السودان بين تصعيد الانقسام السياسي والموقف المصري الحذر

قسم الأخبار الدولية 21/02/2025
شهد السودان تطورًا جديدًا في أزمته السياسية، مع تحركات قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة لإعلان تشكيل “حكومة موازية” في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، ما أدى إلى ردود فعل متباينة على المستويين الإقليمي والدولي، وسط غياب موقف رسمي مصري واضح حتى الآن.
موقف مصر بين الاعتراف الرسمي والدعم غير المشروط لمؤسسات الدولة
لم تصدر القاهرة موقفًا رسميًا من التحركات الأخيرة لتشكيل حكومة موازية في السودان، غير أن المتحدثين المصريين والخبراء السياسيين يشيرون إلى أن مصر تتعامل مع مجلس السيادة السوداني، بقيادة عبد الفتاح البرهان، باعتباره السلطة الشرعية المعترف بها دوليًا. وأكدت القاهرة مرارًا دعمها لوحدة السودان وسلامة أراضيه، كما ظهر ذلك في البيان المصري – الإسباني المشترك خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لمدريد.
تحركات الحكومة السودانية وردود الفعل الدولية
في مواجهة هذه التطورات، استدعت وزارة الخارجية السودانية سفيرها لدى كينيا، احتجاجًا على استضافة نيروبي لمشاورات تشكيل الحكومة الموازية، مؤكدة أنها ستتخذ “إجراءات لحماية سيادة السودان”. كما أعلن مجلس السيادة عن خطط لتشكيل حكومة انتقالية يقودها تكنوقراط غير منتمين سياسيًا، في محاولة لسحب البساط من أي محاولة لتقسيم السلطة.
على الصعيد الدولي، حذرت الأمم المتحدة من مخاطر هذه الخطوة، معتبرة أنها قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الداخلية وتعميق الانقسام السياسي، في ظل استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
الموقف المصري بين الحذر والمراقبة
بحسب خبراء مصريين، فإن القاهرة تراقب الأوضاع عن كثب، لكنها لن تعترف بأي حكومة جديدة لا تحظى بشرعية دولية. ويرى السفير صلاح حليمة، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن تشكيل حكومة موازية يهدد وحدة السودان ويزيد من تعقيد الصراع، مشددًا على أن مصر لا تزال تدفع باتجاه تسوية سياسية شاملة تشمل كافة القوى السودانية دون إملاءات خارجية.
في السياق ذاته، أشار القنصل المصري السابق لدى السودان، اللواء حاتم باشات، إلى أن هذه الخطوة تأتي كرد فعل على المكاسب العسكرية التي حققها الجيش السوداني مؤخرًا، ما دفع أطرافًا معارضة إلى محاولة البحث عن موطئ قدم في المشهد السياسي لما بعد الحرب.
مصر ومساعي الحل السياسي
تأتي هذه التحولات في ظل الجهود المصرية الرامية إلى إنهاء النزاع عبر الوسائل السياسية، حيث استضافت القاهرة في يوليو الماضي مؤتمرًا للقوى السودانية بهدف وقف الحرب والتوصل إلى رؤية سياسية مشتركة. ويؤكد الباحث السياسي السوداني صلاح خليل أن تشكيل حكومة موازية يتعارض مع المبادئ المصرية الداعية إلى حل سياسي شامل، ويعكس صراعًا متزايدًا على السلطة في السودان.
خلاصة المشهد
بينما تستمر المواجهات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع، يبدو أن السودان يتجه نحو مزيد من الانقسام السياسي، في ظل انعدام توافق داخلي وإجماع دولي على أي بديل للسلطة الحالية. وفي حين لم تعلن مصر موقفًا رسميًا بعد، فإن دعمها لمؤسسات الدولة السودانية واستبعادها الاعتراف بأي كيان موازٍ يعكسان نهجًا حذرًا يوازن بين الاستقرار الإقليمي والمصالح الاستراتيجية المصرية في السودان.