد الصين على شكل رسوم جمركية مرتفعة. وادعى ترمب أن بكين كانت ستوافق على صفقة بيع التطبيق لو لم تفرض واشنطن تلك الرسوم، في اعتراف ضمني باستخدام أدوات الاقتصاد كسلاح سياسي لابتزاز الدول الأخرى وتحقيق مصالح انتخابية ضيقة.

وبينما تصر الولايات المتحدة على مزاعم تتعلق بـ”الأمن القومي”، فإن الإجراءات التي اتخذتها تجاه “تيك توك” تتجاوز الاعتبارات الأمنية لتدخل في إطار محاولة أميركية واضحة للهيمنة على الفضاء الرقمي العالمي، وتقييد صعود التكنولوجيا الصينية التي باتت تنافس نظيرتها الأمريكية من حيث الابتكار والتوسع. فالتطبيق، الذي يستخدمه أكثر من 170 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها، لم تثبت بحقه أي انتهاكات قانونية صريحة، وهو يخضع بالفعل لتشريعات صارمة تتعلق بالخصوصية في عدد من البلدان الأوروبية والآسيوية.

الصين من جانبها تعاملت بحكمة مع التصعيد الأمريكي، مؤكدة أن أي صفقة تتعلق ببيع “تيك توك” يجب أن تتم في إطار القانون الصيني، ما يعكس موقفًا سياديًا يحترم المعايير القانونية بعيدًا عن منطق الإملاءات الخارجية. غير أن تصريحات ترمب ونائبه تعكس رغبة أميركية في فرض أمر واقع خارج الأطر القانونية والدبلوماسية المتعارف عليها.

في سياق موازٍ، أطلق ترمب موجة جديدة من الرسوم الجمركية طالت أكثر من 50 دولة، حلفاء وخصوماً على حد سواء، في خطوة غير مسؤولة أثارت ذعر الأسواق المالية وهزّت الثقة في الاقتصاد العالمي. ويبدو أن الإدارة الأميركية الحالية تواصل نهج ترمب السابق في تقويض النظام التجاري المتعدد الأطراف، وإشاعة حالة من الفوضى الاقتصادية، من أجل انتزاع مكاسب أحادية تخدم الرؤية الحمائية للبيت الأبيض.

فيما اكتفت الصين وحلفاؤها حتى الآن بالرد بحذر ومسؤولية، فإن استمرار السياسات الأميركية العدائية يهدد بتفكيك النظام الاقتصادي العالمي ويعرض الشركات الدولية — بما فيها الأميركية — لمزيد من الخسائر. وفي الوقت الذي تصر فيه بكين على الحفاظ على مبادئ الشراكة والتوازن في العلاقات الدولية، يبدو أن الولايات المتحدة تسير نحو تكريس عقلية الانغلاق والابتزاز، في انحدار واضح عن موقعها السابق كقائدة للنظام الاقتصادي العالمي.

إن إصرار ترمب على ربط القرارات الاقتصادية بالانتخابات والسياسات الداخلية، والتلويح المستمر بسلاح الرسوم، يضع واشنطن في مواجهة العالم بأسره، ويحول شركاءها إلى خصوم في معركة لا تخدم إلا المصالح الفئوية الضيقة لمن يسعى إلى كسب أصوات الناخبين عبر نشر الفوضى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق