أخبار العالمإفريقيابحوث ودراسات

وريد الذهب بين المجموعات الإرهابية الإفريقية والدول الغربية الناهبة للذهب: “معدن الدم”

عند النظر إلى خريطة انتشار الذهب في القارة الإفريقية نجد أن أكثر المناطق التي تتمركز فيها جماعات إرهابية، وتكثف فيها عملياتها، هي ما سُمي بالوريد الصحراوي للذهب، والذي يمتد  من “السودان شرق القارة إلى موريتانيا في أقصى غربها”.

وتسبب الصراع على الذهب وبسط النفوذ في دولتي  مالي وبوركينا فاسو، في اندلاع صراع كبير بين الجماعات الإرهابية وليس فقط شن هجماتها على مؤسسات الحكومة والمدنيين.

ومن  أشهر المتصارعين حول الذهب الجماعات الداعشية المسلحة، محسوبة على تنظيم القاعدة مثل “نصرة الإسلام والمسلمين”، وأخرى محسوبة على داعش مثل “داعش الصحراء الكبرى وكذلك الميليشيات الإفريقية الغير الإسلامية

بلغت حصة إفريقيا من ذهب العالم وفقا للبرنامج البيئي التابع للأمم المتحدة 40%، فبلغ إجمالي إنتاج مناجم الذهب في أفريقيا 680.3 طن متري في عام 2022 و تمتلك القارة الأفريقية ما يقرب من نصف احتياطي الذهب العالمي هذه البيانات المُغرية، يُضاف إليها هشاشة الأنظمة السياسية وعدم الصرامة في تطبيق القانون جعلا من افريقيا وكرا لمافيا تهريب الذهب العالمية .

يعتبر الذهب أحدى المحركات الخفية للصراع في منطقة الساحل والصحراء في إفريقيا، والذي بسببه تتقاتل الجماعات المسلحة والمليشيات المتطرفة لبسط نفوذها على مناجمه الممتدة عبر صحراء القارة السمراء.

منذ عام 2012، تم اكتشاف وريد غني بالذهب يمتد عبر الصحراء  من الشرق إلى الغرب.

وقد زاد حجم هذه الاكتشافات الجديدة في تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو من إنتاج وبيع هذا المعدن حيث يمثل التعدين في بوركينا فاسو ثلثي عائدات التصدير، و15 % من الناتج المحلي الإجمالي، بخلاف دوره في توفير 61 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.

في تقرير لتقييم الأزمات للحكومات، قالت منظمة الأزمات الدولية وهي منظمة دولية مقرها بروكسل، إن الجماعات المسلحة تستولي على مواقع التنقيب عن الذهب في المناطق التي تكون فيها الدولة ضعيفة أو غائبة.

وتجدر الإشارة إلى أن “منجم إنتاكا” في غاو شمالي مالي والذي يعتبر من أكبر المناطق في استخراج الذهب، تشهد انتشارا لداعش و مجموعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، لذا بات يقع المنجم خارج سيطرة الحكومة، وذلك عكس المناجم في جنوب وغرب البلاد، التي لم يكتسب الإرهابيون فيها نفوذا بعد.

في 6 نوفمبر 2022، قتل هجوم إرهابي على حافلات نقل عمال “منجم بونجو” التابع لشركة الذهب الكندية “سيمافو” 38 شخصا وأصاب 60 آخرين وقد أمست هذه المناجم  مصدر دخل للتنظيمات الجهادية في المثلث الحدودي بين النيجر وبوركينا فاسو ومالي.

العديد من حركات التمرد والإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي تعتبر غسيل الذهب مصدرًا رئيسيًا للتمويل ولتجنيد أعضاء جدد.

الجماعات المتفرعة من القاعدة وداعش في أفريقيا تهاجم عمليات التعدين الصناعي، وتسيطر على أجزاء من تجارة الذهب غير الرسمية في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.

رويترز أكدت إن الإسلاميين يعتبرون مناجم الذهب كنزًا للأموال التي تمكنهم من تجنيد أعضاء جدد وشراء أسلحة ومتفجرات لشن الهجمات التي توسع قوتهم.

في بوركينا فاسو، استولى المتمردون على 24 موقعًا لاستخراج الذهب، تنتج ذهبًا بقيمة 35 مليون دولار سنويًا.

 وفي مالي والنيجر فرضت الجماعات الإسلامية ضرائب على تجار الذهب، وفي غانا وكوت ديفوار ونيجيريا وزيمبابوي تتواصل عمليات تهريب الذهب بدون انقطاع.

وجه آخر للصراع، هو بين الشركات الدولية للتعدين نفسها، حيث توجد 6 شركات دولية منافسة للروس تعمل في مناجم ذهب مالي، وبعضها تتخذ من كندا مقرا لها، وبعضها الآخر مقرها ببريطانيا، وهناك شركات مقرها في جنوب أفريقيا.

وفي السودان ينتشر معدن الذهب في أغلب مدن الشمال، وتعد تحديدا من أقصى الشمال وحتى قرب العاصمة الخرطوم، ومن الساحل الشرقي على البحر الأحمر وسلسلة جبال البحر الأحمر إلى أقصى الغرب بالقرب من جبل عوينات والطينة في دارفور.

يتواجد الذهب بنسب عالية في شمال السودان من وادي حلفا وحتى عطبرة مع معادن أخرى مثل النحاس والزنك والحديد وذلك نظرا للتموقع التضاريسي الجغرافي .

ويوجد الذهب بتركيزات عالية تصل في بعض الأماكن إلى 100 طن  في جبال البحر الأحمر مصحوبا بالفضة بجنوب “ولاية النيل الأزرق” .

المعدن الأصفر، الذي يعتبر أهم الاحتياطيات في خزائن الدول وهو المحرك الرئيسي للصراعات والثروات في السودان والتي تعتبر من أغنى المناطق. 

بالإضافة إلى محاولات بعض جماعات الإرهاب النشطة في المنطقة الاستفادة منها كمصدر رئيسي للتمويل وتوالت التحذيرات الدولية من أن الجماعات المتطرفة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وجدت في مناجم الذهب مصدراً جديداً للتمويل، وبيئة مناسبة لتجنيد العناصر حيث تركز هذه الجماعات والقوى على مصادر التمويل، ولا شيء يبدو أنجع من الاستثمار أو فرض الإتاوات في مناطق الثروات المعدنية وتعدين الذهب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق