هل يفضي إتفاق السراج مع تركيا إلى ‘حرب إقليمية’ في المنطقة؟
طرابلس- ليبيا – زهور المشرقي
أحدث توصل كل من تركيا وحكومة السراج في ليبيا إلى اتفاق في مجال التعاون الأمني بين البلدين بشأن الأمن في المناطق البحرية،ردود فعل غاضبة ومستنكرة في المنطقة، معتبرة أن هذا الإتفاق تعدٍّ على حقوق الليبيين وممتلكاتهم وبلادهم التي أصبحت مستباحة من قبل الأتراك.
وعبّرت الحكومة المؤقتة عن رفضها القاطع للإتفاقية، مبينة أنها غير شرعية كونها مبرمة من غير ذي صفة بموجب أحكام القانون والمحاكم الليبية، كما أن هذا النوع من الإتفاقيات يحتاج إلى مصادقة مجلس النواب المنتخب وهي المؤسسة الشرعية الوحيدة في البلاد التي تسيطر عليها المليشيات الإرهابية، مشيرة إلى أن الإتفاقية تهدف إلى تقويض جهود الجيش الوطني في اجتثاث الإرهاب من طرابلس.
من جانبها أدانت جمهورية مصر العربية إعلان تركيا توقيع مذكرتي تفاهم في مجال التعاون الأمني وفي مجال المناطق البحرية مع حكومة الوفاق، لافتة إلى أن مثل هذه المذكرات معدومة الأثر القانوني ولا يمكن الإعتراف بها على ضوء المادة الثامنة من اتفاق ‘الصخيرات’ التي تحدد الإختصاصات المخولة للمجلس الرئاسي.
وتنصُّ المادة على أن المجلس بأكمله وليس رئيسه منفردا من يملك صلاحية عقد اتفاقات دولية.
وطالبت مصر المجتمع الدولي بالتحرك الفوري والإضطلاع بمسؤولياته لمواجهة هذا النهج السلبي في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود بشأن مؤتمر برلين للتوصل إلى اتفاق شامل يعالج كافة جوانب الأزمة الليبية.
من جانبه عبّر وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتزياس عن رفض بلاده للإتفاقية قائلا إن أي اتفاقية حول إقامة منطقة حصرية بين تركيا وليبيا أمر غير مقبول ولأي سبب كان. .
واستدعت وزارة الخارجية اليونانية السفير التركي بوراك أوزوجيرجين، وأوضحت أثينا أن الإتفاق سيكون انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي للبحار. ويرى محللون سياسيون أن السراج قد لجأ إلى توقيع مذكرة التفاهم مع تركيا بسبب الضغط الكبير الواقع عليه لكبح هجمات قوات الجيش الوطني على العاصمة طرابلس.
وجاءت الإتفاقية بعد لقاء الوفد الأمريكي رفيع المستوى بالمشير خليفة حفتر منذ أيام حيث تحدثت تقارير عن إمكانية التغير في الموقف الأمريكي تجاه الوضع في ليبيا.
وكانت تقارير قد تحدثت عن اطلاع ترامب على هذه المذكرة وأعطت الضوء الأخضر لتركيا للإستمرار في التوقيع والإعلان عن الإتفاق وهو ما ترتب عليه الإجتماع الأخير للقائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر مع مستشار الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي ناقش فيه آلية إنهاء الحرب.
وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، مساء أمس الخميس، اتصالا هاتفيا، مع كل من وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، ووزير الخارجية القبرصي، نيكوس خريستودوليدس،”تداول مع كل منهما الإعلان عن توقيع الجانب التركي مذكرتي تفاهم مع فايز السراج، في مجالي التعاون الأمني والمناطق البحرية”.
من جهته،صرح ضابط مصري سابق بأن دولته ستقف بالمرصاد لأي تهديد تركي في البحر الأبيض المتوسط، مشيرا إلى أن الإتفاق بين البلدين غير قانوني ولا يراعي مصالح الدول المجاورة.
وفي مقابلة خاصة مع قناة روسيا اليوم، علق الضابط المصري تامر الشهاوي قائلا:” على أردوغان أن يكف عن أحلام اليقظة ورغبات التوسع الإقليمية المسيطرة على سياساته والتي تتسم بالرعونة والإعتداء على حقوق الغير ويخالف كل قواعد المجتمع الدولي، وأتصور أنه قد آن الأوان لإجراءات دولية تجاه النظام التركي”.
من جهته،كشف المبعوث الخاص لرئيس المجلس الرئاسي في دول المغرب العربي، جمعة القماطي، عن بعض محتوى الإتفاقية الأمنية بين تركيا وليبيا التي” تتضمن مساعدات عسكرية كبيرة ولوجيستية وفنية لحكومة الوفاق في إطار التدريب وتزويدها ببعض المعدات المهمة والرصد والإتصالات والتشويش على العدو وتزويد حكومة الوفاق بأسلحة نوعية”.
وأضاف قائلًا : ” بعد اتفاقية أمس ستصل البارجات التركية بأحدث المنظومات لدعم طرابلس”.
ويرى عديد المراقبين لمجريات الأحداث بالمنطقة أن هذا التصعيد الخطير من قبل السراج قد يجعل من ليبيا ساحة حرب إقليمية لايمكن التنبؤ بتداعياتها،خاصة في ظل وجود أطماع تركية “تاريخية” واقتصادية في المنطقة.
ويأتي اندفاع أردوغان وراء مساندة السراج المدعوم بالميليشيات المسلحة والعناصر الإرهابية المعروف أغلبها دوليا، ضمن محاولاته لإنقاذ جماعة الإخوان المسلمين بعد الضربات القاصمة في مصر وسوريا والسودان.