هل يمتد الصراع في السودان الى دارفور؟
كل المؤشرات الميدانية تؤكد بأن الصراع في السودان لن يتوقف في الخرطوم أو بعض مدنها انما التمدد سيكون الى أكثر منطقة قابلة “للاشتعال” هي دارفور وبالتالي ستتبعها جملة من المخاطر المحتملة في حال تصاعد الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتشمل منطقة دارفور، ومن أهمها:
1- اجتذاب عناصر المليشيات الأجنبية للمشاركة في القتال: حيث تُشير العديد من التقارير إلى حركة العناصر المتمردة من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى دارفور، وترتبط العديد من هذه العناصر بصلات عرقية أو أخرى قوية بحميدتي وقواته. كما تشير تقارير أخرى إلى احتمالية دخول المليشيات من جنوب السودان وليبيا. وهو ما يكرس حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، واحتمالية حدوث مشكلات على حدود 4 دول، هي: ليبيا، وتشاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وجنوب السودان، حيث تشهد الدول الأربع حالة من عدم الاستقرار بسبب نزاعات داخلية.
2- تصاعد الحرب الأهلية في دارفور: خاصة أن دارفور تتعرض لأزمة غذائية يتوقع أن تؤجج الصراع بين القبائل، حيث تنخرط قبيلة الرزيقات العربية في منافسة متوترة وعنيفة في كثير من الأحيان مع المساليت غير العرب على الأراضي الصالحة للزراعة والمياه النادرة بشكل متزايد. ومن ثم ينعكس الصراع بين “البرهان” وحميدتي” في الخرطوم بصورة كبيرة على ولايات دارفور بشكل عام وغرب دارفور بشكل خاص، في ظل حالة الفراغ الأمني الكبير الذي تعيشه ولايات دارفور الخمسة بعد انسحاب الجيش والشرطة من بعض المرتكزات. وفي هذا السياق، قد تستغل بعض الإثنيات في دارفور هذه الأوضاع لتحقيق مكاسب، سواء كانت بدوافع انتقامية لتصفية حسابات قديمة، أو عبر الانخراط في الحرب بغية شد الأطراف وتخفيف الضغط على مليشيا الدعم السريع، وهو الأمر الذي ينذر باندلاع صراعات داخل ولايات دارفور الخمسة تتعلق بتصفية الحسابات المتراكمة بين القبائل.
3- انخراط الجماعات المسلحة في الصراع: حيث يبدو حتى الآن أن الجماعات المسلحة في دارفور لا تزال تحافظ على موقف محايد من الصراع، غير أن تصريحات ميني أركو ميناوي قد أثارت المخاوف من انخراط هذه الحركات،. وهو ما حذر منه العديد من المراقبين باعتبار أنه يمثل السيناريو الأكثر خطورة في دارفور، لأن السماح بانتشار الأسلحة في أيدي المدنيين يحول المنطقة إلى حرب أهلية قبلية، وخاصة أن جيش تحرير السودان الذي ينتمي إليه ميناوي منقسم بين قبيلتين غير عربيتين: الزغاوة والفور، ويقود عبد الواحد نور من الفور الجناح السياسي لجيش تحرير السودان، بينما يقود ميناوي من الزغاوة جناحا آخر من مقاتلي جيش تحرير السودان. وقد يؤدي الانقسام حول دعم كل منهما لطرفي الصراع في الخرطوم إلى حرب وصراع بين القبيلتين والجناحين.
4- ظهور حركات انفصالية جديدة في دارفور: حيث حذرت العديد من التقارير من ممارسات المليشيات العربية في غرب دارفور، والتي تدعم بقوة قوات الدعم السريع، وتسعى لتعزيز السيطرة على الأراضي المتنازع عليها وموارد المياه. بينما يحاول الجيش الآن استمالة القبائل غير العربية في دارفور لمحاربة قوات الدعم السريع. وتنظر العديد من القبائل غير العربية لتصفية الحسابات ضد بعض القبائل العربية التي هاجمت مجتمعاتهم في وقت سابق، لذلك يتوقع بعض المراقبين أن انتقال الصراع إلى دارفور قد يتولد عنه صراعات متنامية بين القبائل العربية وغير العربية الممتدة عبر الحدود مع دول المنطقة، وربما يدفع هذه الجماعات العربية للمطالبة بدولة عربية مستقلة في المستقبل.
الخلاصة:
تمدد الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على العديد من المخاطر، ولا سيما عودة الحرب الأهلية وتصاعد الصراعات القبلية والإثنية في دارفور، بالإضافة إلى اجتذاب المليشيات والعناصر الأجنبية للانخراط في القتال، ناهيك عن احتمالية انخراط الحركات والجماعات المسلحة السودانية في القتال وانقسامها إلى جماعات تدعم الجيش وجماعات تدعم قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى المخاطر المرتبطة بظهور حركات انفصالية جديدة في دارفور ولا سيما في حال اتجاه القبائل العربية الممتدة عبر الحدود مع دول الجوار إلى إقامة دولة للقبائل العربية التي تتحدث العربية ولها تاريخ وثقافة مشتركة في المنطقة، وخاصة إذا وجدت دعماً خارجياً يعزز من مطالبها.