مناورات الحزام الأمني البحري 2025: رسائل روسية صينية إيرانية ردا على الغطرسة الأمريكية

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية 12-03-2025
لا يمكن فصل مناورات “الحزام الأمني البحري 2025” التي تجريها إيران وروسيا والصين، عن تصاعد حدّة المواجهة ما بين هذه الدول والولايات المتحدة الأمريكية. لأن توقيت وطبيعة هذه المناورات العسكرية البحرية ومكانها، والدول التي تشارك فيها وإن بصفة مراقب، تبعث برسائل قوية من هذه الدول الآسيوية الى أمريكا والعالم الغربي من خلفها، بأنهم لن يسمحوا بأي جهة دولية بتهديد الأمن البحري، فللولايات المتحدة الأمريكية تاريخ طويل من “البلطجة” و”القرصنة” البحريتين.
لكن منذ عقود ولا سيما في السنوات القليلة الماضية، بدأت هذه الدول بشكل حثيث، بالتصدي لهذه الغطرسة الأمريكية بشكل حازم وقوي، يبشّر بأن زمانها قد ولّى الى غير رجعة.
وهذا ما يعبر عنه أيضاً، ما حصل منذ أسبوع بين أمريكا والصين، حينما ارتفعت الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب على الواردات الصينية إلى أمريكا بنسبة 10% الأسبوع الماضي، لتصل إلى 20% في غضون شهر تقريبًا. الأمر الذي رد عليه متحدث باسم الحزب الشيوعي الصيني بتغريدة جاء فيها: “إذا كانت الحرب هي ما تريده الولايات المتحدة، سواء كانت حربًا جمركية أو حربًا تجارية أو أي نوع آخر من الحروب، فنحن مستعدون للقتال حتى النهاية”.
وبالعودة الى تفاصيل المناورات البحرية، فإنها تجري في ميناء تشابهار بالجمهورية الإسلامية، وتستمر على مدار عدة أيام في الجزء الشمالي من المحيط الهندي. وتُعد المناورات الحالية هي النسخة السابعة من هذا الحدث، وقد جرت لأول مرة في مياه بحر العرب عام 2018. وتشارك فيها بشكل دائم البحرية الإيرانية (التابعة للجيش ولحرس الثورة الإسلامية) والبحرية الروسية والبحرية الصينية. ويشارك هذا العام فيها حوالي 15 سفينة وسفينة دعم وزوارق قتالية، بالإضافة إلى طائرات مروحية تابعة للطيران البحري. فيما يحضر المناورات مراقبين من أذربيجان وجنوب أفريقيا وعمان وكازاخستان وباكستان وقطر والعراق والإمارات وسريلانكا.
وقد أعلن مساعد العمليات البحرية في الجيش الايراني الادميرال مصطفى تاج الديني خلال مؤتمر صحفي مشترك مع قادة الوحدات الروسية والصينية، بأن المناورات سيتخللها القيام بسلسلة مختلفة من تنفيذ المهام مثل إنقاذ السفينة المختطفة، والبحث والإنقاذ، وإطفاء الحرائق، ومهبط طائرات الهليكوبتر، وتدريبات مختلفة مصممة لاستخدام الطائرات والمروحيات.
مؤكّداً بأن هذا التمرين يهدف الى تحسين الأمن البحري في شمال المحيط الهندي وزيادة التفاعلات البحرية بين قوات البحرية الإيرانية والصينية والروسية من أجل زيادة مستوى التعاون والتدريب على المهارات ونقل الخبرة.
مفيداً بأن الطبيعة المشتركة للتهديدات البحرية والتطورات السياسية بين الحكومات، تدفع هذه الدول لاتخاذ إجراءات منسقة وتشكيل تحالفات لتعاون القوات البحرية مع بعضها البعض أكثر من ذي قبل. ومضيفاً بأن من الأهداف المهمة لهذه المناورات هي رفع الجاهزية القتالية وتحقيق الأمن الجماعي وتبادل الخبرات في مجالات الإغاثة والإنقاذ ومكافحة الإرهاب والقرصنة.
فما هي أبرز الرسائل الجيوستراتيجية لهذه المناورة البحرية المشتركة؟
- توجيه رسالة واضحة بأن دول آسيا القوية، ومنها الصين وروسيا وإيران، وكذلك الدول الراغبة بالتعاون، قادرة من دون تدخل أي دول أخرى، تأمين الحركة البحرية في هذه المنطقة. وهذا ما أكّد عليه الأدميرال تاج الديني حينما قال بأن الهدف الأبرز من هذه المناورات هو الحفاظ على الأمن وتعزيزه بشكل جماعي. وأن هذه الفعالية ستؤمن مناقشة هذا الموضوع بين الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي، وغيرها من الدول المراقبة، لا سيما وأن التجارة العالمية تعتمد على المثلث الذهبي ومضائق ملقا وهرمز وباب المندب.
- الإشارة على تعزيز التعاون ما بين هذه الدول الثلاث، بناء على الاتفاقيات طويلة المدى بين إيران والصين (25 سنة) وروسيا (20 سنة) والتي تتضمن بعض التعاون العسكري والأمني والمخابراتي. كما تتضمن هذه الاتفاقيات إجراء مناورات ثلاثية مشتركة ووفقا لجدول زمني معين.
- يتداخل البعد العسكري لهذه المناورات مع أبعاد سياسية واقتصادية تعكس أولويات الدول المشاركة فيه، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الغربية عليهم، وسعيهم لتعزيز شراكاتهم الدفاعية في مواجهة التحديات المتزايدة.
- فيما يتعلق بإيران، فإن هذه المناورات تحصل بالتزامن مع ما تمر به البلاد من مرحلة دقيقة بمواجهة الولايات المتحدة، تتعلق ببرنامجها النووي وقدراتها الصاروخية وحضورها الإقليمي، إلى جانب العقوبات الاقتصادية التي ترمي الى الضغط عليها تفاوضياً. لذا تشكل هذه المناورات رسالة من الجمهورية الإسلامية لترامب وإدارته بأن إيران غير معزولة على الإطلاق، بل على تواصل وتحالف استراتيجي مع روسيا والصين.
المصدر موقع الخنادق