أخبار العالمبحوث ودراسات

منع تدفق  مياه نهر الفرات إلى سورية والعراق هو سلاح تركيا الصامت في شمال شرق سورية مما ينذر بكوارث  بيئية وإنسانيه!؟؟

رمضان حمزة محمدكبير خبراء الأستراتيجيات والسياسات المائية

نهرالفرات، حيث جاءت كلمة الفرات في قوله تعالى: { هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ } [في سورة الفرقان: 53] أي: مُفرِط في العذوبة مستساغ، النهر الذي يعدُ من أطول أنهار غرب آسيا، والذي ينبع من جبال طوروس في تركيا ويتدفق منها إلى سوريا، عند مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي مروراً بمحافظة الرقة شمالاً ومنها إلى دير الزور شرقاً، وصولاً إلى العراق عند مدينة البوكمال في محاظة الأنبار، يغطي النهر حوالي 2800 كيلومتر. ليلتقي في العراق بنهر دجلة وليُشكلا معاً شط العرب قبل أن يصب في مياه الخليج العربي.

ولطالما أنعش هذا  النهرالحياة في سورية والعراق وكانت لبنة الحضارة الأولى في تاريخ البشرية في وادي الرافدين ، وقد أصبح الفرات توأماً لنهر دجلة ليشكلاً معاُ اخصب سهول العالم في العراق ، وعرف فيما بعد ببلاد ما بين النهرين”ميزوبوتاميا” ولكن ولشديد الأسف، قلت تصاريف هذا النهر منذ عدة سنوات ولكنومنذ بداية هذا العام 2021شهد تصاريف النهر إنخفاضاً شديداً وقارب تصاريف النهر المتدفقة الى سورية والعراق الى التدفق اوالجريان البيئي وفي أحاين كثيرة الى أقل من التدفق البيئي الذي يشير إلى كمية الماء اللازم توافرها في مجرى مائي للحفاظ على نظام بيئي سليم وجفت مياهه على مساحة واسعة، فسبب في مشاكل جمة لحياة اكثر من خمسة ملاين نسمة من سكان الجزيرة السورية وضمن طيف قومي وديني متنوع وليس فقط الكورد التي تحاول تركيا جاهدة وبكل الطرق محاربتهم واجبارهم لترك موطنهم السوري بتغير ديموغرافي واضح وممنهج باستخدام سلاح المياه، حيث معظمهم يعتمدون على نهر الفرات في الزراعة ومياه الشربوالثروة الحيوانية وكمصدر اقتصادي وحيد لمعيشتهم.

ولإدامة الحياة فيها، مما صعب حتى تأمين مياه الشرب لمناطق شاسعة من شمال وشرق سوريا، او ما يعرف إصطلاحاً ب “الجزيرة السورية” إن خطورة شح المياه تكمنفي حدوث بطالة هائلة وندرة في الموارد مما تهدد تواجدهم وتسهل من هجرات جماعية كبيرة  من قراهم ومدنهم الصغيرة التي سوف لن تكون قابلة للحياة موضوعيا، بدون مياه في ظل التدرة الحالية التي يشهدها نهر الفرات، مما يساعد في تحقيق خطط تركيا بالاستيلاء على اراضيهم واسكان الموالين لسياساتها التوسعية والعثمانية الجديدةوهي أقرب ما تكونباقتلاع جذورالمواطن السوري من أرضه.

تفاقم الحال،بتزامن قطع مياه الفرات معموجة الجفاف الشديدة، التي تضرب معظم مناطق ودول الشرق الأوسط بسبب تغييرات المناخ. ولكن حتى في سنوات الجفاف الشديدة في أوائل الستينات، من القرن المنصرم كانت المياه تتدفق في الترع والسواقي المائية وتزود الناس بالمياه. وكان باستطاعة المزارعين سقاية مزروعاتهم وبساتينهم قبل أن تتحكم تركيا بمياه نهر الفرات وإنشاء المزيد من السدود على عمود مجرى هذا النهر الذي تشارك بها  مع تركيا كل من سوربة والعراق.

 اراضي الجزيرة السورية تتدرج في خصوبتها فالشريط المتاخم للحدود التركية وبعمق اكثر من 50 كيلو متر وهي التي تحاول تركيا إحتلالها بحجج واهية مثل تأمين حدودها الجنوبية مع سورية تعدُ هي الأخصب من ترب المنطقة والعالم أيضاً وبعدها تصبح الترب شبه جافة وتكون صالحة للزراعات الشجرية المتحملة مثل الزيتون والكروم والنخيل، وتتدرح ترب الجزيرة السورية بعد ذلك  لتشابه مع ترب الجزيرة العراقية والتي تعدُ ترب شبه صحراوية وجافة التي يمكن استخدامها كمراع. ولكن ما تفعلها تركيا من وضع مسألة المياه الدولية المشتركة على رأس أجندتها السياسية  متزامنة مع تغييرات المناخ التي تجتاح المنطقة ستتحول أرضي الجزيرة السوربة الخصبة إلى صحراء قاحلةوتعرض هذه الترب الى زيادة في ملوحة الأرض وخسارة في نسب النيتروجين، بسبب شح المياه”،.وبالتالي زحف الصحراءالتي يقضي فيها على الغطاء الزراعي الأخضر في المنطقة التي تقدر بثلث مساحة سورية  من خلال زعزعة الأمن المائي والذي يهدد الأمن الغذائي  للبلد  وبشكل خطير من خلال القضاء على سلة غذاء دولة سورية ومحاصيلها الزراعية الاستراتيجية، من الحبوب والبقوليات والقطن وأساس صناعاتها الزراعية- الصناعية.

السدود في سورية  تعمل على توفير خزين إستراتيجي من المياه لزراعة مستدامة إضافة الى توفير الطاقة الكهرومائية ولتشغيل محطات ضخ المياه، انخفاض منسوب نهر الفراتيهدد  بفقدان الخزين المائي في هذه السدود وبارتفاع معدلات التلوثويعرض الثروة السمكية للخطر، اي كوارث مزدوجة بيئية وإنسانية.منع تدفق  مياه نهر الفرات إلى سوريةهو سلاح  تركيا الصامت في شمال شرق سورية  مما ينذر بكوارث  بيئية وإنسانية.

ولكن إنقطاع المياه عن محطة علوك وبحدود 24 مرة حسب إحصائيات الأمم المتحدة منذ العام 2019  والذيإنعكس مباشرة وسلباً على حياة اكثر من 460 ألف شخص يستفيدون منها في محافظة الحسكة ومناطق اخرى كمياه الشرب كشف سريعاً زيف إدعاءات تركيا بانهاليست السبب في هذه الكارثة التي تهدد شمال سوريا وشمال شرقها بل هي فقط ناتجة عن تراجع مستوى الأمطار، لأن تركيا أستفادت وبمكر وخداع سياسي لصالحها و من منطلق جيوسياسي للإحتلال.

ويناءاً على معظم المعطيات الطبيعية والبشرية فان شمال شرق سورية ، سيواجه تقريبًا ظروفًا جافة بشكل غير طبيعي  بسبب إحكام تركيا على تدفقات نهر الفرات يالكامل وأكثر من 50 في المائة من المنطقة ستعاني بالفعل من جفاف شديد.. ندرة المياه ونفوق الأسماك وهبوط مناسيب الآبارالمائية. 

أصبحت ظواهر ماثلة  للعين ، جميع المؤشرات التي لدينا تروي قصص كئيبة. هطول الأمطار أقل من نصف المعدل الطبيعي ، وأقل من ثلث المعدل الطبيعي في أجزاء اخرى من البلاد.خزانات السدود السورية شبة فارغة لأن خزينها الإستراتيجي تدنى إلى مستويات منخفضة قياسية..عيون وينابع كانت مصدر مياه شرب وزراعة للكثير من القرى والأرياف لم تعد كما كانت في السنوات السابفة..؟

إن آثار الجفاف وظروف الجفاف القاسية مثل تلك التي تجتاح المنطقة الآن لها عواقب وخيمة على الناس والبيئة والطبيعة. هذه التأثيرات ليست موزعة بالتساوي. المجتمعات الصغيرة والريفية  وخاصة الجزيرة السورية، وكثير منها لديها نسبة أكبر من الأسر ذات الدخل المنخفض غالبًا ما يشعرون بأسوأ الآثار. تتعرض النظم البيئية للمياه العذبة لخطر جسيم من تدفقات المياه المنخفضة من تركيا ،وارتفاع درجات الحرارة  ، وتتفاقم مشاكل جودة المياه بسبب زيادة تركيز الأملاح والملوثات وانخفاض مستويات الأكسجين.

يؤدي نقص المياه السطحية للزراعة إلى مزيد من ضخ المياه الجوفية ، كما يؤدي استمرار السحب على المكشوف إلى هبوط الأرض ، وتلف الممتلكات ، وتجفيف الآبار المائية ، وخسارة دائمة في تخزين المياه الجوفية.

لذلك فإن ظروف الجفاف القاسية الآن لها عواقب وخيمة علىالأسماك والحياة البرية: يعتبر الجفاف صعبًا بشكل خاص على النظم البيئية الطبيعية ، التي تعاني بالفعل من الإفراط في الاستخدام والتلوث. مما يزيد من خطر الانقراض للعديد من الحيونات المهددة بالفعل.

واصبحت حرائق الأحراش  بالفعل أكثر تواترًا وشدة ، وبدأت في وقت مبكر من العام وتستمر لفترة أطول. يؤدي انخفاض رطوبة التربة ونقص الأمطار إلى تفاقم تفشي الآفات وموت الأشجار، مما يؤدي بدوره إلى زيادة مخاطر حرائق الغابات والأحراش ويتزايد القلق من مخاطر نشوب حرائق شديدة هذا العام، وكذلكزيادة ظاهرة التجوية والتعرية وبالتالي زيادة العواصف الترابية، وفي مواجهة نقص المياه ، يتعين على المزارعين البحث عن إمدادات وممارسات بديلة ، مثل تغيير أنواع المحاصيل المزروعة ، وتركيب أنظمة ري فعالة . مع توسع الجهود المبذولة لتنفيذ الإدارة المستدامة للمياه، وخاصة عندما تزداد القيود المفروضة على ضخ المياه الجوفية – في السنوات والجافة – ، مما يزيد من تعقيد الاستجابات الزراعية للجفاف.

غالبًا ما تعتمد المجتمعات الريفية على مصدر مياه واحد ، مما يزيد من تعرضها للجفاف بشكل اكبر وتسبب في آثار واضحة على بعض المجتمعات.

قد يؤدي انخفاض إمدادات المياه ومشاكل جودة المياه هذا العام إلى إجبار المجتمع في الجزيرة السورية على حفر الآبار العميقة  كل هذه الإجراءات  تسبب صعوبات اقتصادية محلية على أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية.

بينما في المناطق الحضريةقد يؤدي انخفاض إمدادات المياه ومشاكل جودة المياه هذا العام إلى إجبار المجتمع في سورية على التحول إلى المياه المعبأة المكلفة.

 ولكن هل يتوقع أن تكون هناك إستجاباتمناسبة وفعالة للجفاف ، بما في ذلك التغيرات في كفاءة استخدامات المياه في المناطق الحضرية والزراعية ، والتوسع في مصادر المياه غير التقليدية مثل حصاد المياه مياه الأمطار والمياه المعاد تدويرها ، والتغيرات الطوعية في السلوك. – كل ذلك يمكن أن يساعد في التقليل من حدة هذا الجفاف  الآن وفي المستقبل.وحان الوقت ليتبنى الحكومات في المنطقة باسرها  ترجمة خطط الأمن المائي إلى إجراءات ملموسة.

ويجب أن تتوافق هذه الخطط والسياسات مع الموارد المناسبة، وتحدد الأدوار والمسؤوليات الواضحة ، ومن ضمنها توفير التمويل المستدام لمشاريع الري والمياه، وتأسيس الأطر التنظيمية الفعالة الغير التقليدية، والعمل مع منصات فعالة لأصحاب المصلحة المتعددين ، وزيادة الوعي المجتمعي بأهمية الأمن المائي من أجل التنمية المستدامة.

لأن الهياكل الإدارية الحالية لكل من أنظمة مياه الشرب والري تتميز بضعف الإدارة وقوانين المياه غير المتسقة. لذلك فالحاجة ملحة الى تطوير أطر تحتوي على عناصر للسياسة المائية، في شكل إستراتيجية أو خطط رئيسية على المدى القصير والمتوسط.

بشكل عام ، نأمل من الجهات الحكومية المعنية بشوؤن في إدراك أهمية النهج المتكامل لإدارة المياه. من بين اتجاهات قطاع المياه التي تهدف إلى التغلب على هذه التحديات الهائلة ، الدافع نحو الشراكات بين القطاعين العام والخاص..Public, Private, Participation” PPP”.

حيث يأتي أهمية الأمن المائي من تعريفه الذي يضمن تحقيق الاكتفاء الذاتي للدولة من المياه بصفة مستدامة، حيث يستجيب فيها عرض المياه للطلب عليها من كافة القطاعات التي تستخدم المياه ،وبالتالي خلق وضعية مستقرة لموراد المياه يمكن الاطمئنان إليها، من خلال تحقيق التوازن ((كماً ونوعاً — زماناً ومكاناً))، بين الموارد المائية المتاحة والاحتياجات المائية المختلفة في الحاضر والمستقبل.

ولكون المياه الدولية المشتركة قد أصبحت ضمن الاجندة السياسية لكل من تركيا وايران بشكل واضح وجلًي فعندما يتم الحديث عن  اطلاق حصص العراق وسورية المائية نرى بان الرئيس التركي او الايراني يتدخل ويرسم السياسية المائية بدلاً من ان يترك هذا للجانب الفني بين الوزرات المعنية بالشأن المائي وهذا مؤشر خطير جدا وما تخفيض مناسيب الفرات الى أدنى حدودها في سورية إلا ترجمة فعلية لهذا الواقع بتسيس الملف المائي ومن ثم العمل على جعله ” بضاعة” مقابل ثمن وتفعيل مبدا مقايضة الماء بالنفط مع العراق وبمتطلبات اخرى مع سورية.؟ هي بمثابةعواملستفرض على العراق وسورية الآن ومستقبلاً وضعإستراتيجيةلتنميةالمواردالمائيةوترشيدها.لذلك يجب انتهاج سياساتمائية حكيمة لاستثمارات المواردالمائيةالمتاحة.لغرض بناء أساس لاقتصاد متين يعتمد على الزراعة الحديثة والمتطورة بعيداً عن الزراعة التقليدية  ” السومرية” قبل الإعتماد على النفط كاقتصاد ريعي كما هو الحال في العراق، وخاصة القطاع الزراعي الذي يعتبر اكبر مستهلك للمياه تتفاوت بين وهي بمعدل 70-90% .؟ 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق