أخبار العالمالشرق الأوسط

31 قتيلاً في معارك عنيفة بين القوات الموالية لتركيا والمقاتلين الأكراد شمال سوريا وسط تعقيدات إقليمية وسياسية متشابكة

تصاعدت حدة المواجهات المسلحة بين القوات الموالية لتركيا ووحدات حماية الشعب الكردية شمال سوريا، ما أدى إلى مقتل 31 شخصاً من الطرفين، في تصعيد خطير يعكس تعقيدات الملف السوري المستمر منذ أكثر من عقد.

جذور الصراع: تراكم تاريخي واستراتيجيات متعارضة
تعود جذور الصراع الحالي إلى التوتر المزمن بين تركيا والفصائل الكردية المسلحة التي ترى أنقرة أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني (PKK) المصنف كمنظمة إرهابية. بينما تنظر واشنطن إلى وحدات حماية الشعب الكردية كحليف رئيسي في الحرب ضد تنظيم داعش. هذه الازدواجية في المواقف الدولية عمقت الانقسام، وأدت إلى استمرار المواجهات المسلحة في الشمال السوري، حيث يتشابك البعد المحلي والإقليمي مع أجندات دولية متضاربة.

سير المعارك والخسائر البشرية والمادية
اندلعت المواجهات بعد أن شنت القوات الموالية لتركيا هجوماً مكثفاً بالمدفعية والطائرات المسيرة على مواقع وحدات حماية الشعب الكردية في مناطق ريف حلب الشمالي. ورد المقاتلون الأكراد بهجوم مضاد، استُخدمت فيه الصواريخ المضادة للدروع. أسفرت الاشتباكات عن مقتل 19 عنصراً من القوات الموالية لأنقرة و12 مقاتلاً كردياً، فضلاً عن إصابة العشرات من الجانبين.

وأدت هذه العمليات العسكرية إلى تدمير قرى بأكملها، ونزوح مئات العائلات التي كانت تعيش في ظروف إنسانية هشة أصلاً.

الأبعاد السياسية والتوازنات الإقليمية
تأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه تركيا لتعزيز نفوذها في الشمال السوري ضمن خطتها لإنشاء “منطقة آمنة” على طول حدودها الجنوبية، وهو هدف استراتيجي تسعى لتحقيقه منذ سنوات. في المقابل، تحاول وحدات حماية الشعب الكردية الحفاظ على سيطرتها الميدانية وتحقيق اعتراف دولي بشرعيتها كقوة محلية مسؤولة عن محاربة الإرهاب.

هذا التصعيد يأتي أيضاً في سياق معقد يتداخل فيه الوجود الروسي والأميركي في سوريا؛ حيث تواصل موسكو دعم النظام السوري، بينما تحافظ واشنطن على تحالفها مع القوات الكردية رغم الاعتراض التركي المتكرر.

الأزمة الإنسانية: المدنيون في مرمى النيران
مع كل جولة تصعيد عسكري، تتفاقم الأزمة الإنسانية في شمال سوريا. تشير التقارير إلى أن آلاف المدنيين اضطروا إلى الفرار من منازلهم بحثاً عن مناطق أكثر أمناً. كما تعرضت المرافق الأساسية، مثل المدارس والمستشفيات، لأضرار جسيمة، ما زاد من تعقيد جهود الإغاثة الإنسانية.

من جهتها أدانت منظمات حقوقية ومنظمات الأمم المتحدة هذا التصعيد، ودعت إلى وقف العمليات العسكرية فوراً لتجنب سقوط المزيد من الضحايا المدنيين. من جهتها، تواصل الولايات المتحدة الدعوة إلى ضبط النفس، بينما لم تصدر روسيا موقفاً حازماً تجاه التطورات الأخيرة، ما يترك المجال مفتوحاً أمام استمرار الصراع.

في ظل غياب أي جهود دبلوماسية فعّالة، يُتوقع أن يستمر التصعيد بين الطرفين، ما يهدد بمزيد من المعاناة للمدنيين، وتفاقم حالة عدم الاستقرار في الشمال السوري.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق