معركة الزعامة الأوروبية بين لندن وباريس في مواجهة واشنطن

قسم الأخبار الدولية 28/02/2025
انطلقت منافسة حادة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لقيادة المعسكر الأوروبي في مواجهة التحديات التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خصوصاً في ملف الحرب الأوكرانية. في ظل غياب ألمانيا بعد سقوط مستشارها أولاف شولتس وصعود منافسه فريدريتش ميرتس، وجد ماكرون وستارمر فرصة لتعزيز نفوذهما داخل أوروبا والسعي لانتزاع موقع المحاور الأبرز لترمب باسم القارة العجوز.
تحالف ضروري أم تنافس خفي؟
رغم تأكيد باريس ولندن على العمل المشترك لتأسيس “قوة عسكرية أوروبية” لضمان أمن أوكرانيا بعد وقف إطلاق النار، يظهر التنافس بين الزعيمين في سعي كل منهما لتعزيز موقعه لدى واشنطن. سبق ماكرون نظيره البريطاني في زيارة البيت الأبيض، مستفيداً من علاقته السابقة بترمب، الذي لبى دعوته إلى باريس في ديسمبر الماضي لحضور إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام، وهي الزيارة الخارجية الوحيدة لترمب قبل تنصيبه رسمياً. أما ستارمر، فيعتمد على “العلاقة التاريخية” بين بريطانيا والولايات المتحدة، إضافة إلى صلات ترمب العائلية بأسكتلندا، والتي وظفها لدعوته لزيارة المملكة المتحدة بصفة رسمية.
سباق لحشد الدعم الأوروبي
عمد ماكرون إلى تنظيم اجتماعات أوروبية مكثفة قبل زيارته لواشنطن، متحدثاً باسم الاتحاد الأوروبي بدلاً من رئيسي المجلس والمفوضية الأوروبيين. بالمقابل، ردّ ستارمر بالدعوة إلى “قمة لندن” لبحث الضمانات الأمنية لأوكرانيا، وحرص على التشاور مع زيلينسكي قبل لقاء ترمب. وفي ظل محاولات رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني التقرب من الرئيس الأميركي، يسعى الزعيمان الفرنسي والبريطاني إلى إثبات أنهما الطرفان الأكثر قدرة على التعامل معه بفاعلية.
تحديات التعامل مع ترمب
رغم مساعي ماكرون وستارمر، لم ينجح أي منهما في انتزاع ضمانة أميركية لحماية القوة الأوروبية المزمع نشرها في أوكرانيا بعد أي اتفاق سلام محتمل. في هذا السياق، قدم ماكرون نصائحه للأوروبيين حول التعامل مع ترمب، محذراً من محاولة فرض وجهات النظر عليه، وداعياً إلى إظهار القوة بدلاً من الخضوع.
وفي ظل التحولات العميقة التي يقودها ترمب داخلياً وخارجياً، يواجه الأوروبيون تحدياً استراتيجياً في الحفاظ على وحدة موقفهم، وهو ما يجعل سباق الزعامة بين لندن وباريس مرشحاً لمزيد من التصعيد، خصوصاً في ظل توجه الإدارة الأميركية الجديدة نحو سياسات أكثر تشدداً تجاه أوروبا.