أخبار العالمأمريكاأوروبابحوث ودراسات

10 حقائق ترمبية لوقف الحرب في أوكرانيا

السؤال الذي يطرحه الكثيرون في الولايات المتحدة وأوروبا وأوكرانيا، وبالطبع في روسيا هو: هل تنجح رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في وقف الحرب في أوكرانيا التي استكملت عامها الثالث في 24 فبراير الجاري؟

 وما المبادئ والأفكار التي يمكن أن تكون خارج الصندوق، وتقنع الطرفين الروسي والأوكراني بوقف الحرب، وبدء مرحلة جديدة من حسن الجوار؟

 وماذا عن العراقيل الكثيرة التي تحول دون ذلك، خاصة موقف الأوروبيين الذين يتمسكون بحسابات قديمة عنوانها هزيمة روسيا وعودة أوكرانيا إلى حدود 1991؟

10 حقائق ترمبية

بعد الاتصالات المباشرة التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وبعد اللقاء المباشر والناجح بين وفدين من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية في المملكة العربية السعودية، أصبحنا بالفعل أمام 10 حقائق يتحدث عنها الرئيس ترمب كافية لجعل العام الجاري 2025 هو عام وقف الحرب في أوكرانيا، وبدء مرحلة جديدة في العلاقات الأمريكية الروسية، وعودة السلام والاستقرار إلى شرق أوروبا، وهذه الحقائق هي:

 أولًا- توافر عوامل النجاح

حديث الرئيس ترمب عن وقف الحرب في أوكرانيا ليس ارتجاليًّا أو انفعاليًّا، فما جرى من محادثات عميقة بين واشنطن وموسكو في الرياض أكد أن خطة ترمب لوقف الحرب الروسية الأوكرانية تحمل “كل عوامل النجاح”، ليس لأنها جادة وواقعية فقط؛ ولكن لأنها أيضًا تحمل “مصالح حقيقية” للولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وهما أقوى طرفين على الطاولة، في حين تحوم الشكوك على الجانب الآخر حول قدرة الأوروبيين على ملء الفراغ الذي سيتركه الأمريكيون في دعم المجهود العسكري الأوكراني للوقوف في وجه روسيا، فالمشكلات الداخلية التي تعانيها أوروبا، وتحديات تصنيع السلاح تجعل من المستحيل على الأوروبيين أن يحلوا محل الولايات المتحدة في إبقاء أوكرانيا صامدة في وجه الدب الروسي.

ثانيًا- خارج الصندوق

رؤية الرئيس ترمب لحل الصراع في أوكرانيا خارج الصندوق؛ لأنه اتصل مباشرة بالرئيسين الروسي والأوكراني، وانتهى إلى نتيجة بأن الروس يريدون وقف الحرب، ومنفتحون على تحقيق السلام؛ ولهذا شكلت اتصالات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المباشرة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بالإضافة إلى لقاء المسؤوليين الروس والأمريكيين في ضيافة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، “نقطة تحول كبيرة” لحل كل الخلافات الأمريكية الروسية، ومنها الصراع الأوكراني الروسي، وفي الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن يعمل فيه على تعميق “عزلة روسيا” يرى الرئيس ترمب أن الانفتاح والاتصال المباشر مع الرئيس الروسي هو الطريق الأفضل لحل الخلافات الأمريكية الروسية، وهو ما بدأ بالفعل قبل مرور شهر واحد على تولي دونالد ترمب الحكم في البيت الأبيض.

ثالثًا- مصالح وغنائم

رؤية الرئيس ترمب لوقف الحرب الروسية الأوكرانية تحمل “مصالح وغنائم” كثيرة لواشنطن؛ لأن وقف الحرب يعني وقف نزيف إرسال المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، وهذا وعد انتخابي قدّمه الرئيس ترمب للناخبين طوال الحملة الانتخابية الناجحة، التي حصل فيها مع الجمهوريين على أرقام قياسية من أصوات الشعب الأمريكي في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهذه الرؤية تقول ببساطة إن أوكرانيا حصلت من الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن على 350 مليار دولار في 3 أعوام، وأن وقف الحرب سوف يوقف هذا النزيف، ويسمح للولايات المتحدة بالحصول على نحو 50% من الموارد المعدنية النادرة الأوكرانية، التي سوف تصل قيمتها بعد تصنيعها في الولايات المتحدة إلى نحو 12 تريليون دولار؛ لأنه بدون وقف الحرب يستحيل على الشركات الأمريكية أن تستخرج هذه المواد المعدنية النادرة.

رابعًا- رفع الغطاء عن الرئيس الأوكراني

خروج الخلافات بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني إلى العلن، والاتهامات المتبادلة لا تشكل فقط “تحولًا كاملًا ودراماتيكيًّا” في مسار العلاقات الأمريكية الأوكرانية؛ بل تعني -بوضوح- “رفع الغطاء الأمريكي” عن الرئيس زيلينسكي بعد أن وصفه ترمب بأنه “دكتاتور وغير منتخب”، وسبق أن اتهمه بأنه يأتي إلى واشنطن، ويحصل على مليارات الدولارات من دافعي الضرائب الأمريكيين ويعود إلى كييف، ولهذا تسابق أركان الإدارة الأمريكية الجديدة في توجيه الاتهامات إلى زيلينسكي، منهم إيلون ماسك، ووزير الخارجية مارك روبيو، الذي قالوا جميعًا إن ولاية زيلينسكي انتهت في مايو (أيار) 2024، وأنه لم يعد رئيسًا شرعيًّا؛ بل دعاه البعض في واشنطن للهروب من أوكرانيا إلى فرنسا.

خامسًا- نهاية مبدأ “وحدة الأراضي الأوكرانية

قال مارك روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، لنظيره الروسي إن واشنطن لم تعد تؤمن بوحدة الأراضي الأوكرانية، وإن الولايات المتحدة عازمة بالفعل على طرح مشروع قرار في الأمم المتحدة يقول -بوضوح- “بعدم وحدة الأراضي الأوكرانية”، وهو بالفعل ما حدث يوم الجمعة 20 فبراير الجاري، عندما طبت الولايات المتحدة من الجمعية العامة للأمم المتحدة دعم مسار السلام في أوكرانيا، ولم تشر -من قريب أو بعيد- إلى قضية “وحدة الأراضي الأوكرانية”، أو حدود 1991؛ ولهذا قال وزير الدفاع الأمريكي أمام نظرائه الأوروبيين هذا الشهر في ألمانيا إن الحديث عن عودة أوكرانيا إلى حدود 1991 “غير واقعي” في ظل الواقع الميداني العسكري الذي يميل إلى روسيا.

سادسًا- خطأ أوكرانيا وليس روسيا

لأول مرة منذ بداية الحرب في 24 فبراير (شباط) 2022 تحمّل واشنطن كييف مسؤولية الحرب في أوكرانيا، وتقوم وجهة نظر الرئيس ترمب على أن المتسببة في الحرب هي أوكرانيا وليست روسيا من خلال سعي أوكرانيا إلى الانضمام إلى حلف دول شمال الأطلسي (الناتو)، والتضييق على الناطقين بالروسية شرق نهر دنبرو، وحدوث “انقلاب في البرلمان” على الرئيس الأوكراني الأسبق الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش عام 2014، وهو ما دفع روسيا إلى استعادة شبه جزيرة القرم، وإرسال السلاح إلى الناطقين بالروسية شرق أوكرانيا للدفاع عن أنفسهم.

سابعًا- شبه جزيرة القرم لروسيا

أكثر الأطروحات التي يمكن أن تدفع المفاوضات الروسية الأوكرانية إلى الأمام، وتوقف الحرب، هي حديث إدارة الرئيس ترمب علنًا أن الولايات المتحدة لا تمانع في احتفاظ روسيا بشبه جزيرة القرم، التي تقول روسيا إنها أراضٍ روسية مُنِحَت في وقت سابق من القرن العشرين لأوكرانيا، ويمثل هذا الطرح الأمريكي نوعًا من الواقعية السياسية، فإذا كانت أوكرانيا تخسر أراضي كل يوم في لوغانسك ودونيتسك، فكيف لها أن تستعيد شبه جزيرة القرم؟

ثامنًا- تجميد الحرب على الجبهة

تقترح الرؤية الأمريكية لوقف الحرب “تجميد القتال” على طول الجبهة التي يصل طولها إلى نحو 1300 كم من خاركيف شمالًا إلى زاباروجيا وخيرسون جنوبًا، لكنها تترك مصير الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في تلك المناطق للمفاوضات المقبلة، وهناك أكثر من فكرة للتعامل مع هذه الأراضي، منها إجراء استفتاء بين سكان تلك المناطق لمعرفة تصورهم للدولة التي يرغبون في الانضمام إليها، روسيا أم أوكرانيا، لكن هذا التوجه سيكون صعبًا جدًّا؛ بسبب نزوح غالبية السكان من تلك المناطق، ومن الأفكار المطروحة أيضًا تقسيم المناطق في 4 مقاطعات هي لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزاباروجيا بين روسيا وأوكرانيا، وبعد سيطرة روسيا على نحو 90% من تلك المقاطعات الأربع، ضمت موسكو تلك المقاطعات إلى روسيا في سبتمبر 2022، وتشكل تلك المقاطعات مع شبه جزيرة القرم نحو 20% من إجمالي الأراضي الأوكرانية، وترفض روسيا رفضًا قاطعًا استبدال المناطق التي سيطرت عليها أوكرانيا في منطقة كورسك الروسية بالمناطق التي سيطرت عليها موسكو في المقاطعات الأربع، وهناك تقديرات أمريكية تقول إنه قبل بدء المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا يمكن للجيش الروسي أن يستعيد كل المناطق في كورسك بعد أن استعاد بالفعل نحو 65% من الأراضي التي سيطر عليها الجيش الأوكراني في أغسطس الماضي.

تاسعًا- تأجيل انضمام أوكرانيا إلى الناتو

تقترح واشنطن أن تُؤجَّل مناقشة عضوية أوكرانيا في الناتو 20 عامًا، لكن روسيا تقول إنها تريد أن يكون هناك التزام غربي وأمريكي بعدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو على الإطلاق، فالجميع يعلم أن ما يسمى بالثورة البرتقالية الأوكرانية عام 2005، وتقديم وعد بإمكانية انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي عام 2008 كانت البداية لهذا الصراع الرهيب في أوكرانيا؛ ولهذا صرح الرئيس ترمب ونائبه جي دي فانس -أكثر من مرة- أن حلف الناتو لن يكون مفتوحًا أمام أوكرانيا، وهذا معناه أمر مهم جدًّا لروسيا، وهو أن ما يسمى بسياسية “الباب المفتوح” التي كان يصر عليها “الناتو” انتهت بلا رجعة.

عاشرًا- تغيير رواية الحرب

أكثر ما يميز رؤية الرئيس الأمريكي لوقف الحرب الروسية الأوكرانية أنه يريد تغيير السردية والرواية التي رافقت هذه الحرب خلال السنوات الثلاث الماضية، وهي أن الولايات المتحدة وأوروبا كانوا يسعون من خلال أوكرانيا إلى إلحاق “هزيمة إستراتيجية” بروسيا، لكن الرئيس ترمب يقول إن الروس متفوقون في الميدان، وإن التعاون مع روسيا، وليس الحرب معها، هو السبيل الوحيد لعودة السلام والاستقرار إلى أوروبا والعالم.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق