هل يمكن تدمير القلعة النووية الإيرانية فوردو:؟

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية 21-06-2025
مع تزايد المخاوف بشأن القدرات النووية الإيرانية، يعيد محللو الدفاع والمخططون العسكريون النظر في مسألة ما إذا كان من الممكن تدمير موقع التخصيب الأكثر تحصينا في البلاد ــ مصنع “فوردو” لتخصيب الوقود ــ في ضربة عسكرية.
ما الذي تعرفه منشأة فوردو؟
تقع منشأة فوردو قرب مدينة قم المقدسة جنوب طهران مباشرةً، وكانت في الأصل قاعدة عسكرية، أما الآن، فهي تضم أحد أكثر المواقع النووية الإيرانية أمانًا، مدفونًا على عمق يتراوح بين 80 و90 مترًا تحت جبل.
صممت المنشأة لاستيعاب ما يصل إلى 3000 جهاز طرد مركزي، بما في ذلك أجهزة الطرد المركزي المتطورة من طراز IR-4 وIR-6 وIR-8 – والعديد منها محظور بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) لعام 2015، والتي تآكلت الآن.
تم الكشف عن الموقع للعامة لأول مرة في عام 2009، وظل الموقع محل اهتمام دولي.
وبحسب أناتولي ماكسيموف، المحلل والصحفي المتخصص في الشؤون الدولية، فإن إيران استخدمت منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم من نسبة نقاء تتراوح بين 10% و20% إلى 60%، وهو ما يقترب من مستويات صنع الأسلحة.
وأضاف أن “الخطوة التالية هي 90%، وهذا هو الحد الأقصى لامتلاك سلاح نووي”.
وتشير تقديرات معهد العلوم والأمن الدولي، ومقره واشنطن، إلى أن إيران قادرة على تحويل مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% والذي يقدر بأكثر من 400 كيلوغرام ــ إلى 233 كيلوغرام من المواد المستخدمة في صنع الأسلحة في غضون ثلاثة أسابيع فقط باستخدام أجهزة الطرد المركزي في فوردو.
هذا يكفي لإنتاج حوالي تسع قنابل نووية وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن العدد قد يصل إلى 15 قنبلة.
ولكن يبقى السؤال المركزي: هل يمكن تدمير منشأة فوردو؟
ويرى ماكسيموف أن إسرائيل وحدها لا تملك القدرة على تدمير المجمع تحت الأرض.
وأشار إلى أن “أكبر قنابلهم الخارقة للتحصينات لا تخترق سوى عشرة أمتار تقريبًا. أما موقع فوردو، فيقع على عمق أعمق بكثير”. وهذا يجعل الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تمتلك القوة النارية الكافية لتحييد الموقع.
قنبلة GBU-57 الخارقة للذخائر الضخمة، التابعة لسلاح الجو الأمريكي، والتي تحملها قاذفات الشبح B-2 Spirit، قادرة على اختراق عمق يصل إلى 61 مترًا تحت الأرض قبل تفجيرها. ولكن حتى هذا السلاح قد يتطلب ضربات متعددة لتدمير قاعات فوردو المدفونة بعمق.
ويشير ماكسيموف إلى أنه إذا أصبح ظهور قاذفات بي-2 على جزيرة دييغو غارسيا علنيا، فقد يكون ذلك مؤشرا واضحا على ضربة وشيكة.
في حال عدم تدمير المنشأة بالكامل، لا يزال بإمكان إسرائيل تنفيذ عمليات لتعطيلها مؤقتًا، وقد يشمل ذلك ضربات دقيقة على مداخل الأنفاق الخمسة المعروفة في المنشأة، أو هجمات على أنظمة الكهرباء والتهوية ويشير ماكسيموف أيضًا إلى احتمال شنّ غارة كوماندوز.
قال: “نفذت وحدة شالداغ الإسرائيلية عملية مماثلة العام الماضي ضد مصنع صواريخ تحت الأرض في سوريا، لكن فوردو سيكون هدفًا أكثر تعقيدًا وخطورة.”
لا تزال المنشأة تشكّل تحديًا استراتيجيًا: فهي مصممة لمقاومة الضربات التقليدية، ومدمجة في صخور صلبة، ومحمية بطبقات من الدفاعات المادية والإلكترونية أي خيار عسكري ينطوي على مخاطر كبيرة، تقنية وجيوسياسية.
في الوقت الراهن، تعتبر فوردو رمزًا ومعقلًا لطموحات إيران النووية، قد يكون تدميرها ممكنًا، ولكن ليس دون تدخل أمريكي، وليس دون عواقب.