أخبار العالمأمريكاأوروباالشرق الأوسطبحوث ودراسات

هل كان المشهد السريالي بين ترامب وزيلينسكي فيلما مخططا له؟

لقاء ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض هو في الواقع زيارة عادية جدا وزيلنسكي موافق على صفقة المعادن مسبقا ومن دون شروط، وترامب سيواصل ما بدأه سلفه بتسليح اكرانيا والإدعاء بحتمية إنهاء الحرب، والوضع طبيعي جدا ولكن ترامب الذي يحب “الشو” والممثل الكوميدي في الأصل زيلنسكي أرادا للزيارة أن تأخذ منعرجا جديدا وكذلك “شوا”، وأن يظهر ترامب في جلباب “سيّد العالم الذي لا يكبر في عينه أحد” وزيلنسكي يمكنه الرد علىى أقوى رئيس في العالم ليصبح أمام شعبه زعيم ويستقبل بالتهليل والإحتفال في أكرانيا المهزومة.

 فترامب من خلال هذا الموقف المتعجرف الذي لا يمت للديبلوماسية العالمية بصلة، قد أوصل رسالة مفادها أنه يستطيع أن يهين ويطرد ويلزم من يشاء، كيف لا وهو اليوم راعي بقر العالم…

كادت أن تكون زيارة عادية ولكن “السينيارست والمخرج” أرادوا فيلما من خارج الصندوق لإقناع المشاهد وخاصة للعبرة لمن يعتبر وكل حكام ورؤساء العالم يمكن أن ينتظرهم مثل هذا الموقف إن لم يستجبوا لعنهجية هذا المغرور.

الرئيس الأوكراني بعد أن جاء ومعه عقود التوقيع وأعلن قبلها أنه مستعد للتوقيع فجأة وبقدرة قادر رفض توقيع الاتفاق الذي كان يُفترض أن يؤدي لما عرف ب “اتفاقية المعادن النادرة” بين البلدين.

السؤال الذي يطرح مثل هذه الحوارات تحصل وأكثر منها في الغرف المغلقة ولكن لماذا الطرفان إجراؤها أمام الصحافيين؟ هل فعلا زيلنسكي قد تفاجأ من فتح الحوار أمام الإعلام أم المشهد مدبّر له مسبقا؟

وفي رواية أخرى يقال كادت الأمور أن تمشي كما هو مخطط لها لولا حصول جدال كلامي سيّء أمام الصحفيين بين ترامب ونائبه “جي دي فانس” من جهة، وضيفهما زيلينسكي من جهة ثانية، ولولا لم يُطلب من رئيس أوكرانيا أن يغادر البيت الأبيض مع الوفد المرافق له بلا غداء، ولولا التعليقات والمواقف التي شغلت الرأي العام العالمي كله، تحت سؤال:

لماذا جرى ما جرى أمام الإعلام؟

مراحل زيارة زيلنسكي للبيت الأبيض

المرحلة الأولى : استقبال رسمي أمام الباب الرئيسي، مبسّط وضاحك، بدأ بالغمز من مسألة اللباس غير الرسمي.

المرحلة الثانية: جلسة مع المسؤولين بعيدًا عن الإعلام.

المرحلة الثالثة: فتح الجلسة أمام وسائل الإعلام:

 يطرح سؤالًا إن كان كل ما حصل من كلام أمرًا مدروسًا ومخطّطا له؟ فلماذا قال ترامب في نهاية الجدال: “أظن أننا اكتفينا.

 واضاف ترامب “لحظة تلفزيونية جيدة. ما رأيك”؟

هنا قرر ترامب أن زيلينسكي “ليس في وضع يسمح له بالتفاوض” وأن تصريحاته تفتقر بشدة إلى الاحترام/ واتّهمه بوضع نفسه في مأزق/ وأنه لا يملك أي أوراق مساومة، ولا يشكر أميركا/ ويقامر باندلاع حرب عالمية ثالثة/ وأنه ضعيف بلا الولايات المتحدة”.

المرحلة الرابعة والأخيرة: بعد المشادة الكلامية غير عادية، اجتمع ترامب مع مستشاريه (نائب الرئيس جيه دي فانس، وزير الخارجية ماركو روبيو وزير الخزانة بيسنت ومستشاريه الكبار الآخرين) ثم أمر بمغادرة الوفد الأوكراني وإلغاء المؤتمر الصحفي له ولضيفه وإلغاء تناول الغداء لإستكمال الفيلم “الترامبي” الهوليودي.

في هذه الأثناء كان الأوكرانيون محتجزين في غرفة منفصلة وقريبة ​​وهو أمر غير معتاد عند زيارة أي زعيم أجنبي، إذ يذهبون عادة إلى غرف أخرى، ثم يجتمعون لتناول الغداء. (وهو مالم يحصل مع أن الغذاء كان مجهّزا على عربات في ممر قرب مكتب السكرتير الصحفي، لكن تعليمات صدرت للأوكرانيين بالمغادرة على الرغم من احتجاجهم وطلبهم مواصلة المحادثات. لكن قيل لهم لا ربما زيلنسكي قد خرج قليلا عن النص المتفق عليه، فهو ممثل جيد وتعوّد على الأدوار وتعوّد على وضع لمسات خفيفة لدوره وربما هذا ماأعجب به ترامب و”شلّته” وقالوا فلنكمل الفيلم الى الأخير بعد هذا النجاح المبهر.

كيف كان الإنطباع العالمي؟

في الساعات الأولى التي تلت اللقاء، العالم كلّه حبس أنفاسه فلم يتعوّد أحدا من العالم على مثل هذه الحوارات ربما كانوا يسمعون بها ضمن تسريبات الغرف المغلقة أما على الهواء ومباشرة فهذا يدعوا للتفكير ولإعادة مشاهدة اللقاء الحدث”.

فلقد سادت أجواء الدهشة من سلوك ترامب وفريقه، على اعتبار أن الإهانات من قبلهم طالت “حليفًا استراتيجيًا” وشريكًا في حرب أساسية مستمرة منذ ثلاث سنوات.

كانت التعليقات تتناول المهانة التي تعرّض لها زيلنسكي، والإذلال الأميركي المتّبع في التعامل مع رؤساء الدول هنا  الكل إستيقض على حقيقة “ترامبية” أنه لا فرق بين الدول الحليفة والصديقة والعدوّة.

وفي رواية أخرى بدأ الخبراء يتحدّثون عن “الفخ الأميركي” الذي نُصب لزيلنسكي، بدليل فتح اللقاء فجأة أمام الإعلام، لإحراج الضيف أمام الكاميرات والصحافيين تماما كما حصل مع الملك الأردني عبدالله ولكن الملك فهم الفخ ولم يسقط فيه. فهي حيلة دبلوماسية تسلكها الإدارة الأميركية الجديدة،  إذ تجعل الضيف بمواجهة الأمر الواقع، وهو غالباً أمر واقع لا يتفق مع رغبات الضيف ومصالحه، فلا يملك إلّا الإذعان والإحراج.هذا من ناحية ووجهة نظر في التحليل “سياسة الأمر الواقع” ربما يكون صحيح، ولكن وبعد مرور قرابة الأسبوع على اللقاء ربما سيكون للمحللون والخبراء رأي ثاني وثالث فلم تفصح بعد الزيارة عن خلفياتها وخبياها والحقيقة.

فلنرجع للمشهد في سطحيته، قابل زيلنسكي المفاجأة بمفاجأة، لم يسكت أمام الإعلام والصحافيين ولم يستحِ أمام عظمة ترامب وفريقه الغريب، الممثل زيلنسكي فهم الدور الموكل له واقتبسه فتكلّم بشكل عادي وأعرب عن هواجسه وآرائه، ولو سُمح له بالكلام أكثر لتكلّم أكثر، لكنه قوطع بالاتهامات والعبارات الإذلالية.

فوجئ ترامب العجوز الماكر ونائبه الشاب المتغطرس بعدم انصياع زيلنسكي وبعدم رضوخه، فهو لم يسكت وناقش وربما كانت في جعبته الأكثر وربما كذلك خرج عن النص المكتوب فكانت ردّة فعلهم متهوّرة، فلقد كالوا له من الإهانات ما كالوه وظهر عليهم الغضب الشديد.

حوار الإهانات ولقاء “رؤساء عصابات” منهم من يعتبر نفسه “عظيم” ومنهم من يعتبر نفسه رئيس عصابة شاب بطل” لأجل هذا التسلسل، رأى بعض النقاد أن زيلنسكي تحوّل إلى بطل إذا ما قورن موقفه بموقف الملك الأردني، الذي تعرّض لنوبة عالية من التوتر والضغوط النفسية، ظهرت أعراضها الجسدية مباشرة من خلال الحركات اللاإرادية والتقلّصات، التي ضربت أعصاب العين والوجه عنده، وأمام كاميرات الإعلام والصحافيين ولكن الملك قد إمتص الغضب ولم ينسق الى المربع الذي أراده ترامب وعصابته بل تحكم في أعصابه بحسب الكثير من المراقبين ولهذا كذلك رفض الرئيس المصري دعوة ترامب لأنه يدرك تماما أو قيل له عن السيناريو المرتقب.

لكن لماذا فعل ترامب وفريقه هذا مع شريكهم زيلنسكي؟

ما صدر عن ترامب ونائبه، جعل الكثيرين يتساءلون عن الدوافع التي جعلت الأمور تصل إلى هذا التعقيد، لماذا عومل الضيف وهو رئيس دولة كبرى بتلك الطريقة المهينة؟

لماذا تهجّم عليه ترامب ونائبه في الوقت الذي تفرض فيه اللياقات الديبلوماسية أن يحاول أحدهما أن يرخي إذا لاحظ أن الآخر يشدّ أكثر من المعتاد؟

 لا بدّ من تحليل بعض الدوافع التي تؤدي للفرضيات التالية:

هل هي مناورة أرادها ترامب ليقنع بوتن بخسن النوايا؟

لنقل من البداية أن الدولة العميقة والإدارة في البيت الأبيض هي نفسها ولها نفس التمشي ولا يهمهم الرئيس الجمهوري أو الديمقراطي وترامب يعي ذلك جيدا وهذا يعلمه الجميع وأول مبتدأ في السياسة الأمريكية.

وبعيدا عن السياسة العامة ينظر ترامب والحزب الجمهوري في أميركا إلى بعض المصالح مع روسيا، فعلاقة ترامب والحزب الجمهوري مع روسيا بخلاف علاقة بايدن والحزب الديمقراطي. هذا التباين في المواقف ربما يكون قد دخل كعاملٍ على خط الصراع، لأن أولوية ترامب هي دائما المصالح والمكاسب والأرباح، وليس الأشخاص أو تاريخ العلاقات. لقد صرّح ترامب للصحفيين بعد اللقاء قائلاً إنه لا يعتقد أن زيلينسكي يريد السلام.

فهل سيصدّق العالم قوله؟

زيلنسكي وترامب قد قام بدورهما على أحسن ما يرام وفي البداية قد أقنعا العالم بأنه هناك فعلا خلاف عميق بين الرجلين ولكن كبار الساسة والمحللين يعلمون جيدا أن هذا غير صحيح وأنه فيلم خبيث من العجوز ترامب وفريقه الشيطاني وزيلنسكي الخبيث.

الضغوط المادية والتحدّيات الاقتصادية

يدرك ترامب أن إدارته وبلاده تعانيان من ضائقة مادية وتحدّيات اقتصادية، وقد عوّل على اتفاقية المعادن آمالًا كبيرة للتخفيف من الأزمات المادية، ولكنه في نفس الوقت يريد كسب روسيا بوتن ويريد أن ينفّذ وعده الإنتخابي من أنه سينهي الحرب في أكرنيا وأوهم الروس من أنّه قادر على الضغط على زيلنسكي وأوروبا، وفي الواقع هو يريد لهذه الحرب أن تستمر لإرضاء شركات السلاح وتجار السلاح الذين وعدهم ببيع سلاحهم وإشعال العالم بحروب كبرى.

وفي إتفاق سرّي طلب ترامب من زيلنسكي أن يرفض الإتفاقية المعادن النادرة التي كان مستعد لها،  حتى يتصرّف ترامب على أنه غاضب ومتفاجئ ليصل ويهدده بإيقاف التمويل والمساعدات بشكلٍ كلَي إذا رفض التوقيع على اتفاقية المعادن، وعلى الرغم من التهديد فإنه لم يوقّعْ ولم يرضَ بتنازلات أكثر، وهذا ما أدّى بالفعل إلى إيقاف بعض الأنظمة التمويلية لكثير من المشاريع التي كانت تحظى بالدعم الأميركي المالي ولكن بالأمس قد وصلت دفعة سلاح جديدة من أمريكا الى أكرانيا وهذا طبعا يثير التساؤل ما مدى جدّية التهديدات؟ وما مدى جدية اللقاء؟.

رسالة مبطّنة إلى أوروبا

كان طلب بوتن من ترامب لإنهاء الحرب ورفع العقوبات الأوروبية على روسيا مبدئيا من أجل بدأ مرحلة الثقة ولكن الأوروبيين يرفضون هذا الإتفاق بين بوتن وترامب ويعتبرونه إهانة لهم وقد بدؤا فعلا في التلويح بأوراق ضغطهم.

وبحسب العديد من المحللين قد كان اللقاء كلّه توزيع للأدوار الذي بدا كأداءٍ متفق عليه سابقًا بين الرئيس ونائبه وزيلنسكي، وبمثابة رسالة تحذيرية وتهديدية إلى أوروبا كلها.

خصوصًا وأن البيت الأبيض لم يوجّه دعوة رسمية للزيارة، وأنّ ترامب كما قيل لم يكن يرغب باستقباله، والرئيس الفرنسي ماكرون أوعز له بالذهاب إلى واشنطن، والأوروبيين عملوا على إقناعه بالزيارة وإتمام صفقة المعادن.

رأى بعض المحللين أن السلوك الأميركي يحتوي على أكثر من رسالة للقارة الأوروبية كلها.  وقد كرر ترامب جملته موبخًا رئيس أو كرانيا “بلادك في مأزق كبير. بلادك في مأزق كبير” هذا يعني وكأنه يقول للأوروبيين: ستحتاجون أنتم إليّ وإلى مساعدتي ودعمي ومشاريعي وخططي ولست أنا من يحتاجكم.

سلوك ترامب مع زيلنسيكي: عدم الإحترام والإحتقار ولكن أمريكا تحتاجه

 يرى ترامب في شخصية الرئيس الأوكراني زيلنسكي، شابًا صغيراً على الأقل مقارنة بعمره قليل الحنكة السياسية والفهم بالمصالح الاستثمارية الكبرى، لذلك هو لا يستطيع أن يعامله بطريقة أخرى.

كان سلوكه معه أشبه بتعامل الكبير مع طفل صغير، يحوطه بيديه في الاستقبال، يقول له ملابسك أنيقة وجميلة بعد أن سخر منها في البداية، ثم يحرّك يديه عدة مرات بحركات عدائية تجاهه، وفي إحدى المرات بدا وكأنه يوشك أن يدفعه نحو الخلف. ما ظهر هنا هو الاستصغار لصورة رئيس الدولة الكبيرة، الآتي بلا بدلة رسمية أيضًا، وهذا ما يصنّفه الأميركيون في خانة الاستهزاء بأعرافهم وبروتوكولاتهم الديبلوماسية.

إلى أي مدى لعبت المعتقدات الشخصية التي يؤمن بها ترامب دورًا في تحقير زيلنسكي أيضًا؟

 من حيث النوع الاجتماعي والانحرافات الجنسية ذات الميول الشاذة للرئيس الأوكراني، وهي معتقدات يحاربها ترامب علنًا، ويحتقر ذويها ويعمل على إقصائهم، فهل تكون النظرة بهذا الخصوص أسهمت في الرغبة بتحقير الرجل أكثر؟

الديبلوماسية الأميركية الاستعلائية كما تمظهرت في اللقاء

كان اللقاء مشبعًا إلى أقصى حد بما يسمّى “تربيح الجميل” الذي يتناقض عادة مع القيم الأخلاقية، لكن بالنسبة للديبلوماسية الأميركية فالأمر سمة وعادة وطبع والعنهجية والتعالي قد دخل لقاموس الرؤساء الأمريكان منذ عهد بوش الأب.

الخطاب الذي وجّه للرئيس الأوكراني جاء محمّلا بنوع من التأنيب والتحقير، يخيّل للباحث أن ترامب ونائبه جلسا لوقت طويل مع خبراء نفسانيين للاستعداد لهذه المواجهة الساخنة، كأنّ الثلاثة لاعبون على حلبة مصارعة والجمهور ينتظر من سيفوز بالضربة القاضية. تناوب الشريكان الأميركيان توزيع الدوار الكلامية المهينة.

الفوقية والصلف والتكبر والاستعلاء

 مع إصبع التقريع الذي لا يتوقف قال ترامب عن زيلنسكي بنوع من الاحتقار أو اللامبالاة “قال إنه سيأتي ولا مانع لديّ أن يأتي إذا كنا سنوقع على اتفاق/ ليس مسموحا لك أن تتكلم/ استخدمتَ معداتنا العسكرية في هذه الحرب/ لولا معداتنا لانتهت الحرب/ كيف تقول تُركتم لوحدكم؟ أتحدث عن الدبلوماسية التي ستنهي الدمار اللاحق ببلدك… أنت تغامر بحياة الملايين، أنت تقامر بحرب عالمية ثالثة،اصغ إليّ، أعرب عن بعض الامتنان للولايات المتحدة الأميركية، ليس مسموحا لك أن تتكلم

إذلال الآخر جزء من سلوك طبيعي لدى الديبلوماسية الأميركية: نلاحظ تكرار صيغة فعل الأمر في كلام فانس (قل شكرا) وزيلينسكي يرد: قلتها مرات عدة. يعاود المضيف التكلم بازدراء وغضب: هل تقدمت بالشكر ولو لمرة؟ أعرب عن بعض الامتنان للولايات المتحدة الأميركية وللرئيس الذي يحاول إنقاذ بلدك…

ازدواجية غير مفهومة

في تعبير ترامب حول موضوع البدلة الرسمية، سأل ضيفه في البداية وهو يستقبله أمام المدخل الرئيسي ساخرًا ومستهزئًا: ألا تملك بدلة رسمية؟ انظروا، انظروا إليه… ولكن في الجزء الثاني من حديث البدلة أمام الصحافيين، تكلم ترامب بلغة أبوية وتدخّل كداعمٍ معنوي، كمن يدافع عن طفلٍ يتعرض للتنمر، هذا ما بدت عليه الصورة وهو يقول: “أنا أحب ملابسك، أعتقد أن ملابسه جميلة وهي ملابس أنيقة (كرّرها مرتين) وكأن ترامب يتمنى أن يرتدي ملابس مشابهة خالية من الرسميات. يقع هذا التفصيل في دائرة التنافر المعرفي الواضح، بحيث لم يستطع ترامب تحديد موقفه الذي راوح بين متناقضين وهذا ما يدلّ أن الأمر مخطط له ومدبر بين ترامب وفريقه وزيلنسكي “الرخيص”.

مستقبل العلاقة مع أوروبا

أوروبا اليوم مع ترامب بدأت في التملص من الشراكات الكبرى مع امريكا وبدأت العقلية الأوروبية تدرك أنه يجب فطّ الإرتباط مع الأمريكان وخاصة الذهاب نحو الإنسحاب من حلف الناتو وبدأ الإتحاد الأوروبي بتخصيص مليين اليوروا من أجل دعم الميزانيات الدفاعية الأوروبية…

وفي المقابل العقلية الأمريكية تريد الآخر على مقاسها هي، وكما تريد هي، وكما ترغب بحسب معاييرها الخاصة، لم تعتد أميركا كثيرًا في تاريخها الحديث على من يتحدّاها أو يرفض إملاءاتها، والرئيس الأوكراني لم يبدِ تحدّيًا بقدر ما أبدى نوعّا من التملّص من اتفاقيات جائرة، لكنه تسبّب بإلغاء صفقة المعادن على أية حال، وتسبّب بنقمة أوروبية كبيرة تجاه  إدارة ترامب.

 وهي نقمة آيلة إلى التصاعد، ولربما أدّت إلى قرارات مفاجئة على صعيد التعاون بين القارّتين، والتعاون لم يعد كما كان بعد الإجراءات الجمركية الجديدة وقرارات إقفال المصانع خارج الجغرافية الأميركية، ولذلك كله فإنّ هذا اللقاء يعدّ نقطة تحوّل مهمة، قد ينتج عنه قرارات مصيرية في أمكنة أخرى.

وفي الختام وعلى الأرجح ترامب وفريقه وزيلنسيكي قد لعب دورهما جيدا والمستهدف هما الصين وروسيا بالتحديد… والأيام المقبلة كفيلة بإثبات ذلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق