تفجرت أزمة ثقة بين الإئتلاف الحاكم في إيطاليا دفعت برئيس الحكومة جوزيبي كونتي إلى تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية سيرجو ماتاريلا. ووصف رئيس الحزب الديمقراطي المعارض، باولو جينتيلوني حكومة الإئتلاف الثنائي(حركة خمس نجوم-حزب الرابطة) التي أعلن كونتي نهاية تجربتها في الحكم في خطاب أمام مجلس الشيوخ، بأنها “واحدة من أسوإ الحكومات في (تاريخ) الجمهورية الإيطالية”.
واعتبر خبراء ليبيون أن استقالة رئيس الوزراء الإيطالي، الثلاثاء الماضي، تعد خسارة لحكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج.
ووصف عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي،طارق الجروشي،استقالة كونتي بأنها” خبر سعيد” بالنسبة لليبيين، مشيرا،في تصريحات لموقع” العين الإخبارية”الإماراتي، إلى أن “حكومة السراج غير الدستورية في طرابلس باتت في مهب الريح بعد انسحاب الحكومة الإيطالية الداعمة للميليشيات، كما تعد خسارة سياسية لحكومة السراج غير الشرعية “.
“. إلا أن متابعين آخرين يدعون إلى الحذر والتريث في إطلاق التصريحات المتفائلة، بالنظر إلى ثبات”عقيدة الدولة الإيطالية” المتمثلة في مراعاة مصالحها بالدرجة الأولى والتي يقع محملها بالغرب الليبي تحت سيطرة حكومة السراج التي تحميها ميليشيات الإسلام السياسي،إلى جانب مسألة الهجرة السرية انطلاقا من السواحل التي تسيطر على أغلبها الميليشيات المسلحة،علاوة على أن إيطاليا تحتفظ بقاعدة عسكرية في مطار مدينة مصراتة،وقد اعترفت وزيرة الدفاع الإيطالية مؤخرا بوجودها،بينما دأبت السلطات الإيطالية في السابق على نفي إقامة أي قاعدة لها بالمدينة.
ويبدو أن هناك توافقا إيطاليا لايزال قائما بالوقوف مع حكومة السراج في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع على الميدان في الحرب التي تدور بضواحي طرابلس،وعندئذ ستضطر إيطاليا إلى تعديل بوصلتها وإعادة النظر في حساباتها أمام تقدم قوات الجيش الليبي.
وكان جوزيبي كونتي عمل منذ توليه رئاسة الحكومة على عقد العديد من اللقاءات الدولية،وأبرزها مؤتمر باليرمو، لمحاولة توحيد الرؤى السياسية والخروج من الأزمة الراهنة،في وقت كان الكثير من الليبيين يتهمونه بالإنحياز إلى جانب السراج الذي جاء على ظهر بارجة إيطالية ويتنفس بالأكسجين الإيطالي بدعم تركي وقطري.
كما وقّعت الحكومة الإيطالية عددا من الإتفاقات مع حكومة الوفاق في طرابلس أبرزها تلك التي تم إبرامها عام 2017 لتعديل اتفاقية الصداقة الليبية الإيطالية الموقعة عام 2008،وقد قوبلت تلك الإتفاقيات باستهجان ورفض من قبل مجلس النواب الشرعي.
وأجمع عديد وسائل الإعلام الإيطالية والأوروبية على أن “خطاب كونتي في أثناء تقديم استقالته، ينهي مرحلة تجربة حكم شعبوية ستترك أثرا لمدة طويلة على الممارسات السياسية ليس في إيطاليا فقط، بل في أوروبا فضلا عن انعكاساتها على ليبيا بحكم الإنخراط الإيطالي في الصراع الدائر حاليا هناك.